اعتبر تقرير إسرائيلي أن الوضع في جنوب سوريا يتطلب تدخلاً إسرائيلياً هناك، بادعاء أن حالة فوضى تسود هذه المنطقة، وتنبع من عدم سيطرة النظام السوري فيها ومن وجود مصالح متنافسة للاعبين كثيرين ينشطون في هذه المنطقة، بحسب تقرير صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، وأعده مدير المعهد أودي ديكل، والباحثة في المعهد كرميت فالنسي.
ووصف التقرير منطقة جنوب سوريا بأنها “ساحة خلفية” لإيران ورافعة لمهاجمة إسرائيل، في حال أرادت إيران، على سبيل المثال، الرد على اغتيال عالمها النووي محسن فخري زادة، “ولذلك تصر إيران على دفع تموضع أذرعها وزيادة تأثيرها المدني والعسكري في هذه المنطقة”.
وأشار التقرير إلى أنه في موازاة ذلك، يتواجد في هذه المنطقة لاعبون لديهم مصالح متناقضة، وهم: قوات النظام، مليشيات محلية مدعومة من إيران، حزب الله، قوات روسية وسكان محليون “سنة ودروز” معارضون لنظام بشار الأسد. “وهذا الوضع المعقد يتطلب تدخلاً إسرائيلياً في ما يجري في جنوب سوريا، قبل أن تحقق إيران ما تسعى إليه من تأثير متزايد في هذه المنطقة”.
وعدّد التقرير ثلاث محافظات في جنوب سوريا، هي: محافظة درعا، ويسكن فيها مليون نسمة تخضع ل”وجهاء محليين” كانوا ينتمون في الماضي لقوات المعارضة. ويبرز في هذه المحافظة حضور ضعيف لقوات النظام، إلى جانب مليشيات موالية لإيران وفيلق يخضع لتأثير روسي؛ محافظة القنيطرة، ويسكنها 90 ألف نسمة، ويبرز فيها حضور حزب الله؛ محافظة السويداء في الشرق ويسكنها 1.5 مليون نسمة، وتسيطر عليها قوات معظمها من الطائفة الدرزية، ورغم ذلك يوجد حضور متزايد لجهات مؤيدة لإيران. ويستعين نظام الأسد هنا بقوات مدعومة من إيران من أجل إحداث انشقاق في صفوف الدروز وقمع تطلعهم لحكم ذاتي في منطقتي السويداء وجبل الدروز.
وأضاف التقرير أن “عملية عسكرة سكان هذه المنطقة، مثل التضخم الحاصل بمراكز القوة، خلق في جنوب سوريا معادلة قوى هشّة تتميز بمستويات عنف مرتفعة، أحداث أمنية، فقر وانعدام استقرار”. وتدل الأحداث في جنوب سوريا في الأشهر الأخيرة على منافسة متصاعدة على التأثير بين روسيا وإيران، “كتعبير عن مصالح متناقضة في هذه المنطقة، رغم أنهما شريكتان في التحالف الداعم للأسد”.
وحسب التقرير، فإن سياسة “الضغوط القصوى” الأميركية ضد إيران، الهجمات الإسرائيلية المتواصلة والمنافسة مع روسيا “أبطأت وتيرة تموضع إيران واضطرتها إلى تغيير طبيعة انتشارها في منطقة جنوب سوريا”. من جانبها، تسعى روسيا إلى استقرار منطقة جنوب سوريا، في إطار تطلعها إلى استقرار سورية كلها، وبقاء النظام “من أجل ترجمة نجاحها العسكري في الحرب الأهلية إلى إنجاز سياسي ومكاسب اقتصادية وتأثير متواصل في الدولة والشرق الأوسط عموما”.
وأكد التقرير أن روسيا معنية، في موازاة ذلك، بالحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل وعلى التنسيق الإستراتيجي بينهما في سوريا. “ولذلك، تظهر روسيا استعدادها من أجل تطبيق تعهدها للولايات المتحدة وإسرائيل بإبعاد الوجود الإيراني مسافة 80 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل” في هضبة الجولان المحتلة.
وأضاف التقرير أنه “لروسيا قدرة محدودة وحسب من أجل تقليص التموضع الإيراني في هذه المنطقة. وتبنى نظام الأسد عملياً الحياد السلبي حيال المنافسة بين روسيا وإيران، ويسمح بالصراعات المحلية بين اللاعبين المختلفين من أجل منع تموضع جهة قوية واحدة في هذه المنطقة”.
وادعى التقرير أن إسرائيل اتبعت سياسة حياد وعدم التدخل في الحرب الأهلية السورية منذ بدايتها، رغم هجماتها المتكررة ضد أهداف في سوريا، تشمل النظام وإيران وحزب الله. وفي المقابل، “سمحت سياسة عدم التدخل الإسرائيلية لإيران، باستغلال الفرص من أجل إقامة بنية تحتية وقدرات عسكرية ضد إسرائيل، والاستقرار في سوريا لفترة طويلة، وكذلك من أجل استخدام جبهة قتال أخرى ضد إسرائيل، إلى جانب الجبهة اللبنانية، أثناء الحرب أو التصعيد”.
وتابع التقرير أن سياسة إسرائيل تجاه جنوب سوريا هي “نشرة أخبار متكررة” لتلك السياسة، “التي تسمح عمليا للمحور الإيراني – الشيعي بباء مناطق سيطرة عسكرية وخلايا إرهابية في جنوب سوريا، موجهة ضد إسرائيل”.
وخلص التقرير إلى أنه “من أجل منع إيران من إقامة حدود إرهابية واحتكاك مرتفع في هضبة الجولان بواسطة أذرعها، على إسرائيل استغلال ضعف حضور المحور الإيراني-الشيعي، وبضمنه نظام الأسد، والتنسيق مع الجيش الروسي، كفرصة لانتهاج سياسة نشطة في جنوب سورية،، واستهداف الأذرع الإيرانية، وبضمنها قوات حزب الله”. وفي موازاة ذلك، “على إسرائيل تعزيز قوات محلية، سنية ودرزية، وإقامة علاقات مع مجموعات سكانية محلية معارضة للنظام، بواسطة مساعدات إنسانية – طعام، وقود، خدمات صحية – تسمح بإقامة جزر تأثير إسرائيلية، وبذلك عرقلة خطط التموضع الإيرانية في منطقة جنوب سوريا”.
المصدر: المدن