بذل المبعوث الدولي غير بيدرسن وفريقه، أمس، جهوداً لاستئناف المفاوضات في اللجنة الدستورية السورية، بعد وصولها إلى الجدار، جراء اقتراح وفد الحكومة السورية موافقة المعارضة على «مرتكزات وطنية» قبل الشروع في الحديث عن الإصلاح الدستوري.
وغادر وفد الحكومة السورية في اللجنة الدستورية الجولة الثانية من المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة حتى قبل بدايتها الاثنين، في تحرك وصفه أفراد من المعارضة بأنه أسلوب مماطلة.
وتهدف المحادثات إلى تحقيق تقدم فيما تصفه الأمم المتحدة بأنه طريق طويل نحو التقارب السياسي، تعقبه انتخابات. لكن خبراء يشككون فيما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد سيكون على استعداد لتقديم الكثير في المفاوضات، بعد أن استعادت قواته (المدعومة من روسيا وإيران) مساحات كبيرة من الأراضي منذ 2015.
وأفاد التلفزيون الرسمي السوري بأن وفد الحكومة غادر مقر الأمم المتحدة في جنيف، الاثنين، لأنه لم يحصل على رد بشأن اقتراحه تحديد جدول عمل.
وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة إن مبعوث المنظمة الدولية الخاص غير بيدرسن قد اجتمع مع رئيسي اللجنة من الحكومة والمعارضة، وهو يواصل مشاوراته بهدف استئناف عمل اللجنة. وقال دبلوماسي غربي: «الوضع وصل إلى طريق مسدود».
وأبلغ بيدرسن الصحافيين في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعد أول جولة من محادثات السلام السورية منذ أكثر من عام، بأن الجولة التي استمرت عشرة أيام «مضت بشكل أفضل مما توقع معظم الناس».
ووصل 45 مندوباً يشكلون اللجنة التي تصوغ الدستور لمقر الأمم المتحدة في أوروبا، الاثنين. وتضم المجموعة 15 عضواً من الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني، لكن هؤلاء لم يجتمعوا معاً.
وقال يحيى العريضي، وهو متحدث باسم المعارضة، لدى مغادرته، إن اللجنة الدستورية لم تنعقد بسبب عدم وجود اتفاق على البرنامج أو جدول المباحثات خلال الاجتماع.
وأضاف أن رئيس اللجنة الدستورية من جانب الحكومة قدم «شيئاً» عده جدولاً، يتضمن مكافحة الإرهاب، ورفع العقوبات، وإدانة ما وصفه بالغزو التركي، واصفاً مطالب الحكومة بأنها «سياسية». وذكرت عضو المعارضة بسمة قضماني أن جانبها اقترح جدول أعمال الأسبوع الماضي، من أجل إجراء مباحثات منظمة، لكنه لم يتلقَ رداً، وقالت: «الآن يأتي وفد الحكومة بأجندة، ويقول إنه يريد بحث المبادئ الوطنية الأساسية، كمجموعة من الشروط المسبقة للمباحثات الدستورية». وأضافت أن المعارضة على استعداد لمناقشة هذه الشروط في إطار العمل الدستوري، وليس خارجه، وتابعت: «الغرض من النهج الذي اقترحته (الحكومة) هو شراء الوقت».
وتقدم وفد المعارضة بمقترحين بخصوص جدول الأعمال، وقد رفضهما وفد الحكومة، وهما: «عملاً بالولاية، يقترح الرئيس المشارك عن وفد هيئة التفاوض السورية جدول الأعمال التالي: الخيار 1: الثوابت الوطنية والمبادئ الأساسية ذات الصلة لإعداد وصياغة الدستور. الخيار 2: المبادئ الأساسية الدستورية، بما في ذلك الثوابت الوطنية».
وكان وفد «هيئة التفاوض» المعارضة قد أرسل إلى بيدرسن مقترحاً «تضمن بحث بنية الدستور بأبوابه وفصوله كافة، والبدء ببحث مقدمته والمبادئ الأساسية ببنودها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، وغيرها من مبادئ مؤسسة للدستور. لكن وفد الحكومة السورية، الذي لم يتقدم سابقاً بأي مقترح لجدول الأعمال، تقدم بمقترح من بند واحد، يتمحور حول ما سماه المرتكزات الوطنية»، بحسب مصادر.
ومن ناحيته، قبل وفد المعارضة «بحث ذلك ضمن السياق الدستوري، باعتبار أن المرتكزات التي طرحها وفد الحكومة، بالإضافة إلى مرتكزات وطنية أخرى، تعد ضمن المبادئ الأساسية المشكلة للدستور، وهو ما رفضه وفد الحكومة، مصراً على مناقشة الأفكار ضمن اللجنة الدستورية، ولكن خارج عملية الصياغات الدستورية التي هي صلب عمل اللجنة»، بحسب المصادر التي قالت إن وفد «الهيئة» المعارضة أبلغ بيدرسن بأن «محاولة وفد الحكومة تجنب البحث في الصياغات الدستورية، والاكتفاء بالنقاشات السياسية، يأتي في إطار إنتاج مواقف سياسية ليست من اختصاص اللجنة الدستورية، بل هي محاولة لأخذ اللجنة بعيداً عن مهمتها الوحيدة، وهي صياغة دستور سوريا المستقبل».
وقالت المصادر إنه «في حال إصرار النظام على الثوابت الوطنية، فمن الممكن أن يذهبوا باتجاه إثارة مسألة قصف المدنيين وإخراج المعتقلين كثوابت وطنية».
المصدر: الشرق الأوسط