عدنان عبد الرزاق
منعت الشركة الروسية “ستروي ترانس غاز” 200 موظف سوري من الدخول إلى معمل الأسمدة بمدينة حمص وسط سورية، بذريعة أنهم غير متعاقدين معها، وإنما عقودهم السابقة مع حكومة بشار الأسد.
وتتمة الخبر: “وبعد التوسل إلى الشركة الروسية المستثمرة لثلاثة معامل تعود للشركة العامة للصناعات الكيميائية، ردت ستروي ترانس غاز أن لا مانع لديها من التعاقد مع هؤلاء العمال، لكن بشرط أن يتضمن العقد توقيعهم على إجازة بلا أجر لمدة خمس سنوات”.
وبررت الشركة الروسية، أنها بدأت بتشغيل معامل الأسمدة منذ نيسان/إبريل العام الماضي، وطيلة العام لم تنقل حكومة الأسد تلك العمالة الفائضة والمتعاقدة، إلى جهات أخرى.
الخبر السابق: طردت شركة “ستروي ترانس غاز” المستأجرة لمرفأ طرطوس، 3600 عامل سوري كانوا يعملون في المرفأ قبل استئجاره من نظام بشار الأسد لمدة 49 عاماً، وفي تتمة الخبر، وبعد الوساطة والتوسل إلى الشركة الروسية أيضاً، سمحت “ستروي ترانس غاز” لبعض العاملين من تجديد تعاقدهم معها، ولكن عبر وسيط سوري “شركة الصدى” شريطة ألا تزيد نسبة المتعاقدين عن 36% من العمال الموجودين بالمرفأ، لأنها لا تحتاجهم.
وأما ما بين الخبرين، فهو تيه وتشتت مسؤولي نظام بشار الأسد، بين إرضاء العمال وضمان حقوقهم، وبين عدم إغضاب الشركة الروسية التي أوصى بها “القائد الرمز” بشار الأسد، فتم التمييع على الطريقة السورية، أي تشكيل لجنة، وهذه المرة موسّعة ليسهل تقاذف المسؤولية وشراء الزمن، ريثما يقضي الله أمراً كان مفعولا.
نهاية القول أمران، الأول وللأمانة، ربما من تحامل بتحميل الشركة الروسية كامل المسؤولية، لأن مرفأ طرطوس خاصة ومعامل الأسمدة بحمص بشكل عام، كانت مما تملك يمين نظام الأسد، بمعنى أنه يعين على شكل عقود، جميع آله وصحبه، ويمنح هؤلاء المتعاقدين، وفق نظام حوافز خاص، أضعاف رواتب العاملين المثبتين وفق قانون العاملين الأساسي بالدولة، ما يعني إبقاءهم على رأس عملهم وعلى ما كانوا يتقاضون، سيوقع الشركة الروسية بالخسائر، حتى لو خصبت يورانيوم بمعامل الأسمدة وصدرت المخدرات واستوردته، في مرفأ طرطوس.
وهنا بالسياق إشارة، وهي كيف كانت الشركات الحكومية مخسرة وليس خاسرة بدولة الأسد، فالبطالة المقنعة عبر العمالة الزائدة، وحدها كفيلة بتحويل القطاع الحكومي بسورية، من أحد أهم روافد الخزينة العامة، إلى خاسر ومستنزف للمال العام.
وأما الأمر الثاني، وربما الأهم، أين سيؤول مصير تلك العمالة المطرودة من رحمة الروس اليوم، بواقع بطالة بسورية تزيد على 80% وفقر ناف على 90%.
ربما، أو على الأرجح، مقبرة القطاع الحكومي هي المكان الأنسب لاستيعاب المطرودين، فنقلهم ولو اسمياً إلى منشآت وزارتي النقل والصناعة، لن يزيد من الديون والخسائر، وإن ساهموا بتسريع إعلان الإفلاس وربما دعوة الصين أو إيران، للاستثمار بما تبقى من شركات حكومية رابحة، أو يمكن أن تربح.
بقي أن نقول للقارئ إن نظام بشار الأسد، وبهدف إرضاء الحليف الذي أبقاه بقوة السلاح على كرسي أبيه وبغرض إيفاء بعض الديون، منح العام الماضي، شركة “إس تي جي” الروسية استثمار معامل الأسمدة بحمص، وأعطى استثمار مرفأ طرطوس لشركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية الخاصة، لمدة 49 عامًا فقط… وقابلة للتجديد.
المصدر: العربي الجديد