مصطفى محمد
يسعى النظام السوري إلى إعطاء انطباع جديد بتغيّر المواقف العربية منه، مستفيداً من المرونة الأخيرة التي أبدتها بعض الدول من الملف السوري، والتحركات الروسية الهادفة إلى دفع عدد من الدول العربية إلى التقارب مع النظام، وفي مقدمتها السعودية.
ويندرج حديث النظام عبر وسائل إعلامه، عن مشاركة دول عربية منها السعودية ومصر والإمارات، في أعمال الدورة الثالثة ل”المؤتمر الدولي للتحول الرقمي”، الذي بدأ الجمعة، بقصر المؤتمرات في دمشق، ضمن تلك المساعي.
وحسب إعلام النظام، يشارك في مؤتمر “سوريا والتحول الرقمي.. الفرص والتحديات” الذي تنظمه وزارة الاتصالات والتقانة، بالتعاون مع “الاتحاد العربي للتجارة الإلكترونية” وهو إحدى المنظمات التابعة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، خبراء وهيئات ومراكز بحثية من مصر والإمارات وسلطنة عمان وتونس والجزائر والعراق والأردن ولبنان والسعودية والكويت واليمن والبحرين، إلى جانب روسيا واليونان والنمسا وسويسرا والهند.
ويمكن الإشارة إلى وجود دور للإمارات بعقد المؤتمر في دمشق، نظراً لاحتضانها الدورة الأولى للمؤتمر في العام 2017، فيما استضافت مصر الدورة الثانية في العام 2018، وتستضيف دمشق الدورة الثالثة، ويُقرأ في ذلك، عودة من المنظمات والأجهزة التابعة للجامعة العربية للنشاط في سوريا، بعد تجميده وجميع المنظمات التابعة لها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2011، على خلفية تعليق عضوية النظام في الجامعة العربية.
لكن الكاتب والخبير بشؤون الجامعة العربية زياد الريّس يؤكد ل”المدن”، أن مشاركة الاتحاد العربي للتجارة الالكترونية التابع ل”مجلس الوحدة الاقتصادية” في المؤتمر، لا يعني معاودة الجامعة العربية لنشاطها في سوريا، لأن ما يتبع للمجلس، لا يتبع للجامعة العربية، على الإطلاق.
ويشير إلى وجود أكثر من 100 كيان ومنظمة تابعة لمجلس الوحدة الاقتصادية، والجامعة لا تعترف بكل تلك الكيانات واعترافها يقتصر فقط على مجلس الوحدة الاقتصادية.
وبطبيعة الحال، فإن ذلك لا يعني عدم مشاركة رجال أعمال عرب في المؤتمر، وفق الريّس، الذي يعتبر أنه من الطبيعي أن يحظى المؤتمر، نظراً لطبيعته الاقتصادية والتجارية، باهتمام شركات التقانة والاتصالات ورجال أعمال عرب وأجانب، للتعرف على المشاريع الجديدة والفرص في هذا المجال.
وبناءً على ذلك، يصف الريّس حديث النظام عن مشاركة دولية وعربية في المؤتمر ب”الحديث المضلّل” قائلاً: “يريد النظام القول إن الاستثمارات الخارجية بدأت تبحث عن مساحات في سوريا، وأن الدول العربية بدأت ترسل وفوداً رسمية لدمشق، بعد عقد من القطيعة”، ويستدرك: “لكن هذا كذب واضح، لأنه لا يمكن للوفود الرسمية أن تشارك في مؤتمر خارجي بهذا الشكل، إذ لم نشاهد استقبالاً رسمياً لوفود رسمية في دمشق، وكذلك اقتصرت التغطية الإعلامية للمؤتمر على وسائل إعلام النظام، وبعض الوكالات الروسية، والمحطات اللبنانية”.
في المقابل، يرى الباحث السياسي طالب دغيم في عقد مثل هذا المؤتمر في دمشق، محاولات من بعض الدول لإعادة الشرعية لنظام الأسد، متجاهلة المآسي التي سببها هذا النظام للشعب السوري، معتبراً خلال حديثه ل”المدن”، أن عقد المؤتمر يأتي في إطار التعاون المبطّن من بعض الدول العربية الذي بدأ يظهر للعلن.
ويقول دغيم: “المؤسف فعلاً، أن تتهافت بعض الدول والمنظمات إلى دمشق، وتنظم فعاليات لن تنعكس إيجاباً على الواقع المعيشي المتردي للسوريين، بل تهدف إلى تسويق النظام السوري، وإعادته إلى النادي العربي الرسمي، مقابل الحصول على استثمارات ومنافع اقتصادية”.
وتحمل الإشارات التي بدأت تصدر عن السعودية مؤخراً حول موقفها من النظام السوري والحل في سوريا، على الاعتقاد بأن الدول العربية باتت أقرب إلى تطبيق الحل السوري وفق الرؤية الروسية. وكل ذلك دفع النظام إلى انتهاج استراتيجية جديدة، عنوانها تخفيف اللهجة العدائية تجاه الدول العربية، وتصعيدها ضد تركيا.
المصدر: المدن