غياث الجبل
في مثل هذه الأيام منذ ست سنوات تلقت مدينة السويداء الخبر الأكثر إيلاماً، الذي أثر بشكل كبير على الحراك الثوري في المحافظة، حيث كان ثوار محافظة السويداء ينتظرون أخبار كتيبة “سلطان باشا الأطرش”، التي جاءت إلى منطقة “ظهر الجبل” في السويداء، في الأول من يناير/ كانون الثاني من عام 2013 بقيادة الملازم أول المنشق “خلدون سامي زين الدين”.
وكان من المخطط أن تستهدف الكتيبة الرادار التابع لقوات الأسد، وتسيطر عليه، وتضع يدها على التجهيزات الموجودة فيه، وكان المجلس العسكري، أحد تشكيلات الجيش الحر، في السويداء، ينوي التمركز في هذه النقطة، والانطلاق منها لتحرير المحافظة بالكامل.
إلا أن الثلوج ونقص الذخيرة جعلا المهمة أكثر صعوبة على عناصر الكتيبة، فاضطروا إلى تأجيل العملية العسكرية، واستطاعت أجهزة أمن الأسد الحصول على معلومات تؤكد تواجد عناصر كتيبة “سلطان باشا الأطرش” في المنطقة، فحاصرتهم قوات الأسد مدعومة بميليشيات تضم شبيحة السويداء، ودارت اشتباكات ضارية في معركة غير متكافئة خاضها “زين الدين” ورفاقه ببسالة وشجاعة قل نظيرها.
وفي حديث لحرية برس مع الناشط “يمن أبو عساف”، قال إن “ناشطي السويداء عجزوا آنذاك عن تقديم المساعدة الكافية للشهيد “خلدون زين الدين” ورفاقه، فعلى الرغم من تقديم المساعدات الغذائية لعناصر الكتيبة فور وصولهم، إلا أن تراكم الثلوج ومحاصرة قوات الأسد لمنطقة “ظهر الجبل” وقطع الطريق الواصل بين المدينة والمنطقة هناك، كل ذلك حال دون الاستمرار في ذلك”.
وفي 13 يناير من عام 2013، استشهد “خلدون زين الدين” وعدد من رفاقه، عُرِف منهم الشهيد “سامر حمد البني” ابن محافظة السويداء، إضافةً إلى عدد من أبناء محافظة درعا.
ويعد الملازم أول “خلدون زين الدين” من أوائل الضباط المنشقين عن جيش الأسد، حيث ظهر في 2011 في تسجيل مصور أعلن فيه انشقاقه عن جيش الأسد، وانضمامه إلى لواء الضباط الأحرار بقيادة المقدم المنشق (حسين الهرموش)، وذلك قُبيل تشكيل الجيش السوري الحر، ليعود ويعلن، بعد قرابة الشهرين من انشقاقه، عن تشكيل كتيبة “سلطان باشا الأطرش” التابعة للجيش السوري الحر.
وضمت كتيبة “سلطان باشا الأطرش” عدداً من أبناء السويداء، إضافة إلى عدد من أهالي محافظة درعا، ونفذ عناصر الكتيبة بقيادة “زين الدين” العديد من العمليات العسكرية ضد نطام الأسد وقوات جيشه وعناصر أمنه في محافظة درعا، كما شاركوا في كثير من العمليات العسكرية مع كتائب الجيش الحر التابعة للمجلس العسكري في محافظة درعا، واستهدفت الكتيبة حواجز قوات الأسد في محافظة السويداء، إضافةً إلى تفجيرها مستودعاً للذخيرة في مطار “الثعلة” العسكري غرب المدينة.
وقال “معتز أبو دقة”، ناشط من السويداء كان على معرفة وطيدة بالشهيد “زين الدين” لحرية برس، إن الشهيد “خلدون زين الدين” استطاع خلال أيام قليلة أن يتحول من مجرد ضابط منشق عن جيش النظام إلى قائد ثوري بامتياز، واكتسب مصداقية عالية من خلال سلوكه، حيث كان دائماً يتقدم الجميع في كل هجوم كانوا ينفذونه على حواجز النظام ونقاطه العسكرية. كان مقداماً وصاحب نخوة لا يعبأ بالخطر، وكانت سلامة رفاقه تشكل أولوية بالنسبة إليه، وما زالت كلماته (الكرامة يا أهل السويدا الكرامة) مخاطباً أهالي محافظة السويداء وهو جريح، نتيجة إصابته بمعركة مطار “الثعلة” العسكري، تدوي في آذان ثوار السويداء وقلوبهم”.
وتابع “أبو دقة”: “استطاع الشهيد (خلدون زين الدين) أن ينتصر في كل عملية خاضها مع الكتيبة التي شكلها، نتيجة صدقه وتفانيه وشجاعته النادرة، كما اكتسب أيضاً محبة الناس وأسر قلوبهم، وكان شبان درعا الثائرون يتسابقون للعمل تحت قيادته”.
وبعد استشهاد “زين الدين” انخرطت زوجته، الملازم أول “أميرة أبو حصاص”، في صفوف الجيش السوري الحر حيث رأت في ذلك إكمالاً لمسيرة زوجها الشهيد وعملاً بوصيته، وقد ساءت أحوال الكتيبة بعد استشهاده بفترة قصيرة، لانقطاع الدعم العسكري، وتمدد سرطان هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في محافظة درعا، حيث ضيقت الخناق على عناصر الكتيبة لانتمائهم إلى الطائفة الدرزية، ما أجبر عناصر كتيبة “سلطان باشا الأطرش” على تعليق نشاطهم.
المصدر: حرية برس