أمال شحادة
تسعى تل أبيب إلى منع استمرار بناء القوة العسكرية لطهران وتعطيل جهودها للحصول على قنبلة نووية. اعتبر الإسرائيليون أن موقف الإدارة الأميركية من الاتفاق مع إيران، من دون إدخال أي تغييرات عليه، يشكّل خطراً على أمنهم. وهدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو باتخاذ كل خطوة ممكنة لمنع طهران من الحصول على قنبلة نووية. ودعا عدداً من وزراء حكومته ورؤساء الأجهزة الأمنية إلى التشاور، في الجلسة الأولى من نوعها منذ تسلم جو بايدن الرئاسة الأميركية، حول سبل التعامل مع الإدارة الجديدة والسياسة التي يتوجب على إسرائيل اتباعها في شأن المفاوضات المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران، وتضمن عدم التوتر والتدهور في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب.
جاء الاجتماع الطارئ في أعقاب تقدير الإسرائيليين بأن بايدن يتقدم بسرعة نحو استئناف المفاوضات وتخوّفهم من العودة إلى الاتفاق في صيغة عام 2015، وفق ما تسرّب عن الاجتماع.
وطالب رؤساء الأجهزة الأمنية بإجراء تعديلات على الاتفاق تتضمن شروطاً إسرائيلية تحول دون حصول طهران على القنبلة النووية.
ومما يطالب به الإسرائيليون منع استمرار بناء القوة العسكرية الإيرانية في المنطقة، ومنع نقل وسائل قتالية إلى العراق واليمن ولبنان وسوريا وقطاع غزة، التي تهدد دولة إسرائيل.
إلى جانب هذا المطلب، وجّهت جهات رفيعة المستوى مطلباً لمتخذي القرار في تل أبيب بالعمل من أجل اتفاق جديد، يكون أفضل من الاتفاق الموقع.
رسالة إلى نتنياهو
وشكّلت منظمة “قادة من أجل أمن إسرائيل”، فريقاً خاصاً لإعداد توصيات للسياسة اللازمة في المسألة الإيرانية والتواصل مع الإدارة الأميركية في هذا الموضوع. ويضم الفريق كبار المسؤولين السابقين في جهاز الأمن.
وبعث رئيس المنظمة جنرال احتياط متان فلنائي، برسالة إلى نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس ورئيس لجنة الخارجية والأمن تسفي هاوزر، في أعقاب الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة، لبحث الملف النووي الإيراني، استعرض فيها توصية الفريق بتأييد المبادرة الدبلوماسية الأميركية لحمل طهران على العودة إلى التزام متجدد وشفاف بشروط الاتفاق النووي السابق، بقرار مجلس الأمن 2231 واتفاقات الرقابة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكذلك إلزامها بالتراجع عن الخروقات التي نفذتها منذ توقيعه.
وأوصت المنظمة بالسعي إلى اتفاق جديد بعيد المدى يسدّ ثغرات في الاتفاق ويأخذ بالحسبان المعلومات التي جُمعت منذ 2015 ويعالج الإشكاليات الأخرى التي تطرحها طهران.
وشدد المسؤولون الأمنيون في رسالتهم على دعمهم النهج الذي عرضه بايدن ويتمثّل في أن إلغاء أو تقليص العقوبات الأميركية على إيران سيكون مشروطاً بامتثالها الكامل لجميع الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي. وأضافوا أنهم يعتقدون أنه بالتوازي مع العودة إلى التقيّد الكامل بالاتفاق النووي الموقع عام 2015، يجب اتخاذ إجراءات لصياغة اتفاقية نووية جديدة أقوى وأشمل وأطول أجلاً.
وجاء في الرسالة أنه “يجب استنفاد إمكانية معالجة التحديات الإيرانية دبلوماسياً. ومن هنا، جاءت قوة السعي الحثيث ليس لامتثال إيران الكامل للاتفاق النووي السابق فحسب، إنما أيضاً إلى صياغة اتفاقية جديدة طويلة الأمد من شأنها سد الثغرات ونقاط الضعف التي يشملها الاتفاق النووي الموقع بين طهران ومجموعة 5+1 في شأن برنامجها النووي، على أن يتناول (الاتفاق الجديد) جميع القضايا الإشكالية الأخرى التي تمثّلها إيران”.
