عبد التركي
مستقبل سوريا وشعبها يبدو غامضاً وفي مهب الريح لفترة طويلة قادمة بسبب التجاذب الدولي أو اللامبالاة التي تعالج بها القضية السورية فلم يشهد التاريخ الحديث حتى في عز الحرب الباردة تجاذب وتواجد دولي في مكان واحد كما في سوريا اليوم لأنه يتواجد على أرضها دول كثيرة ناهيك عن أغلب أجهزة المخابرات العالمية وكثير من إرهابيي وشذاذ آفاق العالم وهذا يجعلني أكاد أن أجزم بأنه لايوجد دولة في العالم ليس لها إصبع في سوريا إن لم يكن عبر الجيش أو المخابرات سيكون عبر أفراد من هذه الدولة لذلك فالقضية معقدة ﻹختلاف مصالح المتنافسين فيها بين الباحث عن مصالح اقتصادية ومن يبحث عن السياسية والأمنية ومن يريد التخلص من إرهابييه بتركهم فيها وعدم القبول بعودتهم وحدهم السوريين هم الذين لايملكون أي فعل من أجل بلدهم بل يمكن القول أنهم فقط يدفعون ضريبة مصالح الآخرين من دمائهم ماجعلنا نتحدث في هذا المسألة المعروفة ربما للجميع هو تصريح وزير الدفاع التركي بأن النظام يسيطر على 90% من الأراضي السورية ولا نعلم عن أي نسبة يتحدث الوزير الروسي في الوقت الذي نرى فيه أن شرق الفرات وهو يمثل حوالي ثلث مساحة سورية تحت سيطرة الفصائل الكردية وأمريكا ووجود النظام في مربعات أمنية هنا وهناك مع تواجد الروس الرمزي بعد تفاهمات نبع السلام مع تركيا ومع علم الروس والنظام أنهم بلا حول ولاقوة وهذا ماتثبته الوقائع على الأرض بدلالة بعض الاحتكاكات المباشرة بينهم وبين الأمريكيين تؤكد لنا ذلك فلو كانوا بقوة فاعلة لما تعرضوا لهذا الإذلال كما علينا ألاننسى محاولة بعض الفصائل المحلية والنظام وروسيا العبور شرق الفرات في دير الزور إلى منطقة كونيكو حيث الغاز الطبيعي وكيف تعاملت معهم أمريكا بما أسمته حين ذاك بالقوة المميتة ناهيك عن سيطرة الفصائل على أجزاء كبيرة من إدلب وريف حلب وتقدر بحوالي عشرة بالمئة من مساحة سوريا
كل هذه الأرقام وهذه السيطرة لاتسمن ولاتغني من جوع لأن كل المتواجدين على الأرض السوريين بدءاً من النظام مروراً بقسد أو مسد وحتى الفصائل لاتملك أي فعل حقيقي على الأرض وليست صاحبة قرار على الأرض ولا على نفسها فهي تتبع لهذه الدولة أو تلك مايعني أن شبه تقسيم تبعا للمصالح موجود على الأرض مع تفاوت بين مكان وآخر إنما القول الفصل بالنتيجة للدول الموجودة مع كل طرف من الأطراف
هذا كله يرجعنا إلى الحديث عن النظام الذي تحاول روسيا وإيران تسويقه للعالم لإعادة تعويمه بوصفه منتصراً ومسيطراً على الأرض كما تدعي كمقدمة لانتخابات عام 2021م
والسؤال الذي نسأله للروس ونريد منهم الإجابة عليه هو:
أين هي هذه السيطرة ؟
هل هي في دمشق التي يزورها بوتين دون علم رئيس النظام ثم يستقبله فيها في مقراته ويذهب في زيارة لقبر صلاح الدين مكرراً المشهد الذي فعله غورو عندما احتلت فرنسا سوريا.
أم في القواعد التي أعطيت لروسيا في سوريا ولعل مافعله الجنود الروس مع مايسمى بالرئيس السوري في قاعدة حميميم وإيقافه عند الخط الأحمر بمايتنافى مع كل بروتوكولات الدبلوماسية وبما لايدع مجالاً للشك بأن المقصود هو الإذلال.
أو ربما تتجلى في سيطرته على الموانئ والشركات التي أعطيت استثماراً بعيد الأجل للروس وآخر مافعله الروس في ميناء طرطوس هو تسريح العاملين فيه كلهم واستبدالهم بالروس لكن أن تصل الأمور إلى إزالة صور الرئيس الرمز كما يسميه النظام ورميها مع النفايات وهو الذي دمر جيشه وشبيحته من اجله سوريا رافعين شعار الأسد أو نحرق البلد .
قد تكون هذه السيطرة التي يتكلم الروس عنها في البادية السورية التي لايستطيع أحد من الروس أو النظام دخولها لأنها أصبحت كمثلث برمودا بالنسبة لهم فالداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.
ولعل هذه السيطرة تكون غرب الفرات في محافظة دير الزور التي يسيطر عليها الإيرانيين وتوابعهم من الحرس الثوري والحشد وحزب الله ومن ينتسب إلى إحدى هذه الفصائل ناهيك عن المكاسب المادية فهو لا يخضع لسلطة النظام ولايذهب إلى الخدمة الإلزامية في الجيش ولايستطيع احد اعتراضه .
نستطيع أن نسرد الكثير من الأمثلة التي يعرفها الروس قبل غيرهم باعتبارهم قوة الاحتلال الأولى على الأرض في سورية وأن نثبت لهم كذبهم إلا إذا اعتبرنا كما يريد الروس أن يقنعونا أن الحكم في الشيشان للشيشانيين بعد تدمير غروزني ويريدون تكرار نفس الشيء في سوريا.
بناء على مايقوله الروس ومايدعونه ربما نعيد قراءة التاريخ ونندم على طرد الفرنسيين لأن الحكومة السورية في عهدهم كانت تسيطر على أكثر مما يسيطر عليه النظام اليوم من الأرض كما أن قوانينها واجراءاتها سارية المفعول أكثر من كل مراسيم النظام اﻵن والأهم أن شعبها كان يملك هامشا من الحرية والأمان لا يملكه اليوم فهل نحن فاعلون .