فارس الرفاعي
أعرب عدد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين عن استهجانهم لتطبيع دولة الإمارات العربية المتحدة مع الكيان الصهيوني، معتبرين إياه “مؤامرة ضد الفلسطينيين” و”طعنة في ظهر الحقوق الفلسطينية والعربية”، وبأنه “جزء من سياق محموم نحو التطبيع مع الاحتلال قد تلحق به قريباً دول خليجية أخرى، فيما وصفه آخرون بـ”اتفاق العار”.
وكان قد تم أمس (الخميس) الإعلان عن اتفاق “إماراتي- إسرائيلي” يتم بموجبه تعليق خطط الحكومة الإسرائيلية المتعلقة بضم أراض فلسطينية إلى السيادة الإسرائيلية، وتضمن الاتفاق –بحسب ما نقلت محطة BBC البريطانية العديد من النقاط ومنها “تطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل “و”تبادل السفارات والسفراء” و”إطلاق رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي وتل أبيب” و”منح المسلمين إمكانية أكبر للوصول إلى المسجد الأقصى في القدس القديمة، من خلال السماح برحلات طيران مباشرة من أبو ظبي إلى تل أبيب” و”الاستثمار المباشر للإمارات في إسرائيل. و”توقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات السياحة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا” و”الاستثمار في قطاعات الطاقة والمياه والرعاية الصحية والثقافة والبيئة”.
ورأى منسق “تجمع مصير” المحامي “أيمن فهمي أبو هاشم” في حديث لـ”زمان الوصل” أن هذه الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي برعاية أمريكية غير منفصل عن ترتيبات صفقة القرن، وسبقته خطوات عديدة تؤكد أن حكام الإمارات لديهم دور واضح في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وفتح أبواب المنطقة العربية أمامه. وأردف أن “العلاقة بين الطرفين ليست جديدة، وقد مرت بمراحل سرية قبل هذا الإتفاق المُعلن، الذي يشكل طعنة في ظهر الحقوق الفلسطينية والعربية، وهدية كبيرة لنتنياهو وترامب، المستفيدان الأكبر من هذا الإتفاق لحساباتهما الداخلية”.
ولفت أبو هاشم إلى أن خطورة توقيت هذا الاتفاق الذي يأتي في ظل تردي أحوال الواقعين الفلسطيني والعربي، في أنه يغطي على تاريخ طويل من جرائم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ومساعدة نتنياهو على شرعنة سياساته العدوانية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تواصل حكومته العنصرية مصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية، وتحويلها إلى كانتونات على نموذج نظام الأبارتهايد لمنع قيام أي كيان سيادي فلسطيني حاضرا ومستقبلاً، و تابع محدثنا أن هذا الإتفاق/العار، يقفز عن كل هذه الحقائق والوقائع الكارثية، ويتذرع القائمون عليه أنه جاء لوقف مشروع نتنياهو في ضم أجزاء من الضفة الغربية وهذا تضليل فاضح ومكشوف، لأن الاتفاق ينص على تعليق عملية الضم وليس إيقافها، ولذلك ينتمي هذا الاتفاق-حسب قوله- إلى سياسات التفريط والتلاعب والاستسلام التي ينتهجها حكام الإمارات والعديد من الأنظمة الخليجية والعربية، حيال الصراع العربي _ الصهيوني، وعبر الباحث السياسي الفلسطيني عن اعتقاده بأن هذا الاتفاق يلقي مسؤولية كبيرة على عاتق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، في فضح وتعرية هذه السياسات الظالمة، مضيفاً أن “الرد عليها يكون باستنهاض الواقعين الفلسطيني والعربي، للدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية، وإفشال مشاريع النيل من حقوقنا ومصالحنا الوطنية والعربية”.
وبدوره رأى الصحفي الفلسطيني “أشرف السهلي” أن هذا الاتفاق كان متوقعاً تماماً منذ سنوات نظراً للدور الوظيفي “القذر”-حسب وصفه- الذي تلعبه الإمارات وتزعمها لمحور الشر العربي، وهو عمل غير مستغرب بالنظر إلى “محمد بن زايد” والدور الخطير الذي يلعبه في المنطقة وهذا الإتفاق–بحسب السهلي- لا ينفصل عن صفقة القرن الشاملة، فلسطين وسوريا وإعادة تدوير الإمارات لنظام الأسد واليمن تلميع صورة القتلة الاماراتيين السعوديين، وهو يرتبط بإيران أيضا غير أن هذا الاتفاق سيغذي أطماعها أكثر وفي نفس الوقت ينذر بشيء ما بخصوصها، وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن هذا الإنفاق المشؤوم سيعزز موقف الانقلابات العسكرية والثورات المضادة والديكتاتوريات في منطقتنا، ويعزز الاستبداد، ومما يؤكد ذلك أن الإمارات خففت نبرتها حيال إيران قبل أشهر وتقربت منها فهي بمثابة بيدق تحركه واشنطن في المنطقة كيف تشاء و رغم كونها دولة إلا أنها لا تملك مشروعاً أو قوة حقيقية تماثل الدول.
وأعرب السهلي عن مخاوفه على أوضاع الفلسطينيين المقيمين في الإمارات ويُقدر عددهم بـ 500 ألف لاجىء انتقلوا إليها منذ سنوات بحثاً عن لقمة العيش ومنهم فارون من أنظمة عربية بسوريا وغيرها، وأردف أن هناك “مخاوف حقيقية أن يتكرر السيناريو الليبي أو الكويتي بحق الوافدين الفلسطينيين إلى الإمارات، واستدرك محدثنا “في حالة الإمارات هناك فعل أحادي محتمل من النظام الاماراتي، إذ لم تسئ أي قيادة فلسطينية أو تتدخل في شؤون هذا النظام او تتفاعل وتحتك به، كما جرى في تجارب سابقة، ولو حصل شيء ضد الوافدين هناك فهو استكمال لغدر عيال زايد بحق الشعب الفلسطيني ولا يتحمل مسؤوليته أي طرف فلسطيني إطلاقاً.
ومن جهته أكد الناشط الفلسطيني “عمار القدسي” أن الاتفاق يأتي في إطار عمليات التطبيع المستمرة من الدول العربية وهو بمثابة هدر صريح لحق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في استرداد حقوقه المسلوبة، وتخلٍ واضح عن قضية قومية عربية تخص كل الأمة العربية، كما أن هذا الاتفاق يهدر تاريخاً نضالياً للشعب الفلسطيني ويمثل تكريساً لواقع معاناة الشعب الفلسطيني من هذا الكيان المجرم ولا يخدم إلا مطامع بعض هذه الدول باسترضاء الكيان الصهيوني على حساب معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
المصدر: زمان الوصل