مصعب عيسى
حاملا جعبته من منفى الى آخر ..يضرب برصيف انتظاره خطى المجهول يتقوقع على ظله تحت شمس الصحراء العربية وينزف ظمأً لوطن مطبوع بين شفتيه اليابستين وبين فؤاد ترنم بالأنشودة الشاجية لتضاريس الفردوس المفقود هناك خلف حدود فتحت لكل عابري هذا الكون وهذه الارض الكروية ولكنها مغلقة امام بيارته وفناء منزله القديم على سفوح الجرمق قريبا من الله.
يحمل خيمته وعصاه التي له فيها مآرب اخرى لكن زمن المعجزات الثورية لم يعد قادرا على تحويل عصاه السحرية الى بندقية ولى زمن الاسطورة منذ أن اصبحت فلسطين التاريخية تكتب بالحبر السري على زنود الفتية الناشئين في عهد التنسيق وسفر التسوية.
هو الان في منتصف القرن العربي يبحث عن دليل يرشده الى بئر يوسف وسط الصحراء الممتدة من تطبيع الى تسوية.
ينقب بين وريقات المصحف الثوري عن معنى لكلمة وطن
راح يسامر نفسه في وسط الرمال ويفتح للجدلية باب التساؤلات
من هو أول لاجئ في التاريخ ؟؟..كيف كان اللجوء الاول .؟
راح يغربل أفكاره ويطرح للصدى سراب الاحتمالات
ربما آدم كان اول لاجئ حين غادر جنة الله وحمل معه حقيبة سفر واكليل غار
اذن فآدم جد الفلسطينيين والاجداد يورثون احفادهم تاريخهم بالتقادم
جلس ارضا وقد انهكه التعب وراح يحاور التراب باعتباره الاصل البيولوجي الاول له
هذا التراب واحد على كل الارض سواء كان في الشرق او الغرب او الشمال او الجنوب … فمن أين أتت الطبقية
توقف عن طرح الأسئلة المادية وراح يدور بذهنه حول اللاجئ الأول
فنام …بعد أن اثقله التفكير نام… متكأً على نفسه يحلم بفردوسه المفقود
اتاه ملك بقوام طويل اشبه بالعماليق وامسك به من قميصه المرقع ووضعه على وتد كبير الحجم وطار به عاليا.
فسار به فوق بابل قريبا من اور متجها نحو حران غربا ، جنوبا نحو مصر، الى ان وصل ارض كنعان فانزله وقال له :
من هذه الارض خرج اول اللاجئين …وعلى هذه الارض تم استقبال اول اللاجئين ..ابناء كنعان يا بني هم أنبياء اللجوء المقدس في التاريخ هم اول اللاجئين على وجه المعمورة واول الذين استقبلوا خليل الله ابراهيم وابناءه هم ابناء عم الخليل واصحابه..هكذا كتبت اسفار التاريخ
ثم اتجه به شمالا عند نهر الاردن وانزله في بيت قديم على صفاف الناصرة ولقنه تعاليم المسيح وقال :
من هنا ولد المسيح ومن هنا لجأ…فلا كرامة لنبي في قومه
هم السابقون وأنتم اللاحقون
لاجئون ونتمدد