واشنطن – عندما تولى نجم تلفزيون الواقع دونالد ترامب منصبه، سارع إلى وصف إيران بأنها الشرير الرئيسي في فترة رئاسته وتخلى في النهاية عن اتفاق تاريخي استهدف منع طهران من تطوير أسلحة نووية وفرض ضغوط اقتصادية على الجمهورية الإسلامية.
وتعهد جو بايدن بالانضمام من جديد إلى اتفاق 2015 الذي وافقت عليه واشنطن عندما كان نائباً للرئيس إذا عادت إيران أيضا إلى الالتزام بالاتفاق. لكن دبلوماسيين ومحللين قالوا إنه من غير المرجح أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها لأن المتشككين من الفريقين المتخاصمين سيرغبون في استخلاص التزامات إضافية من بعضهم بعضا.
وقال روبرت أينهورن، خبير الحد من التسلح في مهد بروكينغز: “لن تكون العودة للامتثال سريعة أو سهلة بالنسبة لكل من الطرفين. سوف يستغرق الأمر، على الأرجح، ستة أشهر أو نحو ذلك، ومن المحتمل أن لا يتمكنا من التوصل إلى اتفاق”.
وكان بايدن قد حصل على عدد كافٍ من أصوات المجمع الانتخابي يوم السبت لتولي الرئاسة، ما دفع النائب الأول للرئيس الإيراني إلى القول إنه يأمل في حدوث تغيير في “السياسات الأميركية المدمرة”.
من جهتها، كانت إيران قد اتفقت في خطة العمل الشاملة المشتركة، أو “الاتفاق النووي الإيراني”، مع الولايات المتحدة والدول الكبرى إيران على فرض قيود على برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات عنها. وبدأت في خرق الاتفاق النووي بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في 2018 وبدء إدارته في تشديد العقوبات الأحادية على طهران.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه يريد عودة الولايات المتحدة إلى لاتفاق مرة أخرى، لكنه قال لشبكة (سي بي إس نيوز) يوم الاثنين إن “العودة إلى الاتفاق لا تعني إعادة التفاوض”، لأنه “لو أننا أردنا القيام بذلك (إعادة التفاوض)، لكنا فعلنا ذلك مع الرئيس ترامب قبل أربعة أعوام”.
ومن جهته، قال بايدن إن العودة إلى الاتفاق ستكون “نقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة”، وإن واشنطن ستعمل بعد ذلك مع الحلفاء لتعزيز الاتفاق النووي وتمديده ومعالجة القضايا الأخرى ذات الاهتمام.
وكتب بايدن على موقع (سي. إن. إن) الإلكتروني في أيلول (سبتمبر): “إذا اختارت إيران المواجهة، فأنا مستعد للدفاع عن مصالحنا الحيوية وقواتنا. لكنني مستعد للسير في طريق الدبلوماسية إذا اتخذت إيران خطوات لإثبات استعدادها لذلك أيضاً”.
وطالبت إيران بتعويضات عن “الأضرار” التي لحقت بها في ظل تجدد العقوبات الأميركية، ملمحة إلى ضرورة أن تقوم واشنطن بتعويضها عن عائدات النفط التي خسرتها، وهو أمر سيجده أي رئيس أميركي صعباً إن لم يكن مستحيلًا.
واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأحد أن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل “فرصة” لواشنطن للتعويض عن “أخطاء” عهد دونالد ترامب الذي اعتمد سياسة “الضغط الأقصى” وفرض عقوبات اقتصادية شديدة على الجمهورية الإسلامية.
وقال روحاني، في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للرئاسة الإيرانية أ، “سياسة الإدارة الأميركية المؤذية والخاطئة في الأعوام الثلاثة الماضية لم تكن مدانة من قبل الناس في كل أنحاء العالم فحسب، بل ولقيت أيضاً معارضة من مواطني هذا البلد (الولايات المتحدة) في الانتخابات الأخيرة”. وأضاف: “الآن ثمة فرصة للإدارة الأميركية المقبلة للتعويض عن أخطائها السابقة والعودة إلى مسار احترام الالتزامات الدولية”.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه إن “كل الأطراف سترفع من سقف توقعاتها.. يجب أن تكون الأولوية لدى الجميع هي إقناع ودفع إيران بالعودة إلى التزاماتها النووية”.
في الآونة الأخيرة، أضاف ترامب أيضاً عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك خلال الشهر الماضي عندما وضع قطاعات من صناعة النفط الإيرانية في القائمة السوداء -والتي كانت مدرجة مسبقاً على القوائم السوداء الأميركية- بموجب سلطات قانون مكافحة الإرهاب الإضافية. ويترنح الاقتصاد الإيراني تحت وطأة ضغوط جائحة “كوفيد-19” والعقوبات الأميركية وانخفاض أسعار النفط.
من جهته، قال بايدن إنه سيتأكد من أن العقوبات الأميركية لا تعرقل جهود إيران لاحتواء فيروس كورونا. وقال مسؤولون إيرانيون إن أي محادثات يجب أن تتم بعد الانتخابات الرئاسية في إيران، المقرر إجراؤها في منتصف العام 2021 والتي من المتوقع أن يفوز فيها صقور المؤسسة الأمنية المناهضون للولايات المتحدة.
وقال هنري روما، الخبير في الاقتصاد الإيراني في مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر: “أعتقد أن ما ستحاول القيادة الإيرانية القيام به هو تحقيق التوازن بين الاحتياجات الماسة لاقتصادها ووضع استراتيجية ما للتفاوض مع الشيطان الأكبر”.
وكان ترامب قد رفض الاتفاق النووي لأنه يريد التوصل إلى اتفاق أوسع، والذي يعالج أيضاً برنامج إيران الصاروخي وأنشطتها الإقليمية.
وتتهم الولايات المتحدة إيران بالتدخل في الصراعات الجارية في سورية واليمن والعراق ومناطق أخرى. وخلص تقرير للأمم المتحدة صدر في حزيران (يونيو) إلى أن صواريخ الكروز التي استخدمت في هجمات عدة على مرافق نفطية ومطار دولي في السعودية العام الماضي كانت “إيرانية الأصل”.
وفي هذا الإطار، قال بايدن إنه “سيواصل استخدام العقوبات الموجهة ضد انتهاكات إيران لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وبرنامج الصواريخ الباليستية”.
المصدر: (أحوال تركية) /الغد الأردنية