عبد الباسط حمودة
تمر اليوم الذكرى السنوية لاغتصاب الفرس للأحواز العربية عام 1925 ضمن الترتيبات الانكليزية/الفرنسية/الروسية التي أعقبت مؤامرة سايكس- بيكو للمنطقة العربية؛ إن الأزمة التي يعانيها أهلنا بالأحواز المحتلة هي جزء من الأزمة التي يعاني منها كل سكان إيران، وهي جزء من أزمة الحرية والهوية الثقافية وقضية المواطنة في الجمهورية المسماة إسلامية بشكلٍ عام.
يقول الباحث يوسف عزيزي: إن العرب يشكلون أكثر من 7.7% من سكان إيران.. منهم 3.5 مليون في محافظة (خوزستان) وغالبيتهم من الشيعة، و1.5 مليون عربي في سواحل الخليج العربي وهم من السنة، ونصف مليون متفرقون في أماكن مختلفة من إيران.
يتوزع داخل إيران شعوب وقوميات مختلفة من حيث العِرق واللغة والامتدادات الثقافية (عرب، أكراد، بلوش)، ويمتزج هذا التنوع العرقي والثقافي بوجود مذاهب مختلفة، وتختلف هذه القوميات فيما بينها في اللغة والثقافة والمذهب، ولا يوجد اتفاق في وجهات النظر بشأن القوميات في إيران أو بشأن تعدادها، لكن أبرز الدراسات الإيرانية تحصر القوميات الموجودة في إيران اليوم في ست، هي: الفرس، والترك، والكرد، واللر، والبلوش، والعرب. وهناك من يقسمها في 11 هوية قومية. ومن الناحية اللغوية في ثلاث، هي: الناطقون بالفارسية، والناطقون بالتركية، والناطقون بالعربية، نظراً لكون اللغة الكردية وكذلك ما هو رائج بين البلوش ينضوي تحت نفس العائلة اللغوية للفارسية.
ووفقًا للتقارير التنموية الإيرانية، تُعَدُّ المناطق التي يسكن فيها العرب – وتتركز بشكل خاص في جنوب إيران – من المناطق المحرومة، رغم أنها مناطق تتركز فيها الثروة النفطية.
لا تبدو مطالب الشيعة العرب في جزء كبير منها انفصالية أيديولوجية وفق المنظور الايراني، بقدر ما هي مطالب سياسية وثقافية وحقوقية، وتنصرف في جانب مهم إلى ضرورة المساواة في الحقوق والتوازن والعدالة في توزيع الثروة، وهو ما تؤكده دراسات إيرانية كثيرة تناقش المتغيرات التي تهدد إيران قوميّاً. وهو ما يجعل النظرة الرسمية تضع هذه الجماعات القومية في خانة “المهدِّدات” للنظام والأمن القومي، وتتعامل معها بوصفها عرضة للتطورات الدولية والإقليمية مما قد يشجعها على إجراء تغيير وبناء هوية مناهضة لما يسمى بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، لذلك تعرض العرب جميعاً للاضطهاد من اعتقال والتصفية الدائمة من قبل نظام الشاه وبعده من نظام الملالي إياه مهما تلطى خلف مقولات دينية وتوازن وممانعة ومواجهة كاذبة لشركائهم الصهاينة، أو اندماج وإصلاح. أو النفاق الكبير بتحرير القدس و تعبيد طريقها الذي ما كان إلا تصفية لكل أحرار أمتنا بالأحواز وغيرها لصالح ربيبتهم إسرائيل.
وتشير الكثير من الوقائع إلى أن الاتهام بـ “محاربة الله ورسوله والإفساد في الأرض”، هي التهمة التي حوكم بمقتضاها عدد كبير من العرب المطالبين بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتساوية؛ وتؤكد شهادات عدد من النشطاء الذين شاركوا في التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها الأحواز طيلة عقود ولازالت، التوجهات التالية:
– أن مطالبهم حقوقية، سياسية واقتصادية وثقافية وأن تحركاتهم ذات طابع سلمي.
– أن الفقر والحرمان والتحقير الثقافي والعرقي الذي يتعرضون له تشكِّل دوافعهم الأساسية للتحرك.
– أن مناطقهم تعاني من التمييز وهناك سياسة ممنهجة لحرمان سكان المنطقة من ثرواتها (المائية والنفطية) وتوجيه هذه الثروات لصالح المناطق ذات الأغلبية من العرق الفارسي.
وتبرز نظرية الاستعمار في شقها الاقتصادي خاصة والسياسي عامةً، كواحدة من النظريات المهمة في بيان “أبعاد الهوية القومية” للعرب في الأحواز. فالكثير منهم يعيش ظروفاً اقتصادية صعبة، وتأتي الحالة الاقتصادية على رأس سلم المشكلات التي يواجهها عرب الأحواز، فهناك حزام من البطالة، والفقر، وسوء التغذية، والإدمان، والجريمة تعززه قوى الاحتلال؛ الذي أضاف لها أخيراً التصفية والاغراق بفيضانات المياه و السدود المائية المنفلتة بهدف التهجير وافراغ القرى و المدن الأحوازية من أهلها.
وأمام ضعف النظام الرسمي العربي وعدم شعوره بحقيقة ما يعانيه شعبنا العربي الأحوازي من الاحتلال الفارسي الذي لا يختلف أبداً من حيث الجوهر بالاستيطان الاحتلالي الصهيوني لفلسطين، لا بد من ايقاظ الشعور عامة بأن قضية الأحواز هي قضية سورية وعربية أولاً وأخيراً شأنها شأن القضية الفلسطينية. فأين نحن من كل ذلك؟