عقيل حسين
في أوضح رد فعل على فشل الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، أعلن العميد عوض العلي، عضو وفد المعارضة من جنيف، استقالته من الوفد، بسبب القناعة بعدم جدوى هذا المسار، ونجاح وفد النظام في التلاعب به، وسط عجز من الأمم المتحدة والدول الراعية لمسار أستانة التي نتجت عنه اللجنة الدستورية.
وكانت “المدن” قد نشرت في وقت سابق عن تعليق العميد عوض مشاركته في جلسات اللجنة التي انتهت مساء الجمعة، دون تحقيق تقدم، حيث تمكن وفد النظام من تمرير الوقت بعيداً عن مناقشة أي من المبادئ والمضامين الأساسية التي كان مقرراً طرحها حسب جدول الأعمال المتفق عليه مسبقاً.
الأمر هذا دفع المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن للتعبير عن غضبه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء الجمعة في ختام الجلسات. ورغم عدم تحميله الوفد القادم من دمشق المسؤولية عن فشل المفاوضات، إلا أنه كان واضحاً في الإشارة إلى أدائه السلبي، واعداً بالتوجه إلى كل من سوريا وروسيا وإيران، بالإضافة إلى دول عربية وغربية أخرى، من أجل انقاذ المسار “الذي لا يمكن أن يستمر بالحالة هذه” كما قال.
وإذا كان متفهماً تجنب بيدرسن تسمية وفد النظام بشكل صريح على أنه الطرف المعطل، فقد كان لافتاً أن رئيس وفد المعارضة هادي البحرة اكتفى أيضاً بمطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالقيام بالدور المنوط بهما لإنفاذ الحل في سوريا، دون أن يحمل الطرف الآخر مسؤولية إفشال الجولة الجديدة من المفاوضات أيضاً.
تصريحات البحرة أثارت حفيظة المعارضة التي رأت أن بيدرسن كان أكثر قسوة من رئيس وفد المعارضة، في تصريحاته ضد وفد النظام. البحرة كان مطالباً، حسب الكثير من المعارضين، بالتعبير عن موقف أكثر حزماً، وتحميل النظام المسؤولية الكاملة عن فشل اللجنة الدستورية حتى الآن، بل إن الغضب من اللهجة المفرطة بالدبلوماسية التي استخدمها رئيس وفد المعارضة كان حاضراً داخل الوفد الموسع المعارض، وكذلك هيئة التفاوض التي تعتبر المرجعية السياسية للوفد.
وعقد أعضاء وفد المعارضة الخمسين إلى اللجنة الدستورية لقاءً عبر الانترنت مساء الجمعة لمناقشة الجولة الخامسة. وعلمت “المدن” أن الخلافات في وجهات النظر كانت حاضرة حول أداء الوفد المصغر بشكل عام، حيث يطالب البعض باستبدال أعضاء الوفد المصغر “بعد فشل أعضاء الوفد الحاليين”.
إدوارد حشوة، عضو وفد الخمسين عن المعارضة الذي سبق وأن أعلن انسحابه من الوفد في وقت سابق قبل أن يتراجع عن هذا القرار، طالب في رسالة وجهها إلى رئيس هيئة التفاوض المعارضة أنس العبدة، باستبدال أعضاء الوفد المصغر بسبب ما قال إنه فشل هؤلاء الأعضاء حتى الآن، وهو ما يؤيده به عدد آخر من الوفد الموسع، حسب مصادر خاصة.
وأبلغت المصادر “المدن” أن كتلة الإئتلاف الوطني في الهيئة قررت مناقشة هذه التطورات في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الاثنين، وأنه سيناقش حصر الإحاطات المتعلقة بمفاوضات اللجنة الدستورية عن وفد الائتلاف بأنس العبدة رئيس هيئة التفاوض، باعتباره رئيس الجهة الأعلى.
وكان العبدة قد هاجم بشدة وفد النظام وحمّله مسؤولية فشل أعمال اللجنة الدستورية، مؤكداً أنه “لا يمكن أن تستمر العملية السياسية وفق هذا المشهد بشكله الحالي الذي لا يمثل تطلعات السوريين نحو مرحلة انتقالية لا وجود للأسد فيها”، مستنكراً “عدم ذكر الأمم المتحدة حقيقة أن النظام هو المعطل للمسار السياسي” النقطة التي وجد فيها جزء كبير من المعارضين مفارقة، متسائلين كيف يطالب رئيس هيئة التفاوض الآخرين بتحميل وفد النظام مسؤولية ما آلت إليه المفاوضات في الوقت الذي يتجنب فيه وفد الهيئة ذلك!
وعليه يرى الكثيرون أن انسحاب المعارضة من اللجنة الدستورية هو القرار الذي بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى، بل ويجب الاستفادة من النقمة الواسعة تجاه وفد النظام لكي تخرج المعارضة نفسها من هذا المسار الذي كان واضحاً منذ البداية أنه يخدم النظام وروسيا.
واعتبر الكاتب عباس شريفة في حديث ل”المدن”، أنه “لا ينبغي للمعارضة أن تقع في فخ تلاعب النظام وتخاذل الأمم المتحدة، والدخول في مسار لا نهائي الوقت من التفاوض والجولات العبثية، ما يستدعي رداً يعبر عن احترام مأساة الشعب وحقوقه، بمستوى الانسحاب الفوري من كل المسارات الحالية التي تمً طحن المعارضة فيها، وعملت على إعادة تأهيل النظام”.
من جانبه، ذهب المعارض السياسي محمد سليمان أبعد من ذلك، حين اعتبر أنه يجب مخاطبة الدول التي تتحكم بقراري وفدي المعارضة والنظام لوقف مسار اللجنة الدستورية العبثي. وأضاف ل”المدن”، “جميعنا يدرك أن المسار الدستوري هو حاصل مساري أستانة وسوتشي، وبالتالي تبدو مطالبة هيئة التفاوض أو وفدها الدستوري بإعلان تعليق المسار، من قبيل مطالبة من لا قدرة له على اتخاذ هكذا قرار، والأولى توجيه تلك المطالب إلى الجهات التي سمّت وعينت تلك الهيئة وذلك الوفد وهي في هذه الحالة تركيا والأمم المتحدة بإطلاق رصاصة الرحمة على مسار العبث الدستوري وإسدال الستار على تلك المسرحية الممجوجة”.
المصدر: المدن