أمين العاصي
تتجه قوات النظام السوري ومليشيات إيرانية تساندها إلى شنّ أعمال عسكرية واسعة النطاق في محافظة درعا، جنوب سورية، بعد الإخفاق في التوصل لحل سياسي، لا سيما بشأن فك الحصار عن أحياء درعا البلد بمدينة درعا، بينما يبدو أن النظام غير جاد في التوصل إلى حل من الأساس، وأن الحسم العسكري كان خياره منذ البداية. وقُتلت سيدتان وأصيب 6 مدنيين آخرين، أمس الخميس، بقصف لقوات النظام على بلدة طفس في ريف درعا الغربي، وفق المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” المعارض أبو محمود الحوراني، الذي أشار، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام قصفت البلدة براجمات الصواريخ والمدفعية، مؤكداً أن حصيلة القتلى ربما ترتفع بسبب خطورة الإصابات بين المدنيين. وبيّن الحوراني كذلك أن مقاتلين محليين استهدفوا، أمس، سيارة عسكرية لقوات النظام بعبوة ناسفة على طريق نوى – الشيخ مسكين في ريف درعا الغربي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين عناصر هذه القوات.
من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل عنصر وإصابة 4 آخرين، بعضهم بحالة خطرة، من قوات النظام، أمس، في كمين نفذه مسلحون مجهولون، استهدف سيارة طعام تابعة لقوات النظام بعبوة ناسفة، وتلا ذلك استهدافها بالأسلحة الرشاشة، على طريق نوى – الشيخ مسكين بريف درعا. وتحاول مجموعات محلية مقاتلة تخفيف الضغط عن أحياء درعا البلد المحاصرة من مليشيات طائفية عدة، من خلال استهداف سيارات وارتال لقوات النظام في مختلف أنحاء محافظة درعا.
وفي سياق الفلتان الأمني الذي تشهده محافظة درعا منذ منتصف عام 2018، تاريخ توقيع اتفاقات التسوية بين المعارضة والنظام، اغتيل أمس، الخميس، القاضي فيصل خليل الحلاوات من قبل مجهولين في مدينة نوى بريف المحافظة.
في الأثناء، