طارق غريبي
هو أول كتاب بالإنكليزية يحكي عن إحكام قبضة عائلة الأسد على سورية وطريقة قمعه للثورة السورية. ففي ندوة في قاعة مكتبة (ستراند)في مدينة نيويورك مساء الأربعاء 10/07/2019 حضرنا مع لفيف من الأمريكيين والعرب الأمريكيين. قدم سام ضاهر ملخصاً عن كتابه الذي يعتبر أول كتاب يصدر في الولايات المتحدة، حكى فيه الكاتب تفاصيل ومعلومات اقتربت كثيراً من حقيقة ما جرى طيلة سنوات الثورة بسبب قربه من الأحداث وقضائه حوالي سنتين كمراسل صحفي غربي في سورية.
وقد اعتبر (ضاهر) أن المسالة السورية بما اعتراها من تعقيدات، هي الأسوأ في القرن الواحد والعشرين، وابتدأ ذلك عندما رفض بشار الأسد نصيحة صديق طفولته الجنرال مناف طلاس عام 2011بالتفاوض مع المتظاهرين بل لجأ إلى القمع، مما أدى إلى جرّ البلد إلى حرب مضى عليها أكثر من ثمان سنوات قُتل خلالها نصف مليون (حسب قوله) وحوّل سورية إلى بؤرة للإرهاب ونتج عن ذلك أزمة لجوء إنسانية عالمية، كما امتدت آثار الأزمة إلى كل المنطقة. وصوّر الكاتب كيف أن دولة الأسد البوليسية استطاعت -من خلال إصرارها على تعقيد الوضع وممارسة مبدأ حرق البلد من أجل بقاء الأسد-على تحويل القضية السورية إلى مشكلة دولية وشرق أوسطية، جعلت من أمريكا وروسيا على خلاف مع بعضهما حسب رأيه.
كما تكلم ضاهر عن تجربته الشخصية مع نظام الأسد الذي احتجزه ثم قام بطرده من سورية ووضعه على قائمة المشبوهين…! وقد أفلح الكاتب بتصوير واقع معاناة المدنيين من القصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ على الأحياء السكنية فذكر شخصيات حقيقية سورية وتكلم عن الشبيحة والمخابرات وسجن صيدنايا وتدمر وكيف أفرج الأسد عن بعض قادة داعش وعرض صور الدمار على اللوحة الإلكترونية، لا سيما من مدينة حمص ولم ينسَ أن يحمّل الأسد مسؤولية إدارة عملية القتل في سورية ومن ضمنها استخدام السلاح الكيميائي أكثر من مرة.!
لم أقرأ الكتاب بعد (قرأت المقدمة فقط) لكنني أعتقد أنه كتاب جيد بخرقه المألوف في الإعلام الأمريكي وكونه صدر عن صحفي امتلك معلومات عن قرب وأكد على أن شعار الشبيحة “الأسد أو نحرق البلد” يمثّل عقيدة وفكر النظام.! فصوّر حقيقة ما يجري من القتل والإجرام وقصف للمدارس والمستشفيات الذي حمّل مسؤوليته للأسد وحلفائه من الإيرانيين والروس وكذلك بربطه إجرام الأسد الابن بتاريخ وإجرام الأسد الأب، لا سيما مجزرة حماة 1982 ومجزرة سجن تدمر. وقد أوضح ضاهر نقطة نعتقد إنها تحمل أهمية كبيرة وغالباً ما يقع بها السطحيون من الأمريكان وغيرهم عندما عرض صورة دمار لحي من أحياء حمص متسائلاً ومستنكراً: كيف للفصائل المسلحة التي لا تمتلك إلا سلاح تقليدي خفيف أن تحدث مثل هذا الدمار الذي يحتاج إلى سلاح الجو الذي يمتلكه فقط نظام الأسد وحلفائه لا سيما الروس!
وقد استفاض المؤلف بالإجابة عن أسئلة الحضور التي تعلقت بالاستفسار عن النقاط الرئيسة التي أثارها الكاتب مثل الدور الروسي، فذكرَ تصريح الرئيس الروسي بوتين بأنه تم اختبار أكثر من 200سلاح في سورية.! وبسؤال حول عنوان الكتاب ذكر ضاهر إن كثيراً من أصدقائه السوريين نصحوه بأن يضع ال(و) بدلا من(أو) ليصبح “الأسد ونحرق البلد” كما أجاب حول سؤال بأنه(ضاهر) لا يثق بمجتمع دولي أو أمم متحدة.!؟
وقد كان لي مداخلة بسؤال مضمونه: مما لا يدع مجالاً للشك وبكافة الوسائل ثبت ارتكاب الأسد والمقربون منه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال أكثر من ثمانِ سنوات وقد حرق ودمّر فعلاً البلد بمن فيها، ومع ذلك بقي الأسد. لماذا منع الغرب وأمريكا (خاصة أوباما) وحتى الأمم المتحدة سقوط الأسد بل ساندوه على البقاء.! فمثلا مساعدات الأمم المتحدة بدلاً من أن تعطى للمحاصرين كانت توزع على شبيحة الأسد.؟!
فأكد سام ضاهر ثانية على عدم ثقته بالمجتمع الدولي وإنه فعلاً أثناء وجوده في دمشق شاهد بأم عينه كيف تحتجز قوات الأسد مساعدات الأمم المتحدة بحجة أن طريق إيصالها لمحتاجيها الذين يموتون من الجوع (في المعضميّة مثلاً) غير آمن بسبب الإرهابيين…! وأما عن التقاعس الأمريكي فقال: إن أوباما (حسب رأيه) لم يُرد تكرار تجربة العراق بالتدخل العسكري في سورية حتى أنه منع قيام منطقة حظر جوي. أمريكا أرادت أن تنفذ سياستها عبر حلفائها كالسعودية وقطر. وأضاف: كلما أرادت أمريكا أن تفعل شيئا من أجل السوريين كانت تصطدم بالفيتو الروسي والصيني.!!