عادت قضية تصفية عائلة كاملة وحرقها على يد مجموعة من ميليشيا النجباء في ريف حلب الشرقي، لتطفو على السطح من جديد، بعد قيام ذوي القتلى برفض التقرير الصادر عن الطبابة الشرعية وفرع الأمن الجنائي بمحافظة حلب واللذين أفادا بأن الوفاة نجمت عن حادث مروري أدى لانقلاب سيارة العائلة واحتراقها، وهو ما أنكره جميع من كان قريباً من موقع الحادثة الذين سمعوا حينها أصوات إطلاق النار في موقع الحادث قرب بلدة خناصر في ريف مدينة السفيرة شرقي حلب.
وقالت مصادر مطلعة لـ «القدس العربي»، إن «ذوي القتلى وعبر أحد الضباط في فرع الأمن العسكري تمكنوا من إعادة فتح التحقيق، كما طالبوا بإعادة إخراج الجثث وفحصها في المشفى العسكري لتحديد سبب الوفاة بدلاً من الطبابة الشرعية، وهو ما يجعل التحقيق يعود إلى بدايته، بل ومن الواضح أن عائلة القتلى تمتلك بعض النفوذ في المنطقة باعتبارها إحدى الوجاهات المحلية وتحدّر العديد من ضباط النظام منها».
وكانت ميليشيا النجباء المدعومة إيرانياً، ارتكبت هذه الجريمة المروعة قبل أيام في ريف حلب الشرقي، بعد أن قامت بتصفية المدعو محمد غنوم بتاريخ الحادي عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث كان غنوم في طريق عودته من حلب إلى السفيرة عندما اصطدمت سيارته من نوع (كيا/ريو) بسيارة بيك آب تابعة للميليشيا، عند «تحويلة خناصر»، وبعد الاصطدام الذي لم يسفر عنه سوى أضرار مادية نزل عناصر الميليشيا باتجاه السائق، وسرعان ما فتحوا النار عشوائياً على سيارته، ما أدى لمقتل جميع من في السيارة على الفور، وهم (محمد غنوم وزوجته سعاد ناصر وطفلتاه جنى وغنى ناصر البالغتان من العمر 7 و8 سنوات) ليقوم عناصر الميليشيا بعدها بحرق السيارة بمن فيها بعد صب البنزين عليها .
وتحدثت مصادر محلية حينها لـ «القدس العربي»، عن أنه بعد نقل الجثث إلى الطبابة الشرعية في حلب تم تسجيل الضبط بأنه «ونتيجة لحادث السير انقلبت السيارة ومن ثم اشتعلت بها النيران ما أدى لاحتراق العائلة»، علماً أن بعض السائقين أكدوا وقوع إطلاق نار في موقع الحادث فيما تجاهل ضبط الطبيب الشرعي وضبط الشرطة ذكر هذه المعلومات واكتفوا بالحديث عن حادث السير الذي أودى بحياة العائلة «حرقاً».
أما المصادر الموالية للنظام فقد تبنت رواية الطبيب الشرعي ومن خلفه أجهزة الأمن، حيث ذكرت صفحة «أخبار حلب» الموالية ما مفاده أن حادث سير وقع عند تحويلة البلدة وأودى بحياة عائلة كاملة، إلا أن التعليقات على المنشور كانت مغايرة لما هو مكتوب فيه، حيث هاجم عشرات المعلقين صاحب الصفحة متهمين إياه بالكذب والتضليل مؤكدين أن العائلة تعرضت للتصفية والقتل على يد مجموعة مسلحة تابعة لمن سموهم «القوات الرديفة» دون ذكر الجهة التي قامت بالجريمة قبل أن يضطر صاحب الصفحة لحذف المنشور بسبب الشتائم التي وجهت إليه.
وتعد ميليشيا النجباء إحدى أكبر الميليشيات الموالية لإيران في سوريا وأكثرها فاعلية على الأرض وذلك لكثرة أعداد مقاتليها، ويخضعون مناطق واسعة في حلب ودمشق لسيطرتهم بالاشتراك مع ميليشيات أخرى.
الصحافي السوري المنتمي لحلب حسان كنجو يقول لـ «القدس العربي»، إن «ميليشيا النجباء تعد أكثر الميليشيات شراسة في القتال بل وأكثرها وحشية، وقد برز ذلك جلياً، بعد انتشار مقاطع مرئية تظهر قيام عناصر الميليشيا بتقطيع أوصال قتلى عناصر تنظيم الدولة في تدمر، فترة السيطرة عليها وانتزاعها من يد التنظيم، إضافة لقيامهم بعمليات حرق المنازل في ريف حلب الجنوبي، وخصوصاً القرى التي سقطت بيدهم أواخر العام 2016 وهي الفترة التي تم فيها تهجير سكان حلب الشرقية إلى الشمال السوري، وهو ما يجعل أي فعل أو جريمة تقوم بها تلك الميليشيا ليس غريباً عليها».
وتواصل الميليشيات الموالية للنظام السوري وحلفائه من الروس والإيرانيين، انتهاكاتهم بحق المدنيين، لاسيما في ظل النفوذ الواسع لتلك الميليشيات في المحافظات السورية التي تعرضت لعمليات مسلحة ضد فصائل الجيش الحر بالمعارضة السورية او التنظيمات الجهادية.
المصدر: القدس العربي