أمين العاصي
أعلنت “المحكمة الدستورية العليا” التابعة للنظام السوري قبول ثلاثة طلبات ترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، ورفض باقي طلبات الترشح المقدمة لـ”عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية” في الانتخابات المقررة في أواخر الشهر الجاري، والتي ترفضها المعارضة السورية، ويعتبرها المجتمع الدولي “مزيفة”، ولا تمثل السوريين.
وقال رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام، خلال مؤتمر صحافي الاثنين، إن “المحكمة قررت في إعلانها الأولي قبول ترشيح كل من عبد الله سلوم عبد الله، وبشار حافظ الأسد، ومحمود أحمد مرعي، لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية، ورفض باقي الطلبات لعدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية”.
وأشار اللحام، الذي كان ترأس ما يسمّى بـ”مجلس الشعب” التابع للنظام في دورته الماضية، إلى أنه يحق لمن رفضت طلبات ترشحهم التظلم أمام المحكمة خلال ثلاثة أيام اعتباراً من صباح الثلاثاء 4 مايو/ أيار، لافتا إلى أنه لا يحق للمرشحين الثلاثة البدء في حملات انتخابية قبل صدور قرار “مبرم” من المحكمة يصدر لاحقا. وكان تقدم 51 مرشحا، بينهم 7 نساء، لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي يرفضها المجتمع الدولي، وتعتبرها المعارضة “مسرحية” غايتها تثبيت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.
واستبقت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بالتأكيد على لسان مندوبتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، أن “ما تُسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 مايو/ أيار المقبل، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.
وتجرى الانتخابات وفق دستور عام 2012، حيث لم يسهّل النظام مهمة الأمم المتحدة في كتابة دستور جديد وفق ما نص عليه القرار الدولي الشهير 2254، والذي وضع خارطة طريق للحل السياسي في سورية، إلا أن النظام لم يهتم به على الإطلاق.
وأعرب القرار، الذي صدر أواخر عام 2015، عن دعم مجلس الأمن للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون ستة أشهر. وجدد القرار دعم مجلس الأمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد تحت إشراف الأمم المتحدة. وأفشل النظام لاحقا، بدعم روسي وإيراني، أعمال لجنة دستورية شكلتها الأمم المتحدة مهمتها وضع دستور جديد للبلاد.
وكان ورث بشار الأسد (56 عاما) السلطة عن أبيه في منتصف عام 2000، من خلال ما يسمّى بـ”الاستفتاء الشعبي” وفق دستور عام 1973، حيث كان المرشح الوحيد للمنصب، وتكرر الأمر ذاته في عام 2007، وصولا إلى عام 2012 حيث اضطر الأسد إلى وضع دستور في محاولة لوأد الثورة، أقر للمرة الأولى مبدأ الانتخابات وتعدد المرشحين.
وسمح الدستور الجديد لبشار الأسد بالترشح لدورتين، كانت الأولى في عام 2014، وفاز بها بنسبة 88 %، في انتخابات شكلية عمّقت الأزمة السورية التي كانت في ذروتها.
وتحوّلت سورية في عهد بشار الأسد إلى دولة “شبه فاشلة” تتنازع السيطرة عليها العديد من القوى الإقليمية والدولية بعد مقتل واعتقال وتهجير أكثر من نصف سكان البلاد.
ورفض بشار الأسد كل المبادرات العربية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، حيث وضع العراقيل أمام جهود الجامعة العربية، وتاليا الأمم المتحدة، حتى أوصل البلاد إلى حافة التقسيم.
ووفق مصادر مطلعة في العاصمة السورية دمشق، فإن رئيس ما يسمى جهاز “الأمن القومي” علي مملوك، المشرف على الأجهزة الأمنية في سورية، “هو من اختار محمود مرعي وعبد الله سلوم لخوض الانتخابات أمام الأسد لإعطائها صبغة شرعية”، مضيفة: “المرعي وسلوم يدينان بالولاء لبشار الأسد، وهما صنيعة الأجهزة الأمنية، ولا يشكلان أي قيمة في الشارع السوري الموالي”.
وكان محمود مرعي (من مواليد ريف دمشق عام 1957)، والحامل لإجازة في الحقوق، قد انضم إلى صفوف المعارضين للنظام، ثم خرج إلى العاصمة المصرية القاهرة في العام 2012، قبل أن يعود إلى سورية في 2014 ليؤسس مع آخرين ما سمّي بـ”هيئة العمل الوطني الديمقراطي”، التي انضمت إلى سلسلة من الأحزاب والهيئات التي شُكّلت من قبل أجهزة النظام الأمنية.
بينما ينحدر المرشح الثالث عبد الله سلوم عبدالله، والمولود في عام 1956، من بلدة أعزاز في ريف حلب الشمالي، وينتمي لحزب الوحدويين الاشتراكيين، الذي يدور في فلك حزب “البعث” الحاكم، وقد شغل سابقاً منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب في حكومة النظام.
المصدر: العربي الجديد