في ظل عدم اهتمام النظام السوري بالمسار السياسي واجتماعات اللجنة الدستورية، وهو ما بدا واضحًا من خلال تصريحات رئيس النظام، بشار الأسد، أبدت الولايات المتحدة الأمريكية اهتمامًا واضحًا باجتماعات الجولة الثالثة للجنة، التي ستجري في 24 من آب الحالي بجنيف، بحضور وفود عن النظام والمعارضة السورية والمجتمع المدني.
وظهر الاهتمام من خلال تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري، جيمس جيفري، إلى جانب تحركاته الدبلوماسية على الأرض، وإعرابه عن أمله في تحرك مياه اللجنة الراكدة، وانخراط النظام أكثر في مناقشة مواد الدستور.
لكن في المقابل، لا ينتظر السوريون، سواء هيئات المعارضة أم مواطنون، من اجتماعات اللجنة أي تقدم، أو تحقيق معجزة تنهي سنوات الحرب، وهو ما ألمح إليه المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون.
أمل جيفري في أمرين
خلال الأسبوع الماضي، وفي لقاءات مع صحفيين عبر الفيديو، ألمح جيفري إلى اهتمام أمريكي باجتماعات اللجنة الدستورية من خلال أمرين، الأول ما عكسته تصريحاته حول أهمية انعقاد اللجنة الدستورية ودورها في إنهاء الصراع.
وقال جيفري في مؤتمر صحفي، في 13 من آب الحالي، إن واشنطن تتطلع بشدة لرؤية التقدم في اللجنة الدستورية، قائلًا “هذا أمر بالغ الأهمية لحل هذا الصراع”.
وأعرب جيفري عن أمله بتحقيق أمرين: الأول هو عقد لقاءات اللجنة الدستورية لأسابيع وليس لأيام فقط، ورؤية جدول اجتماعات جديد، أما الأمر الثاني فهو “الانتقال من نقاش المبادئ الأولى فقط، وهو ما يريده نظام دمشق، وهي دعاية معتادة حول سيادته ومحاربة الإرهابيين، إلى تقدم حقيقي (…) في الحديث عن التغيير الدستوري. هذا مهم جدًا”.
وأشار المبعوث الأمريكي إلى “حث جميع الأطراف، بما في ذلك النظام، على مواصلة هذه العملية (اللجنة الدستورية)، هذا هو السبيل للخروج من المأزق الرهيب، الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي، الذي يجدون أنفسهم فيه”.
الأمر الثاني، الذي عكس الاهتمام الأمريكي، تجسد في تحركات جيفري الدبلوماسية، إذ بدأ زيارة إلى تركيا، في 22 من آب الحالي، للقاء المسؤولين الأتراك في أنقرة لبحث الملف السوري، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سوريا، بحسب ما أكدته الخارجية الأمريكية في بيان لها.
كما يلتقي جيفري ونائب مساعد وزير الخارجية، جويل رايبورن، المعارضة السورية وممثلي المجتمع المدني في اسطنبول، لبحث آخر التطورات في سوريا.
وعقب ذلك، يغادر جيفري إلى جنيف لأول مرة يحضر بها اجتماعات اللجنة، ويلتقي المبعوث الدولي، غير بيدرسون، وممثلي الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، إلى جانب معارضين سوريين مشاركين في اجتماعات اللجنة الدستورية.
وحول الاهتمام الأمريكي باللجنة، اعتبر المتحدث باسم “هيئة التفاوض العليا” وعضو اللجنة الدستورية، يحيى العريضي، أن واشنطن مهتمة وراغبة في إيجاد حل سياسي.
وقال العريضي، في حديث إلى عنب بلدي، إن “اللجنة الدستورية هي المدخل الوحيد الفاعل الآن في بنود أو محاور القرار 2254، الذي يشكل خريطة الطريق التي تبنى عليها العملية السياسية، وحيث اعتبرت أمريكا دخول النظام هذه العملية أحد البنود التي تسهم برفع عقوبات قانون “قيصر”، فإن تصريحات المبعوث الأمريكي وحضوره يعكس اهتمامًا ورغبة في إيجاد حل سياسي”.
بيدرسون والمعارضة.. أمل ضعيف
وفي مقابل الاهتمام الأمريكي، توقع المبعوث الدولي، غير بيدرسون، عدم تحقيق معجزة في اجتماعات اللجنة الدستورية، في حين توقعت المعارضة سياسة المماطلة من قبل النظام السوري.
ودعا بيدرسون، في مؤتمر صحفي عقده السبت الماضي في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، إلى عدم توقع “معجزة” أو “نقطة تحول” في الجولة الثالثة من مباحثات اللجنة، التي اعتبرها “عملية طويلة وشاقة”، كما أنها “لن تشكل حلًا لإنهاء الحرب السورية”.
ويأتي ذلك في ظل وصف الأسد “المبادرات السياسية” بأنها تحولت إلى “خزعبلات سياسية”، وأن أي عملية سياسية “ضجيج وغبار يثار من وقت لآخر لم يحمل معه أي تبدل يذكر”، معتبرًا في كلمته أن “استخدام المبادرات السياسية هدفه إيقاعنا بأفخاخ نصبوها ليحققوا عبرها ما فشلوا به عبر الإرهاب، وهذا لن يكون سوى في أحلامهم، ولكننا سنسير معهم تطبيقًا للمثل الشعبي (إلحق الكذاب لورا الباب)”.
إلا أن الأسد أكد، بعد لقائه كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، علي أصغر خاجي، أن “سوريا ماضية في هذا المسار (اللجنة الدستورية) رغم محاولات بعضهم حرف اللجنة عن مهامها وغايات تشكيلها، والسعي لتغيير آليات عملها”.
واعتبر العريضي أن حديث الأسد عن التزامه بالعملية بعد زيارة المبعوث الإيراني “ليس لأن إيران أو هو مغرمون بالعملية، بل هو تظاهر وأمل برفع أو تخفيف العقوبات. اللعب السياسي”.
وحول توقعاته من مخرجات اللجنة، يعتقد العريضي أنه قد يحدث تقدم شكلي، ولكن في الجوهر ستبقى المماطلة ومحاولات التملص سيدة الموقف، ريثما يتم الضغط الحقيقي لتنفيذ القرار الدولي، كي يخرج الجميع من أزمتهم.
المصدر: عنب بلدي