منجد الباشا
بعد قرابة الخمس سنوات من عمر هذا اللقاء، وبعد تنقل مكوناته، من حالة إلى أخرى، والذي لم يوفق من وجهة نظرنا سوى بالاسم المعبر جدًا عن حالته…وربما كان الافضل ان يضيف الى تسميته كلمة العابر. حيث بدأ بما يسمى تجمع العمل الوطني في عنتاب التركية عام 2014.. ليتحول لاحقا الى التجمع الديمقراطي السوري، ثم الى اللقاء التشاوري ثم اخيرا الى اللقاء السوري الديموقراطي…حيث حط رحاله في باريس، ليطلق بيانه الاول منها.
وبغض النظر عن نسبة التمثيل العددي لفئات من السوريين، الذي يحققها هذا اللقاء…
لم يكن هذا البيان سوى تعبيرا آخر، عن حالة نخبة عرتها الثورة فكشفت كم هي بائسة ومعطوبة ومنفصلة عن شعبها.. كما اتى على لسان الاستاذ برهان غليون…في تجربته الفاضحة الماضية مع امثال هذه النخب.
البداية مع هذا البيان … تنطلق من علم الاستقلال السوري، الظاهر في الصورة الجماعية التي نشرها اهل اللقاء والذي دفع الشعب السوري لرفعه مرة اخرى بديلا عن العلم الذي يعتمده نظام العهر والعمالة…ثمنا باهظا يقدر بأكثر من مليون شهيد اضافة لتداعيات هذا الثمن التي باتت معروفة للجميع…من تدمير وتهجير واعتقال وهتك للأعراض، وتغيير ديمغرافي قسري، حيث يركن في أحد زوايا الصورة خجولا ذليلا لا يكاد ان يظهر لعين المتلقي. اما مفردة الثورة التي اتى على ذكرها فحدث ولا حرج … فهي ايضا تطل خجولة جدا … وكأننا امام صياغة لبيان …
يعيش اصحابه في برج عاجي في دولة غير الدولة السورية… وانهم نعم كذلك….. يذكر البيان في سياقه ان اللقاء يعتمد رؤية سياسية.. اليس من المفترض ان يصاغ البيان على ارضية هده الرؤية السياسية…. التي اعتقد انه لم يتم نشرها او التصريح بها… يبدأ البيان…. بالقول انه بمبادرة من القوى السياسية والمدنية والتي تهدف الى ترسيخ تيار ديمقراطي وازن يسمع صوته. ويحمل روح التغيير في وجه اي تطرف عنفي وديني او قومي وبوجه الكثير من المصالح الدولية…. الخ… وكذلك نقتطع… من الفقرة التالية. ما يلي: وفي ظل الواقع الكارثي للسوريين والسوريات…….الخ… وبعد تشويه اهداف الثورة….. الخ.. كان لابد لهذه القوى التي تنطلق رؤيتها لسورية المنشودة من حتمية التلازم بين الديمقراطية والعلمانية.. كأساس ومنهج لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة….. الخ.. امام هذا التقديم … لا يسعنا الا ان نؤكد ان هذا البيان لا يعنى على الاطلاق بمسالة الثورة السورية … مقدماتها مستوجبات انطلاقتها حيثيات سيرورتها …
السياق الدولي الذي انطلقت فيه هذه الثورة … الاجماع الدولي على إنهاك هذه الثورة واحتوائها ومنعها من الانتصار، وكل ذلك تنفيذا لما عرفناه جميعا بمشروع الشرق الاوسط الجديد …وتأبيد وجود الكيان الصهيوني وكذلك ما يراد له من تمرير لصفقة القرن، وتفتيت لهذا الكيان السوري تحت دعاوى المواطنة والدولة الوطنية العلمانية الحديثة، ولا يعنى كذلك بما صار يعرف بالمقتلة السورية التي بات تنفيذها بحق شعب هذه المنطقة من العالم وصمة عار في جبين حضارة الحداثة الراهنة.. ولا يعنى كذلك بما يختمر في الداخل والشمال السوري وعلى مساحة من الارض صغيرة تم حشر أكثر من اربعة مليون انسان فيها. بعد ذبح وتقتيل وتدمير …. من مفرزات وتكوينات وجماعات مقاومة وثائرة وحراك مدني، تتربص وتتحفز وتتهيأ، للثورة من جديد، ولتحرر الوطن من كافة الاحتلالات ولاستعادته بكامل ترابه…. وكذلك لا يعنى هذا البيان.. بما هو مستقبل هذا الوطن…. امام المطامع الدولية التي باتت معروفة والتي تتكشف يوما بعد يوم عن امكانية اخضاعه لتقاسم نفوذ استعماري بشع… الامر البارز الذي يستوقفنا والذي يظهر فيه هم البيان الرئيسي، وهو بيت القصيد… الدولة القادمة والمنشودة، والتي لا يهمه ايضا ان يعلن عن دوره في تحقيق مرتكزات هذه الدولة، وان ما يهمه هو التعبير والتصريح وبصوت لا لبس فيه عن وجود كيان في هذه الساحة السياسية السورية، يمثل بعض فئات من السوريين، ديمقراطي مواطني علماني حداثوي…. يكون على راس اهتماماته حمل روح التغيير في وجه اي تطرف ديني او قومي…؟؟؟؟ ومد يد العون مناضلا لتطبيق محتوى القرارات الدولية وبكل رصانة ووطنية ولا يفوته كذلك التذكير بالمعتقلين والتذكير ايضا بتطبيق انجاز هيئة العدالة الانتقالية …. مع الاخذ بعين الاعتبار عدم التطرق لنظام العمالة والطائفية والاجرام نظام العهر الاسدي.. ولو بمفردة واحدة…
اننا إذا تأملنا اللحظة الزمنية الراهنة التي يطلق فيها هذا البيان…وهي لحظة كانت تختمر استراتيجيا لدى البعض من شيوخ السياسة التي تدير شؤون وسيرورة هذا اللقاء، منذ الانطلاقة الاولى…. مع ما بدأ يصدر اليوم ايضا من الاعلان عن مؤتمرات وطنية هنا وهناك كتلك المبادرة التي يرعاها المناع ومجموعته… ندرك عندها …كم اننا كثوريين ديمقراطيين… نفترق جذريا عن هذا اللقاء… ونعلنها صراحة.. شتان بين من يعمل دائبا الى المزيد من الالتصاق بصفوف وهموم وقضايا شعبه وامته المختلفة… وبين من ينظر الى هذا الشعب من علٍ كمادة للامتطاء والاستثمار.