أحمد جمال
شهدت محافظة درعا تصعيداً لافتاً بقصف مكثف ومحاولات اقتحام أحياء درعا البلد من ميليشيات أسد وإيران خلال ساعات الليل، بعد جولات مكوكية من المفاوضات باءت بالفشل وذلك لإصرار نظام أسد وحلفائه الإيرانيين على دخول المنطقة وإخضاعها لسيطرتهم ، وسط دعوات عشائرية وشعبية لانتفاضة تشمل جميع مناطق حوران.
وأفادت مصادر وشبكات محلية أن ميليشيا أسد بقيادة “الفرقة الرابعة” بدأت بقصف مدفعي وصاروخي مكثف في وقت متأخر على أحياء درعا البلد والمخيم والسد، بالتوازي مع محاولات الميليشيا اقتحام لأحياء المدينة وحصول اشتباكات استمرت نحو ساعة من الزمن، حيث تصدى المقاتلون لتلك المحاولة مع ورود أنباء عن مقتل مجموعة من صفوف “الفرقة الرابعة” وتدمير عربة “شيلكا” على محور حي المنشية.
ودفع ذلك مقاتلي حوران لاستهداف مواقع عديدة للميليشيات وأبرزها حاجز ميليشيا أمن الدولة ومفرزة الأمن العسكري والكتيبة الإلكترونية في مدينة الحارّة شمال غرب درعا، كما أغلقوا طريق دمشق عمّان الدولي بين بلدتي صيدا والغارية الغربية شرقاً، فيما قطع بعض الشبان طريق عربين مسرابا بالغوطة الشرقية بريف دمشق بالإطارات المشتعلة نصرة لدرعا البلد، وسط قصف متواصل من ميليشيا أسد على درعا البلد وبلدات ومدن بريف المنطقة، ولاسيما مدينة الحارة شمالاً واليادودة والمزيريب غرباً.
وبسبب التصعيد أصدرت عشائر وأهالي درعا بياناً طالبوا فيه المجتمع الدولي بحماية المدنيين من بطش ميليشيات أسد وإيران، إضافة لمطالبة الاحتلال الروسي بتحمل مسؤولياته كونه “الضامن” لاتفاق التسوية الموقع عام 2018، وطالب البيان “بنشر قوات دولية نزيهة ومراقبين دوليين لحمايتنا خصوصاً أننا قدمنا للعالم أجمع قبل أيام مبادرة تقضي بخروج 50 ألف نسمة من أهالي درعا البلد، مستعدّين للتهجير من خلال تأمين ممر آمن لهم بضمانات دولية حقناً للدماء في حال استمر الوضع في درعا البلد على ما هو عليه الآن من حصار وقصف ودمار”.
كما استنكرت العشائر في بيان آخر “الاستفزازات و الحشود المتزايدة على أطراف المدينة وفي كافة مدن وبلدات حوران، والأعمال العسكرية اليومية تحت ذرائع وحجج واهية بهدف اقتحامها ونهبها وكسر كرامة أهلها”، في حين طالبوا عناصر ميليشيا أسد بالانشقاق عنها والوقوف إلى جانب أهلهم ضد المشروع الإيراني التخريبي.
وكانت جولات تفاوضية عديدة شهدتها المنطقة خلال ساعات أمس بين ضباط روس وضباط نظام أسد من جهة، ولجنة المفاوضات بحي السد من جهة ثانية، تخلل ذلك تهديد واسع لضباط الميليشيا وعلى رأسهم وزير دفاع أسد، علي أيوب، بإبادة المنطقة واقتحامها في حال رفض الأهالي شروط نظام أسد الذي أصر على تنفيذ شروطه بتسليم كافة السلاح وتهجير المطلوبين ونشر نقاط أمنية وعسكرية داخل الأحياء، إضافة لتفتيش المنازل وتطبيق القوانين على سكان المنطقة.
وكان الاحتلال الروسي وميليشيات أسد بدؤوا حصار درعا البلد أواخر حزيران الماضي، لإجبارها على تسليم سلاح أبنائها وإقامة بعض النقاط العسكرية داخل الأحياء، فيما توصل الطرفان لاتفاق يقضي بإنهاء الحصار، ونص الاتفاق على تسوية أوضاع نحو 130 شخصاً ورفض تهجير أو تسليم أيّ من المطلوبين، ونشر ثلاثة حواجز أمنية (حواجز ومفارز) لميليشيا أسد داخل الأحياء، لكن نظام أسد انقلب على الاتفاق بعد ساعات على توقيعه بجلب مزيد من التعزيزات العسكرية وتطويق المنطقة ومحاولة اقتحامها.
والأسبوع الماضي، بدأت ميليشيا أسد وعلى رأسها “الفرقة الرابعة”، هجوماً عسكرياً لاقتحام أحياء درعا البلد، لكنها اصطدمت بهجمة مضادة وغير متوقعة لمقاتلي حوران الذين أطلقوا “معركة الكرامة” لوقف هجوم الميليشيات واستطاعوا السيطرة على عشرات الحواجز العسكرية والأمنية، وتمكنوا من أسر أكثر من 80 عنصراً من ميليشيا أسد بينهم ضباط، إضافة لمقتل وإصابة أكثر من 10 عناصر بينهم ضباط، واغتنام دبابة وأسلحة ثقيلة ورشاشات وذخائر واسعة وسيارات عسكرية.
وعقب ذلك، أُجبر نظام أسد على وقف العملية العسكرية على أحياء درعا البلد والعودة لطاولة المفاوضات بشروط أقل بكثير من الشروط السابقة، بينما بقي الروس يلعبون دور الضامن المحايد، وهو تطور لافت في مسار العمليات العسكرية منذ التدخل الروسي عام 2015، خاصة أنه كشف انهيار ميليشيات أسد وضعفها بغياب الحليف الروسي وانعكس سلباً على معنويات الموالين وكسر عنجهيتهم.
المصدر: أورينت نت