استأنفت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» توريد النفط إلى النظام السوري، بعد انقطاع استمر لأكثر من شهر، على خلفية التوترات مع النظام في كل من عيـن عيـسى شـمالي الـرقة، والقامشـلي في ريف الحسـكة.
وذكرت مصادر محلية، أن عشرات الصهاريج المملوكة لشركة «القاطرجي» غادرت حقل رميلان، بعد أن ملأت حمولتها، متوجهةً نحو مصفاة حمص. وكانت عمليات تزويد النظام السوري بالنفط قد توقفت من جهة «قسد» وذلك بعد زيادة الضغوط الروسية ومن جانب النظام السوري، لدفع «قسد» إلى الانسحاب من بلدة عين عيسى شمالي الرقة، وتسليمها إدارياً للنظام.
وبعد ذلك، امتد التوتر إلى مدينة القامشلي، بعد محاصرة «قسد» المربع الأمني التابع للنظام السوري، وسُجلت حالات اعتقال متبادل، حتى تدخلت روسيا، لحل الخلاف، وجرى التوصل إلى تفاهمات تم التوافق عليها خلال زيارة أجراها وفد من «قسد» إلى دمشق.
ومن الواضح أن الوساطة الروسية قد أثمرت، إذ جرى قبل أيام تبادل لأسرى بين النظام و»قسد» تم خلاله الإفراج عن عناصر من الجانبين جرى اعتقالهم مؤخراً، وفق ما أكدت مواقع إعلامية كردية. واللافت، أن استئناف عمليات توريد النفط إلى النظام، جاء بعد أيام قليلة من تعرض مناطق تكرير وبيع النفط في مناطق سيطرة المعارضة (درع الفرات)، إلى ضربات صاروخية من جانب روسيا وقوات النظام، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص، وخسائر مادية كبيرة.
ويرى الباحث في الشؤون الكردية، بدر ملا رشيد، أن استئناف توريد النفط جاء نتيجة للتفاهمات الأخيرة بين النظام السوري و»قسد» وكذلك نتيجة للموقف الأمريكي الذي لم تعد من ضمن أولوياته إسقاط النظام السوري.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن الإدارة الأمريكية الجديدة، تؤكد أن هدفها إحداث تغيير في النظام وليس تغييره، وهذا هدف أمريكي قديم، غير أن إدارة بايدن أعادت التأكيد عليه مؤخراً. وقال الباحث «قد يؤدي منع «قسد» من بيع النفط إلى النظام، إلى زيادة التزامات واشنطن المادية حيال «قسد» ولذلك لا تعارض واشنطن إمداد النظام بكميات محددة، كما أسلفنا».
وتابع ملا رشيد، اأن زيادة الضغط الاقتصادي على النظام ووصوله إلى مرحلة الانفجار، دفع بروسيا إلى التحرك نحو «قسد» حيث لوحّت روسيا بالقوة عندما استهدفت معبر الحمران الذي يصل مناطق المعارضة السورية بـ»قسد» ومن الواضح أن الأخيرة أخذت ضمانات بعدم مواصلة ابتزازها في ملف عين عيسى، مقابل استئناف توريد النفط للنظام.
وقال المراقب الاقتصادي، والمفتش المالي المنشق عن النظام، منذر محمد، إن الضربات الروسية الأخيرة لمناطق تكرير وبيع النفط شمالي حلب، أكدت أن روسيا لن تسمح بزيادة الضغط الاقتصادي على النظام أكثر، وأنها لن تصمت على منع النفط عن النظام. وأضاف لـ«القدس العربي» أن روسيا بدأت تشرف على عمليات توريد النفط، حيث ذكرت مصادر أن الروس اجتمعوا مع المسؤولين عن شركة «القاطرجي» قبل أيام في دير الزور، لتنسيق نقل النفط من مناطق «قسد» نحو النظام.
وحسب محمد، فإن مصلحة روسيا تقتضي منع انهيار النظام اقتصادياً، ولذلك وضعت ثقلها لدفع «قسد» إلى استئناف توريد النظام بالنفط، لإدراكها مدى عجز الأسد عن تأمينه من السوق الخارجية. وحول المقابل الذي ستحصل عليه «قسد» أجاب المراقب الاقتصادي، أن «قسد» تبيع النفط للنظام ولا تعطيه إياه بالمجان، مشيراً في هذا الصدد إلى احتمالية حصولها على مكاسب سياسية، من قبيل اعتراف النظام بـ»الإدارة الذاتية».
وتسيطر «قسد» منذ سنوات على حقول النفط السورية الأكثر إنتاجاً في الحسكة ودير الزور، بدعم وحماية أمريكية، وتقوم ببيع النفط إلى النظام السوري والمعارضة، وتصدير كميات منه إلى الأسواق الخارجية عبر إقليم شمال العراق.
المصدر: «القدس العربي»