أحمد مظهر سعدو
يتواصل العدوان الروسي الأسدي الإيراني الميليشياتي على أهلنا في إدلب وريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، ضمن سياقات تقويض متعمد لاتفاق سوتشي الخاص بإدلب، الذي سبق ووقعته الحكومة التركية مع الاتحاد الروسي، عبر إصرار تركي واضح المعالم لوقف نزيف الدماء في ادلب، وكذلك منع انزياحات كبرى كان من الممكن أن تحصل لمهاجرين سوريين جدد باتجاه تركيا وبعدها نحو الاتحاد الأوروبي، ورغم إعلان روسيا عن هدنة لمدة 72 ساعة، كخطوة مفترضة باتجاه التهدئة والتي لم تلتزم لا روسيا ولا قوات النظام السوري المجرم بها، علاوة على رفض المعارضة السورية المسلحة جميعها بدون أن يتحقق موضوع عودة قوات وميليشيا النظام إلى المواقع التي كانت فيها قبل التصعيد الأخير. ما جاء بعدها أن النظام ومعه الروس مستمرون في تقويض ليس هذه الهدنة (الشكلانية) بل تقويض اتفاق سوتشي برمته. لكن يبقى السؤال هل يمكن لهدنة ما/ أية هدنة وفق المعطيات العدوانية الروسية الأسدية أن تصمد؟ وهل سيستجيب الروس لمطلب المعارضة وتركيا بإصدار أوامرهم للنظام السوري بعودة الأمور لما كانت عليه؟ وفي حال عدم الانسحاب هل من الممكن أن يتواصل التصعيد إلى ما هو أكثر شمولًا؟ وكيف ستكون المآلات فيما يتعلق بأوضاع ومصائر الناس في إدلب وما حولها؟
حول هذه المحاور أجاب بعض السياسيين والإعلاميين والعسكريين السوريين حيث أكد الإعلامي أيمن عبد النور بقوله ” الجواب ليس عند الروس ولا عند من يحمل السلاح بالطرف الآخر بل عند الأميركان، فاذا ما كانوا قد توصلوا لاتفاق مناسب لهم مع الروس فعندها ستستمر الهدنة، وإذا كان المطلوب استنزاف أكبر للروس فان المطالبة باسترجاع كامل المساحات ستبقى وسيستمر التصعيد”. وأضاف عبد النور ” الموضوع أصبح خاضعًا لواقع التصعيد الجديد الأميركي- الإيراني. كان الاتفاق السابق أن يتم الإضعاف وصولًا لإنهاء الحركات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة والموجودة في إدلب، لذلك انطلقت الحملة العسكرية بموافقة جميع المعنيين بالأمر في سورية، لكن دخول عامل التصعيد مع إيران على الخط جعل إمكانية الاستفادة مما يجري بإدلب موضع اهتمام الإدارة الأميركية عبر وسطائها العديدين. فاستنزاف روسيا واستدراج إيران أو بيع الورقة لروسيا كلها أصبحت من الأمور المطروحة، وتجعل مستقبل ادلب جزء من تلك المفاوضات الروسية الأمريكية، ومستقبل المنطقة متوقف على ذلك، سواء باستمرار الهدنة، أو سقوطها واستمرار المعارك لأجل غير معروف”.
أما قاسم الخطيب عضو هيئة التفاوض فقد قال ” هذا يتوقف على الطرف الروسي، ولكن حتى لو صمدت لفترة طويلة إلا أنها ليست نهائية، فروسيا ومعها النظام لن يقبلوا في استمرار الوضع في ادلب على ما هو عليه إلى ما لا نهاية، وفي ظل غياب تسوية سياسية كبرى”. ثم أشار إلى أن ” انسحاب النظام إلى المناطق التي كان عليها ما قبل الحملة أيضًا ممكن، وهذا يتوقف على ما تريده روسيا ومختلف الأطراف المتدخلة والفاعلة في الشأن السوري، ومآلات الحالة السورية حتى الآن غير واضحة الآفاق بحكم تباين أولويات كل طرف، وعدم وصول الأطراف المختلفة لاتفاق نهائي ينهي المسألة السورية وتعطي لمختلف الأطراف ما تريد من هذا الصراع. وأتوقع استمرار الأزمة حول ادلب وعموم سورية لفترة قادمة لم تنضج ظروفها وملامحها بعد”.
