هبة محمد
يتعاظم نشاط تنظيم الدولة «داعش» في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» شرقي سوريا، حيث كثف التنظيم من هجماته عبر استهداف مجموعة مواقع لقسد في دير الزور، رغم الحملات الأمنية المتكررة التي تنفذها الأخيرة بمشاركة التحالف الدولي ضده، والتي لم تنجح في الحد من هجمات وعمليات التنظيم الذي فقد نفوذه العسكري عام 2019.
الحملات الأمنية رغم كثافتها إلا أنها لم تتمكن من القضاء على تنظيم الدولة، الذي يقدر عدد عناصره بحدود 3000 عنصر، مقسمين إلى خلايا، وفق خبراء ومختصين بشؤون الجماعات الجهادية، وإنما دفعته لتطوير هيكليته التنظيمية، وتعزيز صفوفه بالخبرات القيادية والعسكرية، إضافة إلى إنشاء خارطة متحركة لخلاياه المنتشرة في العراق وسوريا، مما يساعده على تلافي آثار الحملات الأمنية والعسكرية ضده.
وتقوم خلايا التنظيم المتوزعة في البادية السورية بعمليات الاغتيال والهجوم ضمن هيكلية مرتبة إضافة إلى توزيع عناصر منهم للقيام بالتقصي وجمع المعلومات، وتأمين الإمدادات.
مصادر محلية، قالت إن مسلحين يرجح أنهم من خلايا تنظيم الدولة، هاجموا ليل أمس، بالأسلحة الرشاشة وقذائف الـ «آر بي جي» حاجز «الخاشع» التابع لقوات سوريا الديمقراطية، في قرية الجاسمي قرب بلدة الصور في ريف دير الزور الشمالي.
وتلا الهجوم انفجار عبوة ناسفة بسيارة لقوات سوريا الديمقراطية في المنطقة، قرب نهر الخابور في القرية ذاتها، وسط أنباء مؤكدة عن وقوع خسائر بشرية في صفوف عناصر الحاجز، وعقب الهجوم، قامت مروحيات التحالف الدولي بتمشيط بادية دير الزور الشمالية.
إذاعة «وطن إف إم» المحلية الإخبارية، قالت إن مجهولين شنوا بعد منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، هجوما بالأسلحة النارية الرشاشة وقذائف «آر بي جي» على حاجز لقوات «قسد» في قرية الجاسمي في ريف دير الزور الشمالي.
ويوم الثلاثاء، هاجم مسلحون مجهولون نقطة عسكرية تابعة لقوات «قسد» بالأسلحة النارية الرشاشة، بقرية الزر شرقي دير الزور، دون وقوع خسائر بشرية.
وتعتمد كل من قوات سوريا الديمقراطية والجيش العراقي والحشد الشعبي والعشائري إضافة إلى قوات النظام السوري والتحالف الدولي على الحملات الأمنية المركزة لملاحقة خلايا تنظيم الدولة وتفكيكها، حيث انطلقت في عام 2020 عشرات الحملات الأمنية في كلا البلدين، أبرزها «أسود الجزيرة 1» في العراق، بالتوازي مع حملة قسد التي انطلقت نهاية سبتمبر /أيلول 2020 شمال شرقي دير الزور وصولاً للحدود مع العراق، والتي سبقتها حملة الصحراء البيضاء بقيادة روسيا وميليشيا الدفاع الوطني غربي دير الزور.
وتسعى هذه الحملات الأمنية وفق الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي لتحقيق مجموعة أهداف على رأسها اعتقال قيادات التنظيم وملاحقة عناصره العسكرية الفاعلة، وإحكام السيطرة على المناطق التي تتخذها خلايا التنظيم ممرًّا للعبور نحو مناطق الاستهداف. فضلاً على التركيز على قطع الإمدادات اللوجستية عن خلايا التنظيم وتفكيك شبكة العناصر الذين يتولون هذه المهمة، وكشف مقرات المضافات ومستودعات الأسلحة والذخائر وتصنيع العبوات الناسفة التي أعدها التنظيم لضمان استمرار عملياته، إضافة إلى تدميرها.
ويقول عاصي إنه بالرغم من أهمية هذه الحملات وتحقيقها نتائج ميدانيّة مختلفة على الأرض، إلا أنها لم توقف تصاعد نشاط التنظيم في كلا البلدين، كما أنها لم تصل لأهدافها في السيطرة على نقاطه ومقراته السرية، أو تفكيك شبكة الإمداد اللوجستية والأمنية والعسكرية التي يعتمد عليها جميعًا لاستمرار أنشطته.
ورجح المتحدث أن يعتمد التنظيم على خطط بديلة لتلافي آثار الحملات الأمنية، وذلك بناء على تعزيز اللامركزيّة في عناقيد التنظيم «اعتماداً على رسم سياسة زمنية محددة، ثم تكليف المجموعات والخلايا الفرعية بتنفيذها – ضمن الإطار العام – دون العودة لقيادة التنظيم الأساسية» والاعتماد على التواصل الفردي والمشفر: حيث تنتقل الأوامر والخطط من القيادات الرئيسية إلى الفرعية عبر عناصر لا يمكن الاشتباه بها، وتكون الرسائل مشفّرة بحيث لا يدرك حامل الرسالة فحوى الأوامر التي يوصلها.
وأضاف عاصي أن تنظيم الدولة يعمل على تهيئة القيادات البديلة لتلافي مثل هذه الحملات، حيث يتعرض التنظيم لخسائر مستمرة من خلال الاعتقال والاغتيال أو الاشتباكات المتكررة، ومن ثمّ فقد اعتمد التنظيم على رفد كوادره بالخبرات التنظيمية والقيادية بشكل مستمرّ لتلافي انعكاسات فقدان بعض القيادات الميدانية أو الرئيسية. ومن المرجّح في هذا السياق أن هذه الكوادر، لا تبدو معروفةً لأجهزة الأمن، مما يزيد من صعوبة القبض عليها وتفكيك خلاياها.
وبعد مرور عامين على نهاية تنظيم الدولة كمشروع سياسي، قال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، العقيد واين ماروتو في ذكرى القضاء على آخر جيب لداعش في دير الزور «إن الحل العسكري وحده غير كاف لإلحاق الهزيمة النهائية بالتنظيم».
المصدر: «القدس العربي»