سامويل أوسبورن
البروفيسور نيك لومان يرى أن “العدد الهائل من الإصابات بعدوى كوفيد-19 في العالم يجعل القضاء نهائياً على الفيروس مهمة مستحيلة”
نبّه عالم بيولوجي بريطاني إلى أن تحوّلاً جديداً لفيروس كورونا يسهم في تفشي العدوى بشكل أسرع حول العالم.
وأشار البروفيسور نيك لومان من جامعة برمنغهام الذي يُعدّ أحد أعضاء “كونسورتيوم المادة الوراثية لمرض كوفيد-19” Covid-19 Genomics Consortium (مجموعة من الباحثين تعمل على درس المادة الوراثية للفيروس)، إلى أن الطفرة الجديدة التي أطلق عليها اسم D614G ، أصبحت الآن السلالة السائدة والأكثر هيمنةً في العالم.
وقال البروفيسور لومان في حديثٍ أجراه معه برنامج “اليوم” الذي تبثّه إذاعة “بي بي سي”، “نحن نعمل على تتبّع الجينومات الخاصة بحالات الإصابة هذه، ونتعقّب الآلاف من المتغيّرات، لكن إحداها تُسمّى طفرة D614G كانت جديرة بالمتابعة لفترة من الوقت”.
أضاف “إن تلك المادة موجودة في ما يطلق عليه اسم “بروتين أس” Spike Protein، وهو عنصر مهم موجود على سطح فيروس كورونا يسمح له بدخول الخلايا البشرية. وقد لاحظنا أن هذه الطفرة تتزايد بشكل متواتر ويتكرّر انتشارها في المملكة المتحدة كما في جميع أنحاء العالم”.
وأوضح العالم في جامعة برمنغهام أن “تأثيرات هذا التحوّر في فيروس كورونا أو الطفرات الجينية المتطوّرة، تم توقّعها في بادئ الأمر من خلال معادلات النماذج الحوسبية، للتأكّد من تأثيرها في البنية البروتينية ومن قدرة الفيروس على اختراق الخلايا البشرية والالتحام بها، ثم أظهرت بعض التجارب المختبرية في الفترة الأخيرة قدرتها على زيادة انتقال العدوى في الخلايا”.
ورأى البروفيسور لومان أن الاختبار الحقيقي يتمثّل في معرفة ما إذا كان تأثير هذه الطفرة الجديدة في إبقاء الفيروس قابلاً للحياة في رحلاته من خلية إلى أخرى، سينسحب على مجموعات كبيرة من السكان، مشيراً إلى أن تأثيرها واضح لا سيما لناحية القابلية على الانتقال.
وفيما توقّع العالم البيولوجي أن يكون هذا التأثير محدوداً قال في المقابل: “لسنا واثقين تماماً من ذلك، لكننا استخلصنا من خلال اختباراتنا للإصابات داخل المملكة المتحدة، أن الفيروسات التي تحتوي على عوامل قابلة للتحول من “نوع جي” G-type، تشكّل مجموعات من حالات الإصابة ما جعلها أكثر سرعة في الانتشار، وأوسع نطاقاً من الفيروسات التي تحتوي تحوّلات جينية من “نوع دي” D-type.
أضاف لومان “في ما يتعلّق بهذه الطفرة لم نلحظ أي ارتباط مهم بينها وبين بقاء الفرد على قيد الحياة أو بطول المدة التي يقضيها في مستشفى، لذا نحن لا نعتقد أن هذه الطفرة مهمة في تغيير حدّة المرض. ويبدو أن تأثيرها يرتبط أكثر بقابلية العدوى على الانتقال. فالتحولات الوراثية التي تزيد من قابلية الفيروس على الانتقال هي تلك التي يتم اختيارها للتتبّع، وهي التي سنرى وجودها بشكل متزايد لدى الناس”.
البروفيسور في جامعة برمنغهام أعرب عن اعتقاده في المقابل، بأن الطفرة الجديدة لن تؤثّر في إنتاج لقاح مضاد لعدوى “كوفيد – 19”. لكنه أشار إلى أن “هيئة العلماء ما زالت تعمل على تتبّع الأمر والمضي قدماً في إنتاج اللقاح، ولا يتوقّع أي تأثير للتحوّل الجيني الجديد على ذلك. أضاف “أن أي تجربة للقاح مضادٍ لفيروس كورونا ستشمل المرضى الذين هم عرضة لهذه الطفرة، لأنها في الواقع هي الأكثر هيمنة وتطاول نحو 75 في المئة من حالات الإصابة بالعدوى. أعتقد أنها لن يكون لها تأثير على اللقاح”.
وأشار أيضاً إلى أن “التكاثر الملحوظ لهذه الطفرة بات يشكّل ظاهرة عالمية، فالفيروس الأصلي الذي ظهر أولاً في مدينة ووهان هو من “نوع دي” D-type، لكن الفيروس من “نوع جي” G-type بات هو الأكثر فتكاً وسيطرةً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة. من هنا، يجب أن نحصل على نتيجة مفيدة في أي بقعة نقوم فيها بتجربة اللقاح”.
وأشار البروفيسور نيك لومان إلى أن أي لقاح محتمل يتم تطويره للقضاء على “كوفيد – 19” يجب أن يخضع لبعض التعديلات على أساس سنوي، لمواجهة أي سلالات متحوّلة جديدة من الفيروس والتكيف معها. وتوقّع في هذا الإطار أن يكون هناك الكثير من هذه التحولات، ونبّه إلى أن أي لقاح أو علاج يستهدف الفيروس “يجب أن يركز بشكل فعال على الطفرات التي يُحتمل نشوؤها والتي يمكن أن تجعل الفيروس قادراً على الإفلات من آثار اللقاح، أو محصّناً أكثر لمقاومة العلاج”. أضاف “هذا هو بالتحديد ما سنعكف على درسه بجدّية خلال الأشهر والسنوات المقبلة”.
ورداً على سؤال عن حتمية تعايش العالم مع الفيروس على مدى السنوات المقبلة، قال أخيراً البروفيسور لومان أخيراً: “هناك عدد كبير من حالات الإصابة في كل مكان، بحيث يبدو أن التوصل إلى القضاء على الفيروس نهائياً أشبه بمهمة مستحيلة. لكننا نأمل في أن يساعدنا اللقاح على السيطرة على تلك الحالات بشكل أفضل”.
المصدر: اندبندنت عربية