عقيل حسين
توصل ممثلون عن قوى وأحزاب سياسية تمثل المعارضة الداخلية في سوريا إلى اتفاق لتشكيل تحالف جديد سيتم الإعلان عنه نهاية الأسبوع، ويضم أيضاً شخصيات مستقلة من المعارضين المقيمين في الخارج.
وعلمت “المدن” أن هيئة التنسيق الوطني المعارضة، ومقرها دمشق، توصلت إلى اتفاق مع عدد من القوى المحلية من أجل تشكيل جسم سياسي جديد يحمل اسم الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، على أن يتم الإعلان عنه بشكل رسمي من مقر الهيئة في 27 آذار/مارس الحالي.
وبالإضافة إلى هيئة التنسيق، تضم الجبهة كل من “الحزب التقدمي الكردي، وحزب الوحدة الكردية، وتيار المبادرة الوطنية، وكوادر الشيوعيين في جبل العرب، وحزب التضامن، وتيار بدنا وطن، والحركة التركمانية، ومجموعة الشباب الوطني” بالإضافة إلى المستقلين.
وإلى جانب هيئة التنسيق، تُعتبر “المبادرة الوطنية” أهم القوى المنخرطة في التشكيل السياسي الجديد، حيث تضم عشرات من الأكاديميين والمعارضين البارزين، بعضهم مقيم في سوريا ومعظمهم يعيشون خارج البلاد، كانوا قد أعلنوا عن المبادرة في نيسان/أبريل 2019، وقالوا إن هدفهم “عقد مؤتمر عام تمثيلي يقر ميثاقاً وطنياً يفضي إلى التغيير الديمقراطي في البلاد”.
ويرى معارضون في توقيت الإعلان عن الجبهة الجديدة، مؤشراً محتملاً حول تواصل ربما يكون جرى بين هيئة التنسيق وأعضاء المبادرة الوطنية من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى من أجل تشكيل هذا الجسم الجديد، تمهيداً لفرضه كقوة سياسية جديدة على خريطة المعارضة المعترف عليها رسمياً في الوقت الحالي، والتي تقف موسكو موقفاً عدائياً من معظم مكوناتها، خاصة الإئتلاف الوطني، بالإضافة إلى فشلها بعقد اتفاق بين النظام والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا التي يقودها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
موقف النظام
ولا يستبعد معارضون أن تكون الجبهة المزمع إنشاؤها أحد الخيارات التي ستجد دعماً روسياً من أجل كسر احتكار تمثيل المعارضة من قبل هيئة التفاوض والإئتلاف الوطني، على الرغم من تمثيل منصة موسكو في الهيئة، إلا أن المنصة لا تحظى بقبول من الرأي العام المعارض، ما يدفع، حسب أصحاب هذا الرأي، الروس إلى التشجيع على قيام مثل هذه المبادرة، خاصة وأنه سيتم إطلاقها من دمشق وتحت أعين النظام الذي لا يمكن أن يتسامح مع مثل هذه الخطوة لولا وجود ضغط روسي.
لكن محسن حزّام، عضو اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية، وهو عضو في هيئة التنسيق الوطني، أكد أنه من غير المستبعد أن يقوم النظام بإفشال انعقاد المؤتمر التأسيس للجبهة، أو حتى اللجوء إلى اعتقال القائمين عليها، وأن اللجنة استعدت لكل الخيارات التي من المحتمل أن يقوم بها النظام، ولذلك فقد تم توجيه الدعوة للعديد من ممثلي البعثات الديبلوماسية المتواجدين في دمشق لحضور المؤتمر التأسيسي.
ونفى حزّام في حديث مع “المدن”، أن يكون مشروع الجبهة قد جرى التنسيق حوله مع أي من الأطراف الخارجية، مشيراً إلى أن “القوى المشاركة فيها كانت قد أعلنت عن بيان الإشهار منذ سنة ونصف السنة، والهدف من هذه الخطوة تجميع أكبر عدد ممكن من القوى الوطنية في الداخل السوري المتفقة في الأهداف والمبادئ من أجل وضع خطة انقاذ لسوريا بعد مرور عشر سنوات على الثورة، على أن يكون تأسيس الجبهة نواة لمؤتمر وطني سوري عام لاحقاً، ينتج بديلاً موضوعياً يستجيب لأي تطور يمكن أن يطرأ على الحالة السورية إذ ما توافقت القوى الدولية على حل ما للقضية السورية.
وعن توقيت المشروع، قال: “اختيار هذا التوقيت سببه تعثّر مسارات الحل السياسي في الوصول إلى تنفيذ مضامين القرارات الدولية وعلى رأس هذه المضامين تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، بسبب تعطيل النظام العملية السياسية وإصراره على الحل العسكري، وبالتالي رأينا وجوب أن يكون هناك بديل داخلي تجتمع عليه القوى الوطنية من أجل انقاذ سوريا، وبعد أشهر من العمل من قبل اللجنة التحضيرية نضجت فكرة المشروع وباتت جاهزة للإطلاق”.
وحول ما إذا كان البحث عن بديل موضوعي يعني تخلي هيئة التنسيق عن هيئة التفاوض المعارضة وهي جزء منها حالياً، قال حزّام: “لا نعتقد أنه يمكن لأي طرف من المعارضة أن يكون بديلاً عن الآخر، بل يجب ان تتكامل كل الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف المشتركة”. وقال إن “هيئة التفاوض تعيش مرحلة من العطالة مستمرة منذ وقت غير قصير بسبب ممارسات بعض مكوناتها، والحقيقة نحن نستشعر أن هناك توجهاً من القوى المؤثرة في الصراع السوري نحو إيجاد بديل عن هذه الهيئة، وهو أمر لا نؤيده لكن يجب أن نكون مستعدين له”.
الموقف من الانتخابات
وحول التكهنات بأن هذا المشروع ربما يكون تحضيراً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، أكد حزّام أن قوى الجبهة متفقة على مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة وأي انتخابات يمكن أن تجري قبل تطبيق القرار 2254. وأضاف “موقفنا هو أن كل ما يقوم به النظام الحالي وكل ما ينتج عنه لا شرعية له، وأن أي انتخابات يجب أن يتم تنظيمها في بيئة آمنة يمارس فيها السوريون حقوقهم وواجباتهم كمواطنين أحرار وليس كتابعين لسلطة مستبدة تحكم البلاد، وهو أمر محسوم بالنسبة لنا”.
ينظر السوريون بتوجس إلى أي خطوة أو مشروع سياسي يطرح في هذا التوقيت، ولعل تشكيل تحالف من قوى الداخل يتم الإعلان عنه بمناطق سيطرة النظام يجعل منه عرضة للتأويلات بشكل أكبر، خاصة مع الحديث المتزايد عن حراك اقليمي ودولي لإنتاج مقاربة جيدة للحل في سوريا، وهو ما يدركه القائمون على الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع تأسيسها الذين يعملون على توضيح موقفهم من هذا المشروع.
المصدر: المدن