تزداد التصريحات الأميركية حدة وتواترًا، وتتحدث المصادر المطلعة بكثافة عن احتمالات توجيه ضربة للنظام السوري من قبل الأميركان والتحالف الغربي، خاصة مع استمرار النظام السوري بإلقاء الكلور والغازات السامة المحرمة دوليًا على الغوطة الشرقية، ضاربًا عرض الحائط بكل هذه التهديدات. وبعد كل ما جرى في الغوطة الشرقية، واستمراء النظام السوري في قصف المدنيين بكل أنواع الأسلحة بما فيها الكلور، ووفق المعطيات العسكرية الإقليمية والدولية. هل يمكن أن تكون واشنطن جادة في تهديداتها لضرب الاجرام الأسدي؟ وما الذي تحتاجه واشنطن أكثر من ذلك لتنفذ تهديداتها؟ حول هذا المحور حاولت جيرون استمزاج آراء عسكريين لهم الخبرة في ذلك.
العميد إبراهيم الجباوي قال لجيرون ” لا أعتقد أن أميركا جادة بتوجيه ضربة للنظام لأجل الغوطة ولا حتى لأجل غيرها، لقد سبق ولاحظنا في عام ٢٠١٣ كيف أنها اكتفت بسحب السلاح الكيماوي من النظام لتعبر عن عدم رضاها عن قتل المدنيين بهذا السلاح ، وعلى ما يبدو إن القتل بالأسلحة التقليدية والمبتكرة (باستثناء الكيماوي) مسموح لديها ولدى المجتمع الغربي ، لذلك فإنها تدرك أن المسيطر على القرار السوري هي روسيا، وبالتالي فإن أي محاولة منها لتوجيه ضربة ما إنما سيكون ذلك بمثابة اعتداء على روسيا واعلان حرب، وهذا لا يمكن أن تفعله أميركا أو غيرها من دول الغرب ” ،وأكد الجباوي أن التصريحات التي نسمعها من هنا وهناك ” لا تتعدى ذلك المجال ولن تنتقل إلى حيز التنفيذ فأميركا تبحث عن مصالحها أولًا ومن ثم مصالح حلفائها، وآخر همها مصالح الشعوب المقهورة . من هنا نراها تسعى خجولة لإيجاد الحل السياسي، وتكتفى بالتصريحات حيال ممارسات روسيا، ولكن ما يجري بينها وبين روسيا من تفاهمات تجعلها تسعى جاهدة لإنهاء الحرب، بعد أن تتأكد من انتهاء القدرات العسكرية السورية لكلا الطرفين المتقاتلين”.
أما العميد أسعد الزعبي فقد أكد لجيرون ” كل هذه فقاعات ليس لها أي فاعلية، ومن يريد أن يستهدف لا يتحدث، والمثل يقول (كثير قول قليل فعل) هؤلاء يضحكون علينا، هم منافقون، حول كل ما يجري، حتى لو قصفوا ستكون مسرحية، يخبرون الروس وهم يخبرون النظام ويتم إخلاء المواقع وهو ذر للرماد ليس إلا”.
