هبة محمد
أطلق النظام السوري رصاصة الرحمة على العملية التفاوضية، برفضه التعاطي الجدي مع العملية السياسية، ضمن إطار الحل السياسي، وبرز ذلك من خلال مطالبة وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، بعدم التدخل الخارجي بشؤون اللجنة الدستورية السورية وعدم فرض إطار زمني لعملها، حسب وسائل الإعلام الرسمية النظام.
وخلال لقاء المقداد بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، في العاصمة السورية دمشق، شنّ المقداد هجوماً على الوجود الأمريكي والتركي في سوريا ودعا لرفع العقوبات عن نظام بشار الأسد ووقف «انتهاك السيادة السورية». وحضر اللقاء كل من نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري، ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، ومدير إدارة المكتب الخاص عبد الله حلاق. وذكرت وسائل إعلام النظام الرسمية أن وزير الخارجية والمغتربين بحث خلال استقباله غير بيدرسون المسار السياسي والوضع الاقتصادي لاسيما «الإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب التي تزيد الوضع صعوبة وخاصة في ظل انتشار وباء كورونا».
«ضمان عدم الـتدخل الخـارجي»
وأشار الوزير المقداد إلى «أن الاحتلالين الأمريكي والتركي للأراضي السورية وممارسات الاحتلال التركي في شمال شرقي سوريا ودعمه للإرهابيين في سورية ينتهك السيادة السورية ويخالف القانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسوريا لافتاً إلى الآثار الإنسانية للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري رغم انتشار جائحة كورونا وكذلك ممارسات ميليشيا (قسد) الإجرامية والقمعية بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور».
وطالب الوزير الأمم المتحدة بأن «ترفع الصوت بموجب الميثاق والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في وجه كل هذه الممارسات وأن تتخذ موقفاً واضحاً منها يتوافق والمبادئ والأهداف التي قام عليها القانون الدولي الإنساني». كما نقلت سانا تأكيد الجانبين على أهمية «ضمان عدم الـتدخل الخـارجي في شـؤون لجنـة مناقـشة الدسـتور وضـمان أن تتـم كل هذه العملية بقيـادة وملكية سـورية وألا يتـم وضع أي جـداول زمنـية لعملها مفروضـة من الخـارج».
وأصّر المقداد على أهمية أن يحافظ المبعوث الخاص على دوره «كميسّر محايد وعلى أن اللجنة منذ أن تشكلت وانطلقت أعمالها باتت سيدة نفسها وهي التي تقرر التوصيات التي يمكن أن تخرج بها وكيفية سير أعمالها مع التأكيد بأن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده».
وحول موقف النظام السوري وتعاطيه مع اللجنة الدستورية، عبّر الباحث في المركز العربي في واشنطن «رضوان زيادة» عن اعتقاده بأن موقف النظام يتناغم مع موقف روسيا في مفاوضات بلا معنى وبلا هدف وإلى ما لا نهاية على أمل ان تتغير الظروف على الأرض. وبالتالي يتغير معها الموقف الدولي أو يصبح دون قيمة. وقال «زيادة» في اتصال مع «القدس العربي» إن النظام السوري، لم يتعامل لحظة واحدة بجدية مع اللجنة الدستورية ويعتقد دوماً أنها تدخل في شؤونه الداخلية، وعزا المتحدث ذلك إلى سبب فشل اللجنة الواضح حيث قال «ولذلك فشلت الدستورية على مدى 15 جولة وعام ونصف عام في الاتفاق على حرف واحد».
وتحدث الباحث في المركز العربي في واشنطن عن مساومة النظام السوري للمضي قدماً باللجنة الدستورية مقابل رفع العقوبات والقيود الاقتصادية عنه حيث قال «النظام يعرف أن العقوبات هي أمريكية وأوروبية ومشروطة بالحل السياسي الجدي والحقيقي، وليس بمفاوضات عبثية في اللجنة الدستورية. الضغوط الآن على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اللذين انتقدا نتائج اللجنة الدستورية بتقديم بديل حقيقي يقود إلى الحل السياسي في سـوريا».
تطبيق القرار 2254
المعارضة السورية، في رأي زيادة أصبحت تشك بجدوى الاستمرار بها كما أبدى اعتقاده بأن المسار السياسي واللجنة الدستورية «يحتاجان إلى انخراط أكبر وجدي من الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن سوريا، والتركيز على تطبيق القرار 2254 وخاصة فيما يتعلق بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وبإشراف الأمم المتحدة.
وفي تصريح للصحافيين وصف بيدرسون محادثاته مع الوزير المقداد بأنها كانت واسعة وشاملة وتم التطرق لكل القضايا المتعلقة بالقرار 2254 مضيفاً أنه سيجري المزيد من المباحثات يومي الاثنين والثلاثاء.
الباحث السياسي عبد الرحمن عبارة وصف تصريحات النظام السوري على لسان وزير خارجيته فيصل المقداد، في رفض تحديد إطار زمني لأعمال اللجنة الدستورية بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على العملية التفاوضية، وعبّر المتحدث لـ»القدس العربي» عن عدم قناعته بأن المعارضة السورية المشاركة في أعمال اللجنة الدستورية، ستنهي مشاركتها أو على الأقل تجمدها كصورة من صور الاحتجاج على مماطلة النظام ورفضه أخذ أعمال اللجنة الدستورية على محمل الجد.
وحول الموقف الروسي، قال عبارة «قد يتراجع النظام السوري عن موقفه المعلن تحت ضغط موسكو، لكن تراجعه لن يغير من حقيقة موقفه الرافض لها.
اللجنة الدستورية وأي عملية تفاوضية بالنسبة للنظام السوري برأي عبارة هي عبارة «محطة أو آلية مؤقتة لتخفيف الضغط عليه من قبل الأطراف الدولية، وليس في وارده العمل على إنجاح أي من ذلك على المدى القصير أو المتوسط» وفق رأي المتحدث، وما يقوله النظام السوري لبيدرسون هو الموقف الحقيقي الذي يعبر عنه، وليس بالضرورة أن يكون الموقف النهائي، لأن الكلمة الأخيرة في دمشق هي لموسكو وليـست للنظـام السـوري.
المصدر: «القدس العربي»