مصطفى محمد
يأتي اتفاق النظام السوري مع إيران على مقايضة البضائع، في إطار البحث عن طرق بديلة عن الاستيراد الخارجي لتأمين جزء من متطلبات السوق السورية. لكن تعويل النظام على المقايضة يواجه بمعضلة التشابه الكبير بين ملامح الحالة الاقتصادية لديه والحالة الإيرانية، وتحديداً من حيث الإنتاج الزراعي.
مع بداية كانون الأول/ديسمبر، سيبدأ النظام بتنفيذ اتفاق مقايضة البضائع مع إيران، حسب معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، جمال الدين شعيب، الذي قال إن الهدف هو دعم الأسواق بسلع جيدة وتنافسية.
وستقوم المؤسسة السورية للتجارة بتصدير ألفي طن من زيت الزيتون، وألف طن من العدس إلى إيران، مقابل استيراد كميات من زيت عبّاد الشمس تعادل ثمن الكميات المصدّرة من زيت الزيتون والعدس، ولاحقاً السكر والرز والمعلبات من إيران.
وجاء توجه نظام الأسد لمقايضة البضائع مع إيران، كنتيجة طبيعية لشح العملات الأجنبية في خزينته، وعدم قدرة ما تبقّى منها على تمويل المستوردات الأجنبية.
ويؤكد المستشار الاقتصادي في مركز “جسور للدراسات” خالد التركاوي أن النظام السوري لا يستطيع مقايضة إيران بالبضائع، نظراً لعدم حاجة السوق الإيرانية إلى المواد التي لا زالت تُنتج في سوريا، إلى الآن.
ويقول ل”المدن”، إن “إيران تعتمد على إنتاجها المحلي إلى درجة كبيرة، ولا تعاني من أزمة واضحة كما هو حال النظام، الذي يعاني من فقدان عدد كبير من المواد الضرورية، ومنها القمح ومشتقات النفط”.
ويوضح التركاوي أن السوق الداخلية السورية لا تسجل زيادة في أي مادة، باستثناء عدد من المحاصيل (الكمون والعدس) وزيت الزيتون والحمضيات والتفاح، وفي حالة الفواكه، ترفع الشروط اللازمة لنقل هذه المواد من تبريد وما شابه من ثمنها، ما يفقدها القدرة على المنافسة في السوق الإيرانية.
ويضيف أن من شأن تصدير أي مادة من سوريا التي تعاني من شح كبير في المعروض، رفع سعرها بشكل جنوني، كما هو الحال مع مادة زيت الزيتون التي تعتبر من أهم الأغذية في سوريا.
وإلى حد كبير، يتفق الخبير الاقتصادي سمير طويل، مع ما ذهب إليه التركاوي من التقليل من فائدة مقايضة البضائع مع إيران، قائلاً: “حاول النظام بعد تعرضه للعقوبات الأوروبية والعربية في العام 2012، فتح أسواق جديدة للبضائع السورية، في الدول الصديقة، وفشل اتحاد المصدرين السوريين في حينها باختراق السوق الإيرانية، نظراً لإنتاج إيران محلياً المواد ذاتها، مثل النسيج، وكذلك فشل بتسويق الحمضيات في السوق الروسية، لأكثر من مرة”.
ويَضيف طويل في حديث ل”المدن”، أن إيران تستطيع التصدير إلى سوريا التي تراجع فيها الإنتاج، برغم عدم توفر الجودة ولو كانت بالحد الأدنى بمنتجاتها، لكن ما الذي يستطيع النظام تصديره إلى إيران؟
ويقول: “ساعدت إيران النظام على فتح خط الائتمان النفطي لمساعدته على استيراد حاجته من المشتقات النفطية، وبعد العقوبات والضائقة المالية التي تعرضت لها تم إغلاق الخط، وبالتالي لم تعد طهران تنظر إلى السوق السورية، إلا كسوق لتصريف المنتجات الرديئة، ومنصة لتصدير منتجاتها نحو الغرب”.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يضع الخبير الاقتصادي حديث النظام عن مقايضة البضائع مع إيران، في إطار الدعاية الإعلامية التي اعتاد النظام عليها مع اشتداد الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرته، الهادفة إلى تقديم الوعود للشارع الموالي، بأن الوضع الاقتصادي يتجه للأفضل.
ويقول طويل: “يدرك النظام السوري تماماً أن التعويل اقتصادياً على روسيا وإيران، باستثناء الفُتات من المشتقات النفطية، لا طائل منه، ولذلك هو يحاول مد الجسور نحو الخليج العربي، وأوروبا”.
التخوف من أن طهران ستكون هي الطرف الذي يفرض شروطه على النظام السوري، يأتي من غياب الآليات الضرورية لضبط عملية مقايضة البضائع، وفي مقدمتها آلية اعتماد التسعير.
المصدر: المدن