ناشد المركز السوري للعدالة والمساءلة الدول الأوروبية عدم ارسال اللاجئين السوريين إلى سوريا، وذلك نظراً للمخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها من قبل النظام.
وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين، قال المركز في تقرير تحت عنوان “بلا رحمة”، إنه “ينبغي على المجتمع الدولي إنهاء الإعادة القسرية للاجئين السوريين”. كما وثق التقرير خطر الإعادة القسرية إلى سوريا مذكراً بالاضطهاد في سوريا إضافة إلى الاعتقال التعسفي وحالات الإعدام خارج نطاق القضاء.
واعتبر المركز أنه بينما تحتفل المنظمات والدول والأفراد باليوم العالمي للاجئين وتحيّي قوة وشجاعة اللاجئين وتعمل على زيادة الوعي بالرحلات الخطرة التي يقوم بها اللاجئون تاركين منازلهم، يواجه العديد من اللاجئين السوريين في أوروبا انعدام الأمن بشكل متزايد وسياسات معادية للاجئين. كما تهدد الدول الأوروبية، مثل الدنمارك واليونان، اللاجئين السوريين بشكل متزايد بإعادتهم إلى دمشق أو بطردهم إلى بلد ثالث.
وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبد الله إن “سوريا ليست آمنة للعودة حتماً”. وأضاف أن “الانتهاكات الحكومية وأنظمة سوء المعاملة التي أدت في البداية إلى الثورة السورية، والتي لا تزال قائمة، وأن أي لاجئ يُجبر على العودة إلى سوريا يواجه خطر الاعتقال والتعذيب والقتل”.
واستجابة للاستفسارات المتعددة الأخيرة من الحكومات وسلطات الهجرة الأوروبية بشأن سلامة العودة إلى سوريا، سلّط التقرير الضوء على الظروف في سوريا، والعقبات التي تحول دون العودة، وسياسات اللاجئين الحالية، ومسؤوليات الدول بموجب القانون.
وتضمن التقرير مقابلات شخصية مع أفراد عادوا لفترة وجيزة إلى سوريا. حيث يروون تعرّضهم للتحقيق من قبل فروع أمنية عديدة مع تهديدهم بالاعتقال التعسفي. وروى شاهد معاناة عائلته في العثور على أحد أفرادها الذي اختفى على يد النظام السوري وأهوال رؤية آثار التعذيب والإعدام.
وقال العبد الله، الذي غادر سوريا هو نفسه كلاجئ واضطر للانتظار 15 شهراً أثناء إقامته بشكل غير قانوني في لبنان قبل أن ينتهي به المطاف في الولايات المتحدة الأميركية، إن “العيش في حالة من الشك، وانتظار إيقاف إقامتك أو ترحيلك إلى سوريا في أي لحظة، له تأثير مدمر على الرفاه النفسي والصحة النفسية للاجئين. إنه أسلوب حياة لا تتمناه حتى لأعدائك”.
بدوره قال المدير القانوني في المركز السوري للعدالة والمساءلة روجر لو فيليبس: “يجب على الدول الأوروبية الاعتراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووقف الجهود المبذولة لإجبار اللاجئين ذوي النوايا الحسنة على العودة إلى سوريا”.
وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على النزاع، لا تزال المدن والبلدات السورية تحت الأنقاض، وتتواصل انتهاكات حقوق الإنسان بلا هوادة ودون رقيب ولا حسيب، ويواجه السوريون تهديدات حقيقية إذا أُجبِروا على العودة. ولا تزال العديد من دوافع الهجرة وطلب اللجوء حاضرة في سوريا اليوم. ويقدّم التقرير سلسلة من التوصيات إلى الحكومات الأوروبية لمعالجة سياسات اللجوء والنظر في ممارسات إعادة اللاجئين وضمان احترام حقوق الإنسان للاجئين السوريين.
وفّر منذ العام 2011، 5.6 مليون سوري من الحرب منذ عام 2011 ، بحثاً عن ملاذ في بلد آخر. وفي عام 2010 أثناء ذروة أزمة المهاجرين في أوروبا، تقدم 1.3 مليون سوري بطلبات لجوء في أوروبا، غير أن هذا العدد انخفض في السنوات الأخيرة.
وفي العام 2019 كان هناك 136 ألف طلب لجوء لأول مرة في الاتحاد الأوروبي، وشكل السوريون حوالي 12 في المئة منهم. وبعد عشر سنوات من النزاح تحول ملايين السوريين إلى لاجئين، بينما ينزح حوالي 6.1 مليون سوري داخلي سوريا.
وبحسب التقرير يخشى معظم السوريين العودة إلى بلدهم بسبب الرقابة المحكمة من قبل أجهزة المخابرات السورية التي قتلت عشرات الآلاف تحت التعذيب داخل المعتقلات السرية وداخل فروع المخابرات التابعة للنظام.
ويواصل النظام السوري الترويج لما يسميه “تسويات أوضاع” بالإعلان عن توفّر ملاذات آمنة للاجئين، ولكن حقيقة الأمر تختلف عما يقال، حيث يجب على السوريين الراغبين في العودة ملء استمارة طلب مفصلة للإجابة على أسئلة حول موقفهم من المعارضة واستفسارات حول أفراد عائلاتهم.
وبحسب ما ذكر في التقرير الدنماركي عن بلد المنشأ يتم إرسال هذه الطلبات إلى المخابرات التابعة للنظام. وبعد تقديم طلب العودة إلى الحكومة يتم إرسال المعلومات مباشرةً إلى فرع الأمن العسكري 291 ومقره دمشق، حيث يقوم الفرع بالتحقيق وجمع المعلومات حول مقدم الطلب، وما إذا كان أحد المشاركين في الثورة أو سبق له أن انتقد النظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب التقرير فإنه في حال قرر أحدهم العودة إلى سوريا عبر الحدود اللبنانية، فإنه يتم التدقيق إذا ما كان مطلوباً للأمن، وفي حال ورود اسمه فإنه يخضع للاعتقال الفوري. وخلص التقرير إلى أن لا عودة آمنة للاجئين إلى سوريا في الفترة الحالية.
وحث المركز الحكومات الأوروبية على اتخاذ الإجراءات التالية:
وقف عمليات الإعادة القسرية سواء بالترحيل أو بالوسائل غير المباشرة.
اعتماد إجراءات لجوء شاملة وتعزيز جهود الاندماج للاجئين السوريين
استشارة المجتمع المدني السوري لتحديد مستوى التهديد الذي يتعرض له العائدون إلى سوريا
التأكد من أن النظراء الأوروبيين الآخرين يتبعون اتفاقية اللاجئين وعدم اتباع سياسات من شأنها أن تعرّض اللاجئين للخطر أو تتعارض مع سياسة الاتحاد الأوروبي.
احترام الالتزامات بموجب القانون الدولي والأوروبي لحماية اللاجئين السوريين من الإعادة القسرية في جميع مراحل عملية اللجوء.
وضع حد لممارسات الاحتجاز التي يتم بموجبها احتجاز اللاجئين الذين لا أمل لهم في العودة إلى سوريا.
المصدر: المدن