الدكتور حسن حميدي من ريف حماة أكد لاشراق ” النظام لن يوافق على الانسحاب من المناطق التي قضمها أخيرًا. وسيتحول الوضع إلى شكل من أشكال حرب الاستنزاف، أما الفصائل فأصبحت أمام موقف من الصعب قبوله على الأرض وأمام الحاضنة الشعبية. ولا يمكن الإعلان عن قبول إطلاق النار. وكذلك النظام السوري الذي يعلن دائمًا بأنه سيحرر جميع مناطق سورية من الإرهابيين فكيف سينسحب؟؟!! وكذلك الروس سيشكل الانسحاب نكسة شديدة للعنجهية الروسية. لذلك سيتحول الوضع إلى حرب استنزاف من قبل الفصائل وسيكون هناك رد من الطرف الآخر. كما هو في اللطامنة منذ فترة ليست قصيرة”.
الباحث السوري جبر الشوفي قال لاشراق ” هناك إعادة تدوير اللعبة (العسكر سياسية) وواضح أنّ الروس ليسوا مجرد غطاء لجرائم النظام في إدلب وريف حماه وجوارهما فقط، بل هم شركاء فعليون في المعارك والغارات منذ 18 يومًا، وكان إعلان روسيا الهدنة 72 ساعة وإنكارها من المعارضة، بعد السيطرة على قلعة المضيق ومناطق أخرى، بفضل غارات طائراتها المتكررة على المدنيين وارتفاع مستوى القتل والتدمير والتهجير، وعجزها بالمقابل مع تابعها الصغير عن تحقيق أهدافها المرجوة والحاسمة حتى الآن، كما يشير الواقع إلى حاجتها لالتقاط الأنفاس وإعادة تجهيز وتذخير العدة والعتاد وتهيئة السواتر وصيانة الطائرات وغيرها. كما في كل مرة لقد أثبت الروس، أنهم لا يعولون في توجهاتهم سوى على القوة والحسم العسكري، مما يشير إلى نيتهم في العودة إلى مواصلة القصف بالطيران والمدفعية ومختلف الأسلحة تنفيذًا لإعلانهم: (نرفض اعتبار الإرهابيين محصنين وسنواصل محاربتهم رغم عويل بعض شركائنا). حيث ينطوي هذا الإعلان الرسمي على نية صريحة بمعاودة العدوان، كما ينطوي على عدة رسائل، أهمها موجه إلى الشريك التركي الداعم للمعارضة المسلحة، كي تلتزم بالفهم الروسي والخط الروسي (لآستانة وسوتشي) وصولًا إلى تسليم إدلب إلى النظام برعاية روسية، وإلا فالحرب مستمرة حتى يتحقق ذلك”. وأضاف الشوفي ” تأتي رسائل بوتين إلى الأوربيين في قضية التهجير واللجوء لابتزازهم وشراء الوقت والموافقة أو السكوت منهم، وفي سبيل مقايضة مع الأميركي حول المصالح المختلفة في المنطقة وغيرها. لذا سيقوضها الطرفان بالتناوب أو التوازي، فهي لن تلبي مطالب المعارضة بتراجع قوات النظام والروس عن المناطق التي سيطرت عليها، ولن تحقق لا للنظام طموحه بالهيمنة الكاملة وإقناع العالم أنه قد تخلص من الإرهابيين وبات جاهزًا لإعادة تأهيله، كما أن الروس سيظلون يلعبون بالورقة السورية عبر السلاح والحرب وليسوا مستعدين لكي يسلموها على طاولة الدول المتنافسة والمتصارعة، أما حليفها التركي فلما يصل بعد وقد لا يصل قريبًا إلى مقايضة مناسبة لا مع الروس ولا مع الأميركان بشأن الحزام الأمني، وهذه كلها مدعاة لاستمرار الصراع وتداول أوراق اللعب بالسياسة من فوهات البنادق، وليس في الأفق كما هو واضح أية معالم لحل آني وسريع. وفي المحصلة سيعيد الروس والنظام معًا المآل إلى الحل العسكري، في ظلّ تناوم أميركي خبيث ووهن أوروبي وقلق سلبي، ومحاولة التركي الخلاص من مأزق شريكه الروسي، وهو يسعى إلى أن يخرج بأوراق الحل كلها لصالحه وفي مضمونها خدمة شكلية لتابعه نظام دمشق، مع احتجاز الدور الإيراني خارجًا كي لا يعرقل اللعبة المفترضة، بينما هم يتداولون أوراق اللعبة ويرسمون حدودها على أرض الواقع. ستسمر إدلب جرحًا مفتوحًا لفترة ربما تطول، وستظل تنتظر اتفاقًا سياسيًا عامًا بين الروس والأميركان وفي ثنياه إرضاءً ولو جزئيًا لتركيا أو إسكاتها أمام استقواء بوتين بحليفين إسرائيلي يؤدب به إيران وإيراني يساوم به الأميركان، وفي كليهما رسالة غير مباشرة يفهمهما أردوغان جيدًا ويخشى تداعياتها! إدلب تعيد تدوير اللعبة العسكر/سياسية إلى نقطة الصفر!”
