أحمد عبد الوهاب
انهت السلطات التركية العمل والإقامة في مخيم جيلان بينار في ولاية أورفا جنوبي تركيا، والذي كان يضم أكثر من 9000 لاجئ سوري، مشمولين بنظام الحماية المؤقتة. ويأتي ذلك بعدما أمهلت إدارة المخيم قاطنيه مدة شهر ونصف الشهر لتدارك أمورهم، والانتقال الى ولايات أخرى باستثناء إسطنبول وانطاليا.
وأشارت دائرة الهجرة التركية في آخر إحصاءاتها الصادرة، منتصف حزيران/يونيو، إلى أن من تبقى في المخيم هم 503 أشخاص من غير القادرين على العمل وذووهم، ممن تجمعوا في قسم واحد من المخيم الكبير الذي كان يضم 11 كتلة.
وقبل انهاء العمل والإقامة ضمن المخيم، في 24 حزيران، عُقِدَ اجتماع بين مسؤولي المخيم ومندوبين عن المنظمات الإنسانية، والوجهاء المحليين “المخاتير” الممثلين للأهالي ضمن المخيم. مصدر حضر الاجتماع، قال لـ”المدن”، إن جميع الأطراف اتفقوا على ضرورة تقديم معونة “غذائية ومادية” للعائلات التي ستغادر المخيم، على أن يتم تقديرها وفقاً لعدد أفراد العائلة الواحدة. وتقرر عدم ايقاف المساعدات المادية التي يحصل عليها اللاجئون السوريون من الهلال الأحمر التركي، وضمان استمرارها للعوائل بعد تثبيت عناوين اقامتها الجديدة والحصول على بطاقة حماية مؤقتة من الولاية التي سيذهبون اليها.
وأشار مصدر “المدن”، إلى أن الجانب التركي سيسمح لبعض العوائل بالانتقال إلى مخيمات أخرى، نزولاً عند رغبتها، إذ يُفضلُ البعض البقاء في المخيمات على الانتقال للعيش ضمن المدن التركية. كما أن لدى البعض ظروفاً صحية لا تساعدهم على العمل ممن قد يتم نقلهم الى مخيمات أخرى.
وأضاف مصدر “المدن”، أن مسؤولي المخيم الأتراك عمموا إنذاراً على كافة مغادري المخيم، بعدم العودة إليه، وفي حال ضبط أي شخص يحاول دخوله بعد اغلاقه سيتم ترحيله إلى سوريا.
الجانب التركي برر للأهالي تفكيك المخيم واخلاءه، بأنه تأسس لحالة خاصة وهي احتواء موجات النزوح الأولى بغرض الإقامة المؤقتة لا البقاء الدائم فيه. كما ان الحكومة التركية تسعى من خلال تفكيك المخيمات لدمج اللاجئين السوريين مع الشعب التركي وتمكينهم من التعايش بعيداً عن المساعدات الإنسانية.
وتداولت وسائل اعلام تركية اخباراً عن مخاوف الجانب التركي من تعرض حياة اللاجئين السوريين للخطر في حال بدء المواجهة مع التنظيمات الكردية شرقي الفرات، ما استوجب اخلاء المخيمات.
كما لا يمكن ابداً انكار الضغط الذي تتعرض له الحكومة التركية من بعض أحزاب المعارضة، التي تطالب بإخلاء المخيمات لتوفير المال المنفق عليها لصالح خدمة الشعب التركي.
السلطات التركية انهت أيضاً في 21 حزيران، العمل والإقامة ضمن مخيم سروج، الذي يقدر عدد قاطنيه بأكثر من 15000 في ولاية اورفا، وقدرت دائرة الهجرة في تركيا أعداد المتبقين في المخيم والذين تم تجميعهم في كتلة واحدة ضمن المخيم بأكثر من 1000 شخص.
قاطنو المخيمات التي تم اخلاؤها انقسموا بين مؤيد ومعارض. وكانت وجهة نظر المؤيدين أقرب لخطاب الجانب التركي، ومع سياسة الدمج، التي قد تساعدهم على تطوير ظروف حياتهم الاقتصادية وتوفير تعليم أفضل لأبنائهم، وتحصيلهم فرصاً جيدة لتطوير حياتهم اجتماعياً بعيداً عن تلك التي عاشوها طوال فترة بقائهم في المخيم.
إبراهيم 30 عاماً، غادر مخيم جيلان بينار، متجهاً الى ولاية مرسين، وقال لـ”المدن”، إن تطوير اللاجئين السوريين على الصعيد الثقافي او الاجتماعي او العلمي، يتطلب العيش في بيئة أكثر مدنيّة، بعيداً عن جو المخيمات التي تورث الأجيال الكسل والبطالة والاعتماد على الغير لتحصيل القوت اليومي.
وطالب إبراهيم بأن تساعد إدارة جيلان بينار في تسريع تسليم “بطاقة الحماية المؤقتة” الجديدة من الولايات التي توجه إليها اللاجئون، ليتمكنوا من البدء بالعمل، ويستفيدوا من الخدمات الطبية المقدمة لهم، وحمايتهم من عمليات النصب والاحتيال التي يتعرضون لها بسبب فساد بعض الموظفين في الدوائر المعنية بمتابعة شؤون اللاجئين، المتعاملين مع سماسرة سوريين.
معارضو الإخلاء، وهم قلة قليلة، تذرعوا بضيق أوضاعهم المادية، وعدم قدرتهم على الانتقال إلى المدن وتحملهم أعباء ايجار المنازل والمصاريف اليومية. إلا أن مبرراتهم لا تتوافق مع مصير مئات آلاف السوريين الذين وصلوا الى تركيا قبل سنوات، وتمكنوا من التأقلم والعيش في تركيا من دون حاجة الحكومة التركية او مساعدتها.
وأكدت مصادر “المدن”، أن أكثر من 5 مخيمات سيتم تفكيكها خلال الشهرين القادمين، من بينها مخيم حران في ولاية اورفا والذي يضم 9000 شخص، ومركز في كهرمان مرعش، وبي داغي في ولاية ملاطيا، والبيلي في ولاية كلس.
وحده مخيم صاري جام في ولاية اضنة، والذي يقطنه أكثر من 27000 لاجئ سوري، وصل الى قاطنيه تخيير من إدارة المخيم بين المغادرة باتجاه المدن التركية، أو البقاء فترة مؤقتة حتى صدور قرار رسمي بإخلائه.
وأشارت مصادر “المدن”، إلى ان اخباراً سُربت عن المنظمات التركية المسؤولة عن متابعة شؤون اللاجئين في المخيمات، تفيد بان السلطات التركية قررت انهاء تواجد كافة المخيمات والإبقاء على ثلاثة مخيمات فقط مخصصة لغير القادرين على العمل بسبب ظروفهم الصحية.
ووفقاً لإحصاءات إدارة الهجرة التركية حتى بداية حزيران/يونيو، وصل عدد اللاجئين السوريين، إلى 3.504 ملايين، وهناك ما يقرب من 109.726 لاجئاً مشمولاً بنظام الحماية المؤقتة، موزعين على 8 محافظات ضمن 13 مخيماً.
المصدر: المدن