تشهد مدن وبلدات ريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة النظام السوري، زيادة في الإجراءات الإيرانية الهادفة الى تشيع سكان هذه المناطق، من خلال الاستعانة بوجهاء عشائر محليين.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أجرى وفد ديني إيراني يترأسه رجل الدين الشيعي عبد السيد الموسوي وهو مسؤول ملف التشيّع في سوريا، جولات في المنطقة، واجتمع بعدد من شيوخ العشائر، تمهيداً لافتتاح حسينية في مدينة مسكنة، هي الأولى في المدينة، وتم الاتفاق على افتتاح مكاتب عسكرية لاستقطاب شباب المنطقة في ميليشيات «لواء زينبيون» المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، في مدينتي دير حافر ومسكنة.
كذلك، اجتمع فيصل العريف وهو أحد وجهاء عشيرة خفاجة بمؤسس مليشيا «لواء أبو الفضل العباس» العراقي، أوس الخفاجي، في حي «السيدة زينب» بدمشق، ويعرف عن العريف أنه أحد أبرز أذرع إيران في ريف حلب الشرقي، وتؤكد مصادر «القدس العربي» أن العريف هو المسؤول الأول عن تجنيد الشباب في المليشيات الإيرانية. وقال الناشط الإعلامي أحمد محمد من ريف حلب الشرقي، إن التغلغل الإيراني شرقي حلب بدأ منذ العام 2016، بعد انسحاب تنظيم الدولة من هذه المناطق، وتم تسلم قرار هذه المنطقة لـ»لواء الباقر» الممول إيرانياً، والذي يضم عناصر من أبناء الريف الشرقي.
وحسب الناشط، فإن الآونة الأخيرة شهدت زيادة في عدد الزيارات من قبل الوفود الدينية الإيرانية، والتي غالباً ما تستهدف شيوخاً للعشائر في المنطقة، ويبدو أن المساعي الإيرانية قد نجحت في استقطاب أكثر من شيخ عشائري، وبدأت بتنفيذ خطوات على الأرض من بينها التخطيط لافتتاح حسينية في مدينة مسكنة. وأوضح محمد لـ»القدس العربي» أن ريف حلب الشرقي يعتبر من المناطق الفقيرة، ومن هنا بدأت إيران باستغلال حاجة الناس الاقتصادية والفقر المدقع السائد، لنشر التشيّع من خلال استهداف الأطفال في المدارس، والشباب بالتجنيد، بعد حصولها على تأييد بعض شيوخ عشائر المنطقة. وحول سبب تركيز القوى الموالية لإيران على ريف حلب الشرقي بنشر التشيّع، قال الناشط، إن إيران تركز على المناطق النائية والفقيرة، وذلك لسهولة نشر المذهب الشيعي في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء هذه المناطق، لافتاً إلى أهمية ريف حلب الشرقي الجغرافية، لكونه يربط شمال سوريا بالمحافظات الشرقية السورية، التي توليها إيران أهمية كبيرة أيضاً. وقال محمد، تخطط إيران لجعل ريف حلب الشرقي القريب من مناطق نفوذ المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية، والمفكك اجتماعياً نتيجة للحرب والأوضاع الاقتصادية، منطقة نفوذ إيرانية.
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحافي والخبير بالشأن الإيراني ضياء قدور، أن ما يجري في ريف حلب الشرقي يأتي ضمن المخطط الإيراني الهادف إلى نشر التشيّع والعبث بالديموغرافيا السورية، وهو المخطط الذي بدأ تنفيذه بشكل واضح منذ أول يوم لدخول إيران العسكري لمساندة النظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية. وأضاف لـ»القدس العربي» أن إيران تستغل الوضع المادي الصعب في ريف حلب الشرقي، لنشر المذهب الشيعي في هذه المنطقة العشائرية.
وحسب قدور، فإن أكثر ما يثير اهتمام إيران في ريف حلب الشرقي، هو تركيبة المجتمع العشائرية فيه، وذلك بعد أن أدركت طهران أهمية الجانب العشائري في سوريا، موضحاً: «لا تسعى إيران إلى استهداف الأفراد كما تفعل في المدن مثل دمشق وحلب، وإنما تستهدف شيخ العشيرة ما يضمن لها تحول عدد كبير من أبناء وأفراد العشيرة إلى المذهب الشيعي بشكل تلقائي».
وقال قدور، إن استهداف العشائر السورية بالتشيع من جانب القوى الموالية لإيران، يعد أمراً خطيراً للغاية، لأمن يسيطر على العشائر السورية يضمن السيطرة الطويلة على المجتمع السوري. وسبق أن افتتح مركز لتعليم اللغة الفارسية في مدينة السفيرة في ريف حلب الشرقي، وذلك بالتنسيق مع عائلات تشيّع بعض أفرادها بعد انتسابهم لـ»الواء الباقر».
المصدر: «القدس العربي»