اتخذت دمشق سلسلة إجراءات عسكرية وتنفيذية تحسباً لانتشار فيروس «كورونا»، مع استمرار نفي الحكومة السورية وجود إصابات في البلاد، في وقت حذرت فيه مسؤولة أممية من «أثر مدمر» للانتشار الفيروس في سورية.
وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان وقف عمليات التجنيد الإجباري حتى 22 أبريل (نيسان) المقبل «ذلك بسبب الأوضاع الصحية التي يمر بها العالم حالياً». وتابع البيان: «سيتم أيضاً إيقاف كافة الإجراءات القانونية الخاصة بدعوة المكلفين وملاحقتهم بالتخلف عن السوق بسبب الأوضاع الصحية التي يمر بها العالم حالياً».
وطلبت الحكومة إغلاق الأسواق والأنشطة التجارية والخدمية والثقافية والاجتماعية في جميع المحافظات، وتعليق العمل في الجهات العامة بدءاً من اليوم (الأحد). واستثنى تعميم رئاسة الوزراء مراكز بيع المواد الغذائية والتموينية والصيدليات والمراكز الصحية الخاصة، على أن يبدأ التنفيذ الأحد «حتى إشعار آخر».
كما طلبت رئاسة الوزراء من الوزارات «اتخاذ القرارات اللازمة لتعليق العمل في الوزارات والجهات التابعة لها والمرتبطة بها، التي لا يشكل تعليق العمل فيها عائقاً أمام مواجهة مخاطر انتشار فيروس (كورونا)».
وشمل التعميم «تقليص أعداد العاملين المداومين في الجهات التي يكون من الضروري استمرار العمل فيها إلى أدنى حد ممكن». واستثنى المنشآت الإنتاجية على مختلف أنواعها ذلك لـ«تقليص حركة المواطنين في الأسواق وغيرها من الأماكن العامة إلى أدنى حد ممكن حرصاً على السلامة والصحة العامة».
وقالت رئاسة الوزراء إن ذلك يأتي «استكمالاً للجهود الحكومية الساعية لاتخاذ الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة لمواجهة التداعيات القائمة والمحتملة لانتشار وباء فيروس (كورونا) وتحصين بنية السلامة العامة».
كانت الحكومة منعت دخول الأجانب الوافدين من دول عديدة يتفشى بها «كورونا». ورغم أن الحكومة تقول إنها لم ترصد أي إصابات بالفيروس حتى الآن، فإن سوريا تُعتبر مهددة بشدة بانتشار المرض. وقال نعمة سعيد عبد ممثل «منظمة الصحة العالمية» في سوريا لـ«رويترز» إن عدداً كبيراً من السكان مهدد في مخيمات اللاجئين والمناطق العشوائية على مشارف المناطق الحضرية الكبيرة. وأضاف: «إذا أخذنا السيناريو الذي حدث في الصين أو حتى إيران، فإننا نتوقع اكتشاف عدد كبير من الحالات، ونحن نستعد وفقاً لذلك».
ولم تُرصد أيضاً حالات عدوى بفيروس «كورونا» في أنحاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الحكومة في الشرق والشمال الشرقي والشمال الغربي. وتواجه المنطقة التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة شمال غربي البلاد أزمة إنسانية كبيرة، مع نزوح قرابة المليون شخص بسبب القتال في الشهور الماضية، بعدما شنّت قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا حملة مكثفة.
وقالت روزماري ديكارلو مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، أول من أمس (الجمعة)، إنها سمعت من مصادر على الأرض عن احتمال أن يترك «كورونا» أثراً مدمراً في سوريا. وكتبت على «تويتر»: «إن كان هناك أحد بحاجة – ويا للعجب – إلى سبب لوقف القتال هناك، فها هو».
وحظر الدخول الذي أعلنته دمشق يجيء عقب إغلاق مدارس ومتنزهات ومطاعم وعدد من المؤسسات العامة. وقال وزير الصحة نزار يازجي: «اعتباراً من السبت (أمس) ستكون هناك خطوط ساخنة استشارية للتواصل ما بين المواطن ومديريات الصحة بالمحافظات حول الحالات المرضية، بما فيها الاستشارات والاستفسارات حول فيروس (كورونا)».
ونقلت عنه «الوكالة العربية السورية للأنباء» (سانا) قوله الخميس: «وزارة الصحة هي المصدر الوحيد للمعلومات حول هذا الموضوع، وليس ما يدور على صفحات التواصل الاجتماعي الصفراء من شائعات».
لكن السلطات الكردية المتحالفة من الحكومة، التي تحكم معظم أنحاء شمال شرقي وشرق سوريا لا تبدو مقتنعة.
وقال غسان اليوسف، رئيس المجلس المدني لمحافظة دير الزور شرقي نهر الفرات، إنهم اتخذوا قراراً بإغلاق كل المعابر مع المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وأشار إلى مخاوف من انتقال الفيروس من المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة، غرب نهر الفرات، خصوصاً الخاضعة لسيطرة جماعات شيعية مؤيدة للحكومة السورية وتدعمها إيران، وينتمي أفرادها لبلدان يتفشى بها الفيروس.
ومنعت الإدارة التي يقودها الأكراد الانتقالات بين البلدات الواقعة في المنطقة اعتباراً من السبت، كما يبدأ حظر تجول من الاثنين.
وفي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في شمال غربي البلاد قام عمال الإنقاذ، الذين يتركز دورهم عادة على الإنقاذ بعد عمليات القصف التي تنفذها قوات الحكومة، بتطهير الفصول الدراسية. ويخشى المسعفون في هذه المنطقة من انتشار الفيروس على نحو سريع في مخيمات النازحين المكتظة.
وينتشر فيروس كورونا في جميع البلدان التي لها حدود مع سوريا.
المصدر: الشرق الأوسط