هبة محمد
في حصيلة أولية لثالث مجزرة يقترفها النظام السوري منذ بداية العام الجديد، قتل 14 من المدنيين وأصيب أكثر من 20 آخرين نتيجة استهداف طيران النظام الحربي من طراز «سوخوي 24» حياً سكنياً ومدرسة وروضة أطفال ومسجداً، في مدينة أريحا جنوب إدلب شمال غربي سوريا.
مدير الدفاع المدني السوري في ادلب، قال ان طيران النظام السوري استهدف بنحو 6 صواريخ، مجمعات سكنية ومآوي للنازحين على أطراف الطريق الدولي حلب – اللاذقية، ما أدى لارتكاب مجزرة بحق المدنيين. وأوضح مصطفى الحاج يوسف لـ»القدس العربي»، ان التصعيد والقصف المكثف لم يستهدف جبهات القتال بل استهدف مدارس الأطفال، وألحق دمارا كبيرا في المباني السكنية والمسجد وروضة الأطفال وسيارات الأهالي والنازحين الى المدينة.
وتداول ناشطون اشرطة مصورة لمتطوعة في الدفاع المدني، وهي تحمل جثة طفل صغير لا يتجاوز عمره الأربع سنوات، كانت تحاول إسعافه، بينما آثار الدماء تغطي ملامح وجهه، وقالت المتطوعة ان معظم الضحايا هم من الأطفال وطلاب المدارس.
وقال مصدر إن من بين الضحايا نازحين من بلدة معرشورين إلى أريحا، مشيراً الى ان اعدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود أكثر من 19 جريحاً بعضهم في حالات خطرة، مضيفاً ان سيدة قتلت وأصيب زوجها بجراح جراء استهداف طائرات النظام الحربية بالرشاشات الثقيلة لأماكن في بلدة سراقب في ريف إدلب الشرقي، حيث رصد استهدافات مكثفة من قبل طيران النظام الحربي على كل من معرة النعمان ومحيطها وسراقب وأطرافها وأوستراد دمشق – حلب الدولي. كما قتل طفلان جراء قصف قوات النظام على قرية برنة في ريف حلب الجنوبي. وفي الطرف المقابل، وقالت وكالة النظام الرسمية «سانا»، «إن ضربات دمرت تحصينات الإرهابيين في إدلب وحلب، وذلك في إطار عملياتها المتواصلة ضد فلول التنظيمات الإرهابية التي تنتشر في تلك المناطق».
وذكرت ان «وحدات الجيش العربي السوري دمرت أوكارًا وتحصينات للإرهابيين في ريفي إدلب الجنوبي الشرقي وحلب الجنوبي الغربي… حيث نفذت صباح أمس ضربات مدفعية وصاروخية مركزة طالت مواقع المجموعات الإرهابية ومحاور تحركاتها في مدينة معرة النعمان وبلدات سراقب ومعرشورين ومعرشمشة وتلمنس بريف إدلب الجنوبي الشرقي، أسفرت عن القضاء على عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين وتدمير أسلحتهم وذخيرتهم، كما استهدفت بضربات مدفعية أوكاراً وتحصينات للتنظيمات الإرهابية في قرية خلصة في ريف حلب الجنوبي الغربي موقعة في صفوفهم قتلى ومصابين ودمرت أسلحة وذخائر كانت بحوزتهم».
وواصلت طائرات النظام السوري ومدفعيته، طلعاتها الجوية وقصفها المدفعي والصاروخي على قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي مستهدفة المناطق السكنية، حيث وثقت فرق الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) أمس استهداف 7 مناطق بنحو 13 غارة جوية و21 براميلاً متفجراً ألقاها الطيران المروحي على كل من معصران ومعرة النعمان ومعرشمشة والغدفة، بالإضافة إلى 67 قذيفة مدفعية و 9 صواريخ من راجمة أرضية، وشمل القصف مدينة معرة النعمان وبلدات الدير الشرقي وتلمنس ومعرشمشة ومعرشمارين ومعرشورين بريف إدلب الجنوبي، ومدينة سراقب بريف إدلب الشرقي.
تزامناً، أكدت تقارير ميدانية نزوح أكثر من 300 ألف نسمة خلال الشهرين الفائتين، وذكر فريق «منسقو استجابة سوريا» في بيانٍ نشر على معرّفاته في وسائل التواصل الاجتماعي، أن أكثر من 55.664 عائلة مؤلفة من 328.418 شخصاً نزحوا من مناطق جنوبي وشرقي إدلب، خلال الفترة الممتدة من 1 تشرين الثاني وحتى مطلع الأسبوع الجاري.
وجاء في بيان الفريق أن النازحين توزعوا على أكثر من 34 مدينة وبلدة وقرية شمال مدينتي إدلب وحلب، وأضاف أن فرق المنظمة ما تزال تعمل على إحصاء وتوثيق النازحين، كما يعملون على رصد احتياجاتهم الإنسانية والإغاثية، ودعا بيان الفريق، الهيئات والمنظمات المحلية والدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلى اتخاذ خطوات عملية ملموسة بتوفير الحماية اللازمة والعمل الجاد والعاجل على وقف الهجمات التي تشنها قوات نظام الأسد وروسيا على المحافظة.
وسبق لمنسقي الاستجابة أن أوضحوا في تقريرٍ لهم منذ أسبوع، نزوح ما يزيد عن مليون شخص، نتيجة قصف قوات نظام الأسد وطيران الاحتلال الروسي على محافظة إدلب شمالي سوريا، خلال عام 2019.
وتتعرض قرى وبلدات ومدن محافظة إدلب لحملة عسكرية من قبل نظام الأسد والميليشيات الموالية له بدعم جوي روسي، منذ 25 تشرين الثاني 2019، ما تسبب بنزوح عشرات الآلاف ومقتل وجرح مئات المدنيين.
واستنكر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، «الإرهاب الإجرامي للنظام السوري ضد الشعب في أول السنة الميلادية الجديدة».
واعتبر الائتلاف الوطني في بيانه ان مجازر النظام التي أسفرت عن مقتل مدنيين بينهم أطفال، هي جريمة وحشية ارتكبت على مرأى ومسمع الجميع ضمن سلسلة من الجرائم التي ارتكبها النظام أمام المجتمع الدولي، لافتًا الى أن المجزرة الأخيرة بمثابة خرق واضح للقرارات الأممية وللقانون الدولي، وجرى ذلك أمام أنظار العالم، ولكن بدون أن يتكبد قادة العالم الحر مشقة الإدانة، ناهيك عن القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم تجاه المدنيين. وطالب الائتلاف المجتمع الدولي والأطراف الدولية الفاعلة «التي تعلم ما يجري على الأرض»، بالكف عن لعب دور سلبي يستخدمه النظام كضوء أخضر لمتابعة إجرامه، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك لإيقاف هذه الحملة الهمجية، والقيام بواجبه لفرض حل عاجل متوافق مع القرارات الدولية.
المصدر: القدس العربي