وأشار المسؤولون الأمنيون إلى “ضرورة التوصل إلى تفاهمات مع إدارة بايدن في هذا الشأن تعالج إمكانية فشل المسار الدبلوماسي مع إيران، على أن يبقى الخيار العسكري مطروحاً على طاولة الإدارة الأميركية”. ولفتوا إلى أن إسرائيل تتطلع إلى أن تعيد إدارة بايدن تأكيد التزامها بمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، حتى لو لم تستمر الجهود الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف، وتوضيح ذلك لطهران”.
وأوصت رسالة منظمة “قادة من أجل أمن إسرائيل”، بأن تطلب تل أبيب من واشنطن التأكيد لإيران على أن أي تطوير لصواريخ دقيقة وبعيدة المدى وطائرات من دون طيار، ونقلها إلى المنظمات المسلحة المدعومة منها الناشطة في المنطقة، سيكون إجراء “غير مقبول”. كما أوصت بأن يستأنف نتنياهو وغانتس أنشطة “منتدى إيران” المشترك بين إسرائيل وأميركا، الذي عمل خلال إدارتَي باراك أوباما ودونالد ترمب لتنسيق المواقف والإجراءات تجاه الإيرانيين.
وجاء في الرسالة “لن يخدم التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل المصالح المشتركة للبلدين فحسب، بل سيسهم أيضاً في استقرار المنطقة وأمنها ورفاهيتها”.
قدرة نتنياهو محدودة
ولم يخفِ نتنياهو قلقه من الوضع وينبع ذلك من تقديرات إسرائيلية بأن بايدن سيتوصل إلى اتفاق مع ايران قبل يونيو (حزيران) المقبل، موعد الانتخابات الإيرانية، ما دفع رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى إصدار بيان يعلن فيه تمسّك تل أبيب بالتزامها منع طهران من التوصل إلى سلاح نووي، قائلاً “إسرائيل تؤمن بأن العودة إلى الاتفاق السابق ستمهّد طريق إيران للوصول إلى ترسانة نووية. وإسرائيل تجري حواراً متواصلاً مع الولايات المتحدة بهذا الشأن”.
لكن في الوقت ذاته، أطلق نتنياهو تهديداته في شأن ما أسماه حق إسرائيل في الدفاع عن أمنها بنفسها، خصوصاً أمام الخطر الإيراني. ووفق مطلعين على سير الأبحاث الإسرائيلية حول الملف، فإن نتنياهو وعلى الرغم من تهديداته، يدرك أن قدرته على فعل أي شيء لعرقلة الاتفاقية، محدودة.
من جهة أخرى، عبّر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من ازدياد خطوات إيران، التي وصفوها بـ”الاستفزازية” والتي يدفع بعضها إلى التقدم في المشروع النووي. وفي جهاز الاستخبارات العسكرية، أبدوا قلقهم من انشغال طهران مجدداً بإنتاج اليورانيوم المعدني. وهي خطوة ستكون لها تأثيرات خطيرة تتعلق بالدفع قدماً بالجوانب العسكرية للمشروع كإنتاج رأس نووي متفجر.
وبحسب مقربين من نتنياهو، فإن المحادثة الهاتفية بينه وبايدن تركزت على الاتفاق النووي مع إيران. لكن، يستبعد سياسيون أن يكون نتنياهو قد نجح في إزالة معظم المعوقات. وبالنسبة إلى الإسرائيليين، فإن الاتفاق الأصلي مع طهران سيّء وخطير، إذ سمح لها بالاندفاع نحو قنبلة نووية بعد بضع سنوات ومواصلة خرقه.
ويرى الإسرائيليون أن الاتفاق لم يتضمن موقفاً مما أسموه “النشاط العدواني والتآمري لطهران في مواضيع مثل الإرهاب، وتطلعات الهيمنة في الشرق الأوسط وتطوير الصواريخ الباليستية”.
المصدر: اندبندنت عربية