رضوان الأطرش الرئيس السابق للهيئة السياسية في ادلب قال لإشراق” بدأت المعركة الأخيرة التي شنتها عصابات أسد الارهابية مدعومة من الطيران الروسي ومساندة من قبل ميليشيات إيران بعد انتهاء جولة أستانة 12 وهذا أكبر دليل على أن المعركة سياسية والهدف منها ترسيم حدود أستانة 12 وتطبيق ما تم الاتفاق عليه، خصوصًا أن هذه المنطقة هي الرابعة بالنسبة لمناطق خفض التصعيد، وقامت روسيا قبل المعركة بإنذار قرى ريف حماة بإخلاء المنطقة وفعلًا تم ذلك، ومع بدء المعركة لوحظت الهجمة الشرسة على المدنيين فقط، والاستهداف للنقاط الطبية والمدارس، والهدف إفراغ المنطقة المتفق عليها من البشر وبالأخص المنطقة الممتدة من كفرنبودة حتى سهل الغاب، وبعد ضغط الحاضنة الشعبية على الفصائل للرد استجابت الفصائل لذلك، ولكن مشاركتها كانت خجولة واقتصرت المشاركة على أبناء تلك المناطق، وهذا دليل آخر على تطبيق مقررات أستانة 12 مع اشتداد الخلاف السياسي بين الدول المتحكمة بالملف (روسيا وتركيا وايران ) كانت هدنة 72 ساعة والتي رفضتها الفصائل بشكل فوري، بسبب عدم عودة المناطق التي خسرتها مؤخرًا لها”. ثم قال ” ربما يكون ذلك بإيحاء من تركيا ضامن تلك الفصائل، ولا أتوقع انسحاب النظام منها لأن ذلك سيخلف له مشاكل كثيرة أمام حاضنته الشعبية، علمًا أن قسم كبير من قواته هنا من عناصر المصالحات الكاذبة وميزان القوة العسكرية في صالحه والذريعة التي يقاتل من أجلها موجودة ألا وهي القضاء على الإرهاب. وفرص ذلك مرهون باتفاق الدول. وأعتقد أن الغطرسة الروسية ستستمر متذرعة باستهداف قاعدة حميميم، وستسعى أيضًا لتأمين طوق حزام أمني لها، وما نطلبه من المجتمع الدولي هو تحقيق فوري لوقف إطلاق النار وتطبيق كامل لقرارات الأمم المتحدة سابقًا وأهمها 2118 و2254.”
أما الرائد السوري المنشق ابراهيم مجبور فيرى أنه ” لا يمكن لطرف لا يملك أخلاق الإنسانية ان يلتزم بما يقوله، الروس كانوا الطرف الضامن في اتفاق سوتشي وأستانا، وهم أنفسهم كانوا دائمًا السباقين إلى خرق أي اتفاق دولي، لذلك فمن البديهي أنهم لن يلتزموا بشيء، وحول استجابة الروس لمطالب تركيا أو المعارضة بعودة الأمور إلى ما كانت عليه، فهذا متوقف على أمرين الأول : قوة المعارضة العسكرية على الأرض ومدى قدرتها على صد الهجمات وتكبيدهم الخسائر، والثاني: هو قدرة تركيا سياسيًا على التفاوض في حال عدم انسحاب الروس وميليشيات الأسد من المناطق الأخيرة، ومؤكد إن التصعيد سيستمر ونحن لن نتوقف حتى دحر عدوانهم”.
الدكتور خليل سيد خليل عضو المجلس المحلي في كفر تخاريم أكد لإشراق بقوله ” رفضت المعارضة السورية مقترح الهدنة في ريفي حماه وإدلب مشترطة انسحاب النظام من المناطق التي تم السيطرة عليها مؤخرًا، وهي عبارة عن ترتيب الصفوف من قبل القوات الأسدية والروسية والإيرانية، وخاصة بعد دخول قوات من حزب الله إلى جبهة ريف حماة الشمالي، بعد فشل القوات الروسية الممثلة بسهيل الحسن ولواء (القدس الفلسطيني) في تحقيق تقدم على الجبهات، لذلك نرى أنها لن تدوم، وسيعود التصعيد الروسي على مناطق ريف حماه وإدلب أكثر قوة وتدميرًا من قبل، ويجب على الفصائل تجميع قوتهم تحت غرفة عمليات موحدة ونبذ الخلافات بين بعضهم، استعدادًا للمواجهة، وهم بحالة قوة وثبات لتحقيق النصر واستعادة ما تقدم به النظام وتحرير مناطق إضافية، وذلك بنقل المعركة لأراضي النظام.”
المصدر: صحيفة اشراق
Comments 1