هلا تراجعنا خطوة للوراء وتعالوا نراجع معا ماذا حققنا وبماذا أخفقنا؟ الجميع بات مدركاَ للأخطار التي تواجه الثورة السورية والمأساة الإنسانية التي وصل إليها السوريون في الداخل السوري بين سندان التطرف ومطرقة الجلاد في مشهد يجسد مشاهد القيامة أمام مرأى العالم . والسوري في دول اللجوء بعين على انكساره و عين عجزه أمام مأساة أهله في الطرف الآخر .. وبحسب الإحصائيات فإن أكثر من خمس وثمانين بالمئة في الداخل السوري تحت خط الفقر وربما تماثلها في دول اللجوء . ولنا أن نتخيل جحيم ما وصلنا إليه عندما يضطر السوريون للتخلي عن وظائفهم بسبب استبعادهم دون وجه حق كما يحصل في بعض الدول العربية أو لاضطرارهم بسبب البطالة أو العجز عن دفع الضرائب الكبيرة التي تمارسها الحكومات في دول أخرى، واختيار مغامرات الموت في البحر الأبيض المتوسط أملاً في ظروف أفضل ، أو خطر الترحيل لبلد الموت . فكيف بحالنا في الدول العربية الأخرى وفي تركيا، وإلى أين وصلت مستويات الحد الأدنى من المعيشة . والثورات عادة ما تهددها مسألتان في غاية الأهمية طول الزمن، والانهيار الاقتصادي للناس . ولا تريد النخب السياسية الحاصلة على الجنسيات الأجنبية وجوازات سفرها أن تدرك بأن التمكين الاقتصادي من أهم عوامل الصمود والنجاح وستبقى أنصاف المشاريع ترفع من أرصدة اليأس وانهيار الثقة ، حتى لو حملها من يشهد التاريخ على نضالهم وصدق نواياهم فالعبرة بالخواتيم التي لم نقترب منها حتى الآن . إن واجهنا أنفسنا سنسلّم أن لا خيارات أمامنا إلا بخلق حالات إبداعية تتبناها مجاميع بشرية تؤمن بالتغيير ، ومنظومة العمل الجمعي ، والتخطيط المدروس . ولا بد ّ من التخلي عن الإرث الثقيل الذي حملنا فيروساته بتراكمات خمسين سنة من التبعية والإذلال الممنهج ، والحاجة الدائمة للممولين تحت سقف الأسد أو الدول والمنظمات المانحة ، إلى ابتكار مشاريع مختلفة ، واستثمار الطاقات البشرية ، ونشر ثقافة التكامل المجتمعي والتشارك الإنمائي والاقتصادي . لا نعتقد أبدًا بأن العالم الذي يشهد (مقتلتنا) تحت مقصلة نظام الأسد وحلفائه سيعي قدر آلامنا ، أو سينقذ ما تبقى أو سيمد يد العون مجانا .. أبدا ولن يحرك ساكنا إلا في تعزيز الصراعات الطائفية والقومية والنزاعات الحزبية والسياسية . وسيتلاعبون بمصيرنا ما لم نقرره نحن ، فخارطة المستقبل في بناء الفكر الجديد والمختلف واستثمار الشباب المخذول ، ودعوة العقول المنفية قسراً قضايا لابد ناجزة حتى نحقق ما خرجنا من أجله.