دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل أبرزها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في شمال غربي سوريا، تسببت في مقتل 35 مقاتلاً من الطرفين في غضون 24 ساعة، وفق ما أحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الاثنين.
وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل أخرى على محافظة إدلب وأرياف حلب الغربي وحماة الشمالي واللاذقية الشمالي الشرقي. وتتعرض المنطقة منذ نهاية الشهر الماضي لقصف سوري وروسي كثيف، رغم أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي – تركي تم التوصل إليه العام الماضي.
وأفاد «المرصد» عن اشتباكات عنيفة بين قوات النظام من جهة وهيئة تحرير الشام وفصائل من جهة ثانية، في منطقة جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، لا تزال مستمرة منذ الأحد وتتزامن مع «غارات روسية وقصف متواصل بعشرات القذائف والصواريخ من قوات النظام».
وتسببت المعارك والقصف خلال 24 ساعة في مقتل 16 عنصراً على الأقل من قوات النظام، مقابل 19 قتيلاً من الفصائل، بحسب «المرصد».
وتتعرض مناطق في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي لقصف جوي وبري كثيف الاثنين. وأفاد «المرصد» عن غارتين روسيتين استهدفتا مركزاً للدفاع المدني في بلدة كفرنبل، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة.
وقال المسؤول عن الدفاع المدني في منطقة معرة النعمان عبادة ذكرى لوكالة الصحافة الفرنسية: «تمّ استهداف المركز بصاروخين شديدي الانفجار بشكل مباشر، ما تسبب بدمار هائل فيه وخروج آليات عدة من الخدمة». وأوضح أن طاقم العمل كان قد خرج من المركز قبل 10 دقائق من استهدافه في طريقه إلى بلدة مجاورة تعرضت للقصف. وتسببت قذائف أطلقتها الفصائل على مدينة السقلبية ذات الغالبية المسيحية في ريف حماة الشمالي الاثنين، في مقتل مدني وإصابة 5 آخرين بجروح، بحسب «المرصد».
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الحصيلة ذاتها.
وتمكنت قوات النظام من التقدم في ريف حماة الشمالي، حيث سيطرت على قرى وبلدات عدة أبرزها كفرنبودة. ولم تعلن دمشق رسمياً بدء هجوم واسع لطالما لوحت بشنه على إدلب ومحيطها، لكن الإعلام الرسمي يواكب يومياً تقدم قوات النظام.
وتخضع المنطقة لاتفاق روسي – تركي تم التوصل إليه في سبتمبر (أيلول) الماضي، نص على إقامة منطقة «منزوعة السلاح» تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل. إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذه بعد.
ونجح الاتفاق في إرساء هدوء نسبي إلى حين تصعيد قوات النظام ثم حليفتها روسيا قصفها بدءاً من فبراير (شباط).
ودفع تكثيف دمشق وموسكو وتيرة قصفهما منذ نهاية الشهر الماضي عشرات آلاف المدنيين إلى النزوح من المناطق المستهدفة.
من ناحية اخرى دعا القائد العام لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني في مقابلة مصورة إلى «حمل السلاح» للدفاع عن معقل قواته في شمال غربي سوريا، معتبراً أن تصعيد القصف السوري والروسي أسقط كافة الاتفاقيات حول إدلب.
وقال الجولاني في مقابلة أجراها معه الناشط الإعلامي في إدلب طاهر العمر الذي نشرها على حسابه في تطبيق «تلغرام»: «نتوجه لأي قادر على حمل السلاح ولأي قادر بأن يقوم بواجبه الجهادي… إلى أن يتوجه إلى ساحة المعركة».
وذكر الناشط أن المقابلة أجريت في ريف حماة الشمالي، من دون أن يتسنى لوكالة الصحافة الفرنسية التحقق من ذلك.
واعتبر الجولاني الذي ظهر في المقابلة جالساً على الأرض تحت شجرة وسط حقل يكسوه العشب الأخضر وهو يرتدي لباسه العسكري ومعه سلاحه أن التصعيد الأخير «نتاج لفشل المؤتمرات السياسية ومحاولة الخداع السياسي التي كان يُحضر لها للالتفاف على الثورة السورية من آستانة إلى سوتشي». وقال إن هذه الحملة «أعلنت وفاة كل الاتفاقيات والمؤتمرات السابقة ومن كان يرعاها أو يشارك فيها» وأظهرت أن «الاعتماد… على القوة العسكرية فقط».
وبين 29 أبريل و9 مايو (أيار) دفع القصف من الجانبين السوري والروسي أكثر من 180 ألف شخص إلى النزوح، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وطال 15 منشأة صحية و16 مدرسة وثلاثة مخيمات للنازحين.
ومنذ نهاية الشهر الماضي بلغت حصيلة القتلى المدنيين جراء القصف نحو 120 قتيلاً بينهم أكثر من 20 طفلاً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتتهم دمشق تركيا الداعمة للفصائل المقاتلة بالتلكؤ في تنفيذ اتفاق سوتشي، الذي نجح بعد إقراره في سبتمبر (أيلول) بإرساء هدوء نسبي. إلا أن قوات النظام صعّدت منذ فبراير (شباط) وتيرة قصفها قبل أن تنضم الطائرات الروسية لها لاحقاً.
ومنذ نهاية أبريل، بلغت وتيرة القصف حداً غير مسبوق منذ توقيع الاتفاق، وفق المرصد السوري.
وأعربت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن بالغ قلقها تجاه تصعيد الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا.
وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث تم نشره الاثنين أن أكثر من 120 مدنياً راحوا ضحايا العنف خلال الأسابيع الماضية.
وانتقدت الدول الثلاث الحكومتين في دمشق وموسكو في البيان الذي جاء فيه: «شن غارات جوية على مناطق مكتظة بالسكان وشن هجمات قصف عشوائية واستخدام براميل متفجرة وشن هجمات مستهدفة على البنية التحتية المدنية والإنسانية، لا سيما على مدارس ومنشآت صحية، تمثل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني».
وأضاف البيان أن هناك جماعات إرهابية إسلامية كثفت هجماتها أيضاً، لافتاً إلى أن ذلك يمثل مدعاة لقلق شديد، وجاء في البيان أيضاً: «لكن الهجوم الوحشي من قبل النظام السوري وداعميه على ملايين المدنيين الذين يعيشون في المنطقة ليس له صلة بمكافحة الإرهاب، إنه يتعلق بتعزيز الاستعادة عديمة الضمير من قبل النظام».
المصدر: الشرق الاوسط