فايز هاشم الحلاق
أَتَانِي مِنْكِ في الحُلُمِ
بأنِّي كُنْتُ أَهوَاكِ
وأنِّي الآنَ أَنْسَاكِ
تؤرِّقُني اتِّهاماتي
فأَصْحُو صارخاً هلِعاً
وَوَحْشُ الحِقْدِ يَمْلَؤُني
علىٰ نَفْسي علىٰ ذاتي
لِماذا النَّومُ يُرْسِلُني
إلىٰ بَرَدىٰ إلىٰ الرَّبوَهْ
إلىٰ الفيجَهْ
إلىٰ حبٍّ يُذَكِّرُني
بِأَنّي لَمْ أَزَلْ أَهْذي
تَضَرُّعاً إلىٰ صَنَمِ
إلىٰ جَبَلٍ إلىٰ حَجَرٍ
إلىٰ غُصنٍ تَثَنّىٰ من صَبا وادي
فَغنَّىٰ روعَةَ النَّغَمِ
فَهَلْ أَبْقَىٰ غَريقاً تاهَ في اليَمِّ
عَصِياً في حَماقاتي
علىٰ أَنّي مَعَ الأُخْرىٰ
بِكُلِّ ما في الجُرْحِ مِن أَلَمِ
وكُلُّ نُعومَةِ الأُنْثىٰ
يُزَلْزِلُني
تَزَلُّفُ الحِرْمانَ في قَلْبي
أَنا النَّبْعُ الَّذي فاضَ للدُّنيا
من الأَزهارِ والطَّلْعِ
من الإبْداعِ والعِلْمِ
ونَفْحُ الطيبِ في النَّفْسِ
كما أَنِّي بريءٌ مِنَ العُقَدِ
ومنْ داءٍ يُسَمَّىٰ
تَصَحُّرُ الحِسِّ
ورَغْمَ التِباسُ الحُلْمِ بالعَدَمِ
ورَبْطُ الموتِ باليَأْسِ
فذاكَ الاسْمُ فَوقَ فَمي
سَأَصْحو أُنادي أَحاسيسي
أُلَمْلِمُ كُلَّ أَشْواقي
وأَجْمَعُ بَعْضَ آهاتي
وأَنْفاسي
لِتَكْتُبَ أَسْطُراً جَرْحىٰ
مِدادُ الحرفِ من دَمْعي
ومنْ نَبْضٍ قَضىٰ في جِراحاتي
أَخُطُّ سُطورَ آلامي
أُكَوِّنُها شُهوداً علىٰ ذاتي
علىٰ حُلُمي
علىٰ الآذانِ من مسجدْ
علىٰ الأَنَّاتِ في صَدْري
تُحَذِّرُني وتَنْهاني
عَنِ النَّومِ
فلا بابٌ أَمُدُّ يَدي فَأُغْلِقُهُ
إِذا تَسَرَّبْتِ من ذاتي
ومنْ أَطْرافِ أَجْفاني
أُحِبُّكِ بَلْ أَموتُ في حَناياكِ
دَعيني أَكونُ كَأْساً مِنَ (الفيجَهْ)
فَأَدْلُقُهُ علىٰ وَجْهي
علىٰ جرحي
لِكَيْ أَصْحو علىٰ البَلْسَمْ
لِتَبْقىٰ العَيْنُ ساهِرَةً
فَلِصُّ النَّومِ مُنْفَرِدٌ وفَتَّاكٌ
ومن ذكراكِ لا أَسْأَمْ
* * *
سَأَدْعو اللهَ في سِرّي
وفي جَهْري
أَعِدْني صَبِيًّا في بَساتينِ بَلْدَتِنا
يَنامُ من صَبا نِسْمه
ويصحو علىٰ خرير من الجدول
لماذا لا تَعودُ أَوْراقي؟
شَهاداتي
وكُلُّ ما أَهْدَتْني (أَمْريكا)
فأَحْمِلَهُ بينَ أَضْلاعي
إِذا ما قَررتُ أَنْ أَرْحل
* * *
دعيني أَيا شَقْراءَ لي عُذْري
فإِنّي أُريدُ أَنْ أَبْكي
قَليلاً مَعْ جِراحاتي
فَهذي عَشيقَتي ظَهَرَتْ
تُعاتِبُني، كَأَنَّها لَيْلىٰ
مُزَيِّنَةٌ علىٰ أَشْجارِ غوطَتِها
علىٰ صَفَحاتِ أَوْراقي
علىٰ أَرْقامِ تَذْكَرَتي
دَعيني كَيْ أَرىٰ أَلوانَ عَيْنَيْكِ
سَماءً تَموجُ علىٰ حَصىٰ بَرَدَىٰ
دَعيني لِأَنِّي دونَ أَنْ أَدْري
غَفا جَفْني عن الذِّكْرىٰ
فَعاتَبَني مَكانٌ يَجْمَعُ العشَّاقَ في (دُمَّرْ)
وذَكَّرَني بأَنْهارٍ مِنَ السُّكَّرْ
تُناديني: تَعالَ اسْكَرْ.
تُجيبُ النَّارَ في صَدري:
غَداً آتي