منهل باريش
قصفت المدفعية التركية القواعد العسكرية للنظام السوري في الكريم وقبر فضة، ليل الخميس وصباح الجمعة الفائتين، رداً على استهداف نقطة المراقبة التركية العاشرة عصر الخميس.
وتعرضت النقطة التركية لقصف مدفعي من قوات النظام المتمركزة على الجانب الغربي من سهل الغاب على ثلاث دفعات، ما أدى إلى مقتل جندي تركي وجرح ثلاثة آخرين، حسب بيان وزارة الدفاع التركية.
ودخلت ثلاث مروحيات تركية برفقة رتل تركي مدرع من شمال غرب سوريا قرب جسر الشغور لإخلاء الجرحى هناك، إلا أنها تعرضت لرشقات نارية من الرشاشات الثقيلة من معسكر النظام المتمركز غرب سهل الغاب، فغيرت طريقها لتحلق في السفح الغربي لجبل الزاوية ومن ثم إلى جبل شحشبو وصولاً إلى النقطة التركية، حسب مصدر عسكري في “الجبهة الوطنية للتحرير” مرابط في منطقة سهل الغاب بالقرب من نقطة شير مغار. وقصفت مدفعية النظام محذرة الرتل التركي بدون وقوع إضرار مادية أو في المدرعات.
وهذه المرة الثانية التي تتدخل فيها الطائرات المروحية الطبية في الجيش التركي لإجلاء الجرحى من النقطة نفسها بعد قصف النظام للنقطة في 4 أيار (مايو) الماضي.
وتوترت الأوضاع في منطقة سهل الغاب عدة مرات بسبب قصف مدفعية النظام والميليشيات لنقطة المراقبة العاشرة المنتشرة أعلى تلة بجوار قرية شير مغار، المطلة على سهل الغاب من الجهة الغربية وعلى منطقة قلعة المضيق جنوباً. وبلغ التوتر أشده في منتصف شهر حزيران (يونيو) الحالي، بعد استهداف مركز لنقطة المراقبة التركية التاسعة في تل بزام قرب مورك. وأعربت وزارة الدفاع التركية حينها عن غضبها من القصف المتعمد مشيرة إلى أنه “تم الرد بالأسلحة الثقيلة، والهجوم لم يسفر عن أي خسائر بشرية، وإنما ألحق أضرارا مادية بنقطة المراقبة”، مؤكدة أن أنقرة “تواصلت مع موسكو بشأن الهجوم”. وعلق الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على استهداف النقطة قبل ذلك بيومين أن بلاده “لن تسكت إن واصل النظام السوري هجماته على نقاط المراقبة التركية في إدلب”.
واستدعت تركيا الملحق العسكري الروسي في أنقرة ليل الخميس إلى مقر قيادة أركان الجيش التركي. وأبلغته أن رد القوات التركية على قصف نقطة المراقبة “سيكون قاسياً” حسب آخر بيان لوزارة الدفاع التركية صباح الجمعة. وعلق البيان على القصف التركي ضد معسكر النظام في قرية الكريم الواقع على المحور الغربي لسهل الغاب: “إن وسائط الإسناد الناري الموجودة في المنطقة، قصفت بشكل مؤثر مواقع النظام الذي هاجم نقطة المراقبة التركية رقم 10، في منطقة خفض التصعيد، عقب اعتدائه على النقطة”.
وكثفت كتيبة المدفعية في جيش النصر التابع لـ”الجبهة الوطنية” عن قصفها براجمات الصواريخ على معسكرات النظام في قبر فضة والكريم في سهل الغاب، وقصفت كذلك حاجز البشارات قرب بريديج يومي الخميس والجمعة حسب شرائط مصورة تلقت “القدس العربي” نسخة منها. وأدى القصف إلى تدمير مرابض المدفعية ومستودعات الذخيرة في الأماكن المستهدفة.
يذكر أن قوات النظام قصفت نقطة المراقبة التركية العاشرة في شير مغار أربع مرات قبل القصف الخامس في 29 نيسان (أبريل)، وفي 4 و12 أيار (مايو) و8 حزيران (يونيو). فيما تعرضت النقطة التاسعة في تل بزام (مورك) إلى استهداف يوم 16 حزيران (يونيو) الجاري. ويتعرض محيط نقطة شير مغار إلى استهداف شبه يومي من قوات النظام وهو ما دفع المدنيين، الباحثين عن الأمن بالقرب من النقطة، إلى مغادرتها والتوجه نحو ريف إدلب الشمالي هرباً من القصف المستمر للنظام الذي لم يوفر حتى النقطة التركية.
التطورات في ريف حماة الشمالي جعلت تركيا تعزز نقاط مراقبتها تحسباً للأسوأ المقبل، حيث حشدت الجنود من القوات الخاصة التركية فجر الجمعة بالقرب من منطقة كرخان قرب الحدود السورية التركية. وجرى تعزيزهم بشحنات عسكرية غير عادية حسبما أوردت صحيفة كونيش التركية، بدون الإشارة إلى نوعية الأسلحة في حوزة القوة التي عبرت الحدود. ومن غير المعروف وجهة الرتل التركي الذي يجري تجهيزه إن كان إلى نقطة شير مغار أو سيتوزع على باقي نقاط المراقبة الــ12 التي انتشرت في شمال غرب سوريا.
ويبدو أن تركيا تستعد لموجة تصعيد من قبل النظام في منطقة “خفض التصعيد” الرابعة، لكن هذه المرة فإن هدف التصعيد هو تركيا نفسها وليس الفصائل السورية المعارضة. وتحوّل تبادل القصف بين قوات النظام السوري وقوات الجيش التركي إلى قصف مستمر ولكن بوتيرة بطيئة للغاية، لكنه لم يتوقف وهو ما ينذر بارتفاع حدة التوتر.
ميدانياً، حاول النظام التقدم على محور الجبين وتل ملح . بدأ الهجوم بتمهيد واسع بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ مع غارات مكثفة للطائرات الحربية الروسية، وتبع ذلك تقدم قوات الميليشيات الروسية وقوات النمر ولواء القدس الفلسطيني.
ونصبت فصائل المعارضة كميناً محكماً إذ تركت المجموعات المهاجمة تتقدم حتى أصبحت في مرمى الصواريخ المضادة للدروع حيث استهدفت أربع مجموعات. وأعلنت “الجبهة الوطنية للتحرير” أن سرايا م/د التابعة لها فجرت “عربة شيلكا مجنزرة كانت تقوم بالتغطية النارية لسحب جثث القتلى والجرحى بعد استهدافها بصاروخ مضادّ للدروع”. وكان ناطق رسمي باسم الجبهة، النقيب ناجي مصطفى، قد قدّر لـ “القدس العربي” أعداد قتلى النظام بأكثر من خمسين قتيلاً.
في السياق، قال مسؤول العلاقات العسكرية والسياسية في “جيش العزة” ان القوات الروسية تقوم “بإعدامات ميدانية لكل من ينسحب أو يعود من جبهة تل ملح والجبين”. وتناقل نشطاء أن ضابطاً في الفيلق الخامس قام بإعدام 15 عنصراً من عناصر الفيلق الخامس الذين رفضوا المشاركة في عمليات الهجوم على محور تل ملح-الجبين في ريف حماة الشمالي. وهو الجيب الذي يشهد أعنف المعارك منذ بدء الهجوم البري في 2 أيار (مايو) الماضي.
المصدر: القدس العربي