العقيد فايز الأسمر نوه إلى أن ” لا شيء مستحيلًا مستقبلًا ولكنه مستبعد، ثم ما فائدة الضربة الافتراضية إن كانت مجرد (شدة أذن) كما حدث أثناء ضرب مطار الشعيرات بعد الضربة بغاز الزارين لخان شيخون في نيسان الماضي، والضربة التي لا تقصم الظهر تقوي، وقد صرحت الادارة الأميركية بأن المعارضة الهزيلة فقدت كل مقدرتها لإسقاط الأسد، وبالتأكيد ستفقد المعارضة السياسية والعسكرية امكاناتها وذلك لتخلي الجميع عنها عسكريًا وسياسيًا واكتفاءهم بالمراقبة والتنديد بجرائم الأسد وعلى رأسهم أميركا الوحيدة القادرة كانت على تغيير المعادلة بعد التدخل الروسي ولكنها لم تفعل “. ثم قال الأسمر ” أتصور أنها تصريحات عبثية، وإذا كانت فقط (هوشة عرب) أو إذا جاؤوا وضربوا مطار (خلخلة) أو مطار (بلي) الذي انطلقت منه الطائرات فهذا لا يقدم ولا يؤخر، فعندما كانت المعارضة في أوج قوتها تخلت عنها أميركا، فما بالنا عندما سيطر الأسد على 70% من البلاد ولم يبق إلا الغوطة والرستن وبعض الأماكن الأخرى، وهي ساقطة وكل الجيوب ساقطة عسكريًا، فالغوطة ساقطة عسكريًا والروح المعنوية وحدها لا تكفي، القصف متعدد من الجو ومن الأرض وغارات كلور لمنطقة محاصرة ، ويقوم النظام باستنزاف الثوار إن كان بالأسلحة أو المؤن أو العتاد، وهي خطة من أجل إضعاف القدرة النارية، ويبدأ بالقضم التدريجي للمناطق، والنظام يحاول قسم الغوطة إلى قسمين شمالية وجنوبية ، محور يتحرك من حوش الضواهرة، ومحور من إدارة المركبات عكس بعضهم ليلتقوا إما من مسرابا أو مديرة، وتكون انفصلت الغوطة، ويبدأ بعدها بالعزل وتقطيع الأوصال”. وأضاف ” لو أرادت الدول الكبرى كانت اعتمدت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو لا يحتاج لا روسيا ولا غير روسيا، وروسيا تدرك أنها ليست على قدر اللعبة، ولكن أميركا لا تريد أن تتحرك من أجل الشعب السوري”.
الرائد المتقاعد طارق حاج بكري تحدث لجيرون قائلًا ” بكل صراحة أميركا لم تكن جادة أصلاً في التعامل مع القضية السورية، ولم تكن من المؤيدين للثورة، وإنما لعبت الدور الأكبر في إخماد الثورة، عبر تشتيت الفصائل ومنع توحيدها، ومن ناحية الضربة ربما الآن أميركا هي بحاجة لأن تنفذ ضربة ما على النظام السوري، وذلك لإنقاذ ماء وجهها، وليس من أجل الثورة، وليس من أجل ردع نظام بشار الأسد المجرم، وإنما الآن سقوط الغوطة والاستيلاء عليها من قبل نظام بشار الأسد وروسيا يعني النصر المطلق لروسيا، وهي لا تريد أن تعطي نصرًا لروسيا، لأن أي نصر ينسب إلى روسيا يعني هزيمة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة”. وأكد حاج بكري قائلًا ” وجود مئات آلاف من المدنيين في الغوطة ووقوعهم بين قتيل وجريح ومهجر، هذا يعني سقطة أخلاقية كبيرة للولايات المتحدة الأميركية وللدول الغربية بشكل عام، لذلك ربما تلجأ إلى ضربة نوعية أكبر من ضربة مطار الشعيرات، وأقل من إسقاط بشار الأسد المجرم، من أجل إنقاذ ماء وجهها، ويكون نتيجة هذه الضربة وقف العمليات في الغوطة ، وتثبيت النقاط التي وصل إليها نظام بشار الأسد المجرم، ويكون بنهايتها إدخال مساعدات إلى الغوطة، وتوقيع نوع من الاتفاقية أو الهدنة مع فصائل الغوطة بالكامل، وبالتالي تحييد الغوطة عن العمل العسكري بشكل نهائي في المنطقة، وتصبح منطقة محاصرة تقع تحت رحمة المنظمات الدولية ونظام بشار الأسد، وهذه الضربة بالتأكيد ستكون بينَ بينْ لا نصرٌ ولا هزيمة ، بحيث تظهر الولايات المتحدة الأميركية بأنها قد قامت بعمل ما وأيضًا ليست هزيمة لروسيا حصرًا وليس نصرًا لإيران فهي لا تريد أن يعلو صوت إيران أكثر مما يجب في هذه المنطقة، وبالتالي هي لن تقدم ولا تؤخر على صعيد الثورة السورية، وربما تكون ضارة بالثورة السورية نتيجة تحييد الغوطة، ومن هنا لا أظن أن تكون لهذه الضربة أية أهمية سوى إنقاذ ما تبقى من أهل الغوطة”.
المصدر: جيرون