أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتعرض مقاتلين في فصائل معارضة كانوا وقعوا على «اتفاقات مصالحة» العام الماضي إلى انتهاكات شملت الإعدام والموت تحت التعذيب ومصادرة ممتلكات وسجن أفراد أسرهم في الغوطة الشرقية لدمشق التي استعادتها قوات النظام بداية العام الماضي بعد «اتفاقات تسوية».
وقال «المرصد» إن مقاتلين اثنين من فصائل «التسوية» فارقا الحياة تحت التعذيب داخل المعتقلات الأمنية التابعة للنظام السوري، لافتاً إلى أن مقاتلاً من أبناء مدينة دوما وآخر من أبناء بلدة كفربطنا «فارقا الحياة داخل سجن صيدنايا العسكري تحت التعذيب عقب اعتقالهما منذ نحو 5 أشهر ليتم تسليم جثامينهما إلى ذويهم الجمعة، وكان القتيلان في صفوف الفصائل قبل أن يعمدوا إلى إجراء (تسوية) بعد سيطرة النظام السوري على الغوطة الشرقية، ليتم اعتقالهما بعدها رغم التسوية المزعومة ونقلهما فيما بعد إلى سجن صيدنايا العسكري».
وكان «المرصد» أفاد أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري عمدت إلى نقل المزيد من المعتقلين من أبناء الغوطة الشرقية إلى سجن صيدنايا العسكري خلال الأيام الفائتة بعد الانتهاء من التحقيق معهم، أكثر من 70 معتقلاً ضمن فرع الخطيب التابع لأمن الدولة في دمشق، وفرع المخابرات الجوية في حرستا، جرى نقلهم إلى معتقل صيدنايا حيث يتحدر معظم المعتقلين من مناطق حمورية ودوما وسقبا وجسرين وكفربطنا والمليحة، ممن كانوا سابقاً في صفوف الفصائل المقاتلة إبان سيطرتها على غوطة دمشق الشرقية، وشاركوا في معارك ضد قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وقرروا إجراء «التسويات والمصالحات» بعد أن رفضوا التهجير، بالإضافة لوجود مدنيين من بين المعتقلين، جرى اعتقالهم على خلفية تهم مختلفة منها «تمويل الإرهاب والتواصل مع جهات خارجية»، ليتم نقلهم أيضاً لسجن صيدنايا رفقة العسكريين.
وفي 30 أبريل (نيسان) الماضي، أفاد «المرصد» أن أجهزة الاستخبارات «عمدت إلى نقل عشرات المعتقلين من أبناء الغوطة الشرقية، إلى سجن صيدنايا العسكري، وذلك بعد الانتهاء من التحقيق معهم في الأفرع الأمنية بعد اعتقالهم بتهم مختلفة بعد سيطرتها على المنطقة وخروج الفصائل العسكرية من غوطة دمشق الشرقية وتهجيرها إلى الشمال السوري، وشمل ذلك 100 معتقل، معظمهم كانوا مقاتلين سابقين لدى الفصائل المقاتلة والإسلامية والتي صارعت قوات النظام في الغوطة الشرقية، وجرى اعتقالهم رغم قيامهم بـتسويات ومصالحات.
قبل ذلك، اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لقوات النظام ثلاث مواطنات مع أطفالهم وهم من أهالي مدينة الضمير شرق دمشق، وجرت عملية الاعتقال أثناء عودة المواطنات من الشمال السوري إلى بلدتهم، وذلك على حاجز «محطة الباز» في مدينة عدرا شمال شرقي العاصمة ويتبع الحاجز للاستخبارات الجوية، حيث جرى تحويلهم إلى «فرع المهام» بدمشق، كما تم توقيف الأطفال وإرسالهم فيما بعد عن طريق أحد الوسطاء إلى مدينة ضمير مع إبقاء النساء في المعتقل.
وإذ دهمت أجهزة الأمن مدينة التل شمال العاصمة، حيث قام فرع المخابرات الجوية بمداهمة عدة منازل محددة ضمن المدينة خلال الأيام القليلة الفائتة، حيث اعتقلت مواطناً وزوجته، بالإضافة إلى 3 شبان آخرين من أبناء المدينة، وجرى اقتيادهم إلى جهة مجهولة حتى اللحظة، قال «المرصد» إن أجهزة الاستخبارات عمدت قبل ذلك إلى تنفيذ حملات دهم واعتقالات كبيرة طالت العشرات من أبناء مدينة «ضمير» شمال شرقي العاصمة دمشق، شملت 40 شاباً ممن «انشقوا عن قوات النظام» سابقاً وأجروا لاحقاً تسوية ومصالحة، خلال السنوات الماضية، وجرى اقتيادهم إلى جهة مجهولة حتى اللحظة. وأضافت المصادر بأن الأمن العسكري لم يقم بتبليغ مسبق للمعتقلين بغية الالتحاق في صفوف «جيش الوطن». كما عمد عناصر أحد الحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام والواقع في المنطقة الواصلة بين مدينة ضمير والعاصمة دمشق خلال الأسبوع الفائت، إلى اعتقال ثلاث مواطنات من الضمير أثناء محاولتهن الذهاب باتجاه العاصمة دمشق (بتهمة انتماء أزواجهن لتنظيم «داعش»).
وفي 12 أبريل، قال «المرصد» إن «سلطات النظام عمدت إلى إصدار قوائم جديدة من الأسماء تقضي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة بحق مئات الأشخاص من ناشطي الحراك الثوري السلمي وممن قاتلوا قوات النظام في غوطة دمشق الشرقية، لعل أبرزهم قائد جيش الإسلام (عصام البويضاني) وجميع أفراد عائلته في الغوطة الشرقية، ذلك أن الحجز طال عدداً من أعضاء المجالس المحلية وزوجاتهم وناشطين إعلاميين وبعض العاملين والعاملات بالقطاعات الإغاثية والطبية، والبعض الآخر من المعتقلين في سجون النظام، وقرار الحجز الاحتياطي هو منع الشخص من حق التصرف بأمواله المنقولة وغير المنقولة، أو التصرف بعقود البيع أو الشراء، بشكل كلّي إلى حين انتهاء المنازعة أو الدعوى القضائية المرفوعة ضده، مضيفاً: «لكن بحكم أن الأشخاص المحجوز عليهم من المعارضين ومعظمهم خارج نطاق سيطرة قوات النظام، فإن الحجز ينقلب من احتياطي إلى شبه نهائي، لأنهم لن يستطيعوا أن يتابعوا القضايا المرفوعة ضدهم».
وأكدت المصادر أن لجنة المصالحة في مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، أبلغت 5 عوائل في المدينة بإصدار حكم الإعدام بحق أبنائهم خلال شهر مارس (آذار) من العام الجاري، دون إعطائهم أي معلومات إضافية في حال تنفيذ القرار أم لا أو عن مصير جثامين أبنائهم بعد الإعدام.
يذكر أن لجنة المصالحة في المدينة قامت بالعمل على تحريك ملف المعتقلين لدى قوات النظام والعمل على إطلاق سراحهم ممن اعتقلوا بين عامي 2011 و2012. ونشر «المرصد» في الـرابع من شهر أبريل الفائت أنه «تتواصل الانتهاكات والممارسات التعسفية من قبل قوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها ضمن غوطة دمشق الشرقية رغم كذبة «المصالحات» التي شهدتها الغوطة، فالمنطقة المذكورة ذات الخزان البشري الكبير، باتت أملاكها مستباحة، تتسابق لها الأفرع الأمنية لتعبئة خزاناتها من أموال المواطنين وممتلكاتهم.
المصدر: الشرق الاوسط