اعتبر رئيس النظام السوري بشار الأسد أن “حكومته كانت وما زالت تنتهج المرونة على المسار السياسي بالتوازي مع العمل على مكافحة الإرهاب، بما يحقق الأمن والاستقرار وصولاً إلى تحقيق ما يرنو إليه الشعب السوري”.
جاء ذلك خلال استقباله الإثنين، وفداً روسياً برئاسة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف، ووزير الخارجية سيرغي لافروف، حيث نقلت دائرة الإعلام في القصر الجمهوري أن “الأسد أكد عزم الحكومة السورية على مواصلة العمل مع الحلفاء الروس بغية تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين بما في ذلك إنجاح الاستثمارات الروسية في سوريا”.
وبحسب بيان نشرته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على “فيسبوك”، فقد جرى خلال اللقاء بحث مجريات تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين الجانبين ومساعيهما للتوصل إلى اتفاقيات جديدة بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين، والتخفيف من آثار سياسة العقوبات التي تنتهجها بعض الدول ضد سوريا، وكان هناك اتفاق على أهمية البدء بتنفيذ الآليات الكفيلة بتجاوز الحصار الاقتصادي.
ويبدو أن ملف العقوبات المفروضة على النظام كان الملف الأكثر أهمية بالنسبة للجانبين، الذين تأتي مباحثاتهما في دمشق في إطار اجتماعات اللجنة السورية-الروسية المشتركة، وهي لجنة وزارية معنية بالشأن الاقتصادي.
الاقتصاد: اتفاقات وعقوبات
الشكوى من هذه العقوبات خلال المؤتمر الصحافي الذي تلى اللقاء مع الأسد، كانت واضحة على لسان المسؤولين من الطرفين، وخاصة الروس الذين يُعتقد أن صدور قانون العقوبات الأميركي “قانون قيصر” في حزيران/يونيو الماضي، قد وجه ضربة قوية لخططهم الاستثمارية في سوريا.
فقد اعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف أن السبب الأول لفشل اللجنة المشتركة في الوصول إلى المستوى المأمول “هو العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بما في ذلك قانون قيصر الذي يمنع قدوم الاستثمارات الاجنبية”.
بوريسوف اشتكى أيضاً من أن معظم المناطق الغنية وحقول النفط والغاز تقع خارج سيطرة النظام، ما يمنع حكومة دمشق من استخراج النفط الذي يشكل مورداً مهماً للميزانية السورية، مضيفاً أن “الأمر نفسه ينطبق على الموارد الزراعية”.
وعليه، فإن “السبب الأهم للوضع المأسوي في سوريا” حسب بوريسوف، هو “الموقف المدمر للولايات المتحدة، إضافة الى عدم رغبة الإدارة الذاتية الكردية في التواصل مع دمشق وتسليم السيطرة للحكومة الشرعية على المناطق الزراعية وحقول النفط”.
إقرار ضمني بالعجز، وترديد مستمر للشكوى لم يمنع بوريسوف من الحديث عن 40 مشروعاً جديداً تم الاتفاق عليها بين الجانبين، تشمل “إعادة بناء البنية التحية لقطاع الطاقة، بعد أن تم التوقيع على عقد عمل لشركة روسية للتنقيب واستخراج النفط و الغاز قبالة الشواطئ السورية”.
من ناحيته اكتفى وزير خارجية النظام بالتعليق على كل ما تقدم الحديث عنه اقتصادياً بالتأكيد على أنه “متفائل بالوضع الاقتصادي العام وأن الشعب سيشعر بالتحسن القادم”.
الوضع في إدلب
أما على الصعيد السياسي، وإلى جانب تكرار الحديث عن “ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية” كما هو متوقع بطبيعة الحال، فقد تركز المؤتمر الصحافي الذي عقده مسؤولو الحكومتين على عمل اللجنة الدستورية السورية وما يتعلق بها، وعلى الوضع الميداني العام وخاصة في إدلب، وارتباط ذلك بالعلاقة بين الدول الراعية لمسار أستانة.
وأكد لافروف أنه “جرى الاتفاق على أن يتسم الوضع الميداني بالهدوء”، في إشارة إلى تلميحات سابقة للنظام وحلفائه الإيرانيين بامكانية شن هجوم على إدلب، مضيفاً أن “منطقة إدلب لخفض التصعيد هي أهم مجالات تعاوننا مع تركيا، وعملنا على المسار السوري يعتمد على اتفاقات الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وايران)”.
اللجنة الدستورية والانتخابات
وبينما تجاهل وليد المعلم الحديث عن الوضع الميداني ومصير اتفاق وقف النار المطبق في إدلب ومجمل مسار أستانة، فإنه توسع في تناول ملف اللجنة الدستورية، لكن باعتبارها قضية موازية لا أكثر.
وقال إن “الانتخابات الرئاسية القادمة في سوريا ستجري بموعدها”. وأضاف “لا يوجد جدول زمني لإنجاز الدستور الجديد، ولا يمكن إنجازه بضغوط خارجية، بل إن ذلك سيتم بما يحقق طموحات الشعب السوري، والدستور سيتواصل النقاش حوله ولا علاقة له بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في موعدها العام القادم”.
وينسف موقف المعلم التفاؤل الذي عبر عنه البعض من المعارضة والمجتمع الدولي ممن عوّلوا على أن وفد روسيا الموجود في دمشق حالياً قد توجه إلى هناك لاقناع النظام أو إجباره على تسريع عمل اللجنة الدستورية.
بل إن لافروف اعتبر أنه “يستحيل أن يوضع برنامج زمني في ما يخص عمل اللجنة الدستورية”. وقال: “موضوع الانتخابات هو قرار سيادي لسوريا، وطالما أنه لم يتم التوصل إلى دستور جديد أو تعديل للدستور الحالي، فإن سوريا ستستمر وفق الدستور القائم”.
وذهب لافروف في مجاراة مضيفه أبعد من ذلك، حين إعتبر، وإن بشكل غير مباشر، أن “اللجنة الدستورية” هي بديل عن “هيئة الحكم الانتقالية” المتضمنة في القرار الدولي 2254. وقال: “الغربيون حاولوا تمرير فكرة هيئة الحكم الانتقالي عبر المبعوث الخاص الأممي السابق ستيفان دي ميستورا، ولإخراج هذه العملية من المأزق الذي وقعت فيه، تم إنشاء مسار أستانة، وتم عقد مؤتمر الحوار السوري-السوري في سوتشي، وبناء على مخرجات مؤتمر سوتشي تم تشكيل اللجنة الدستورية، وعلينا السماح لها بتنفيذ عملها”.
المصدر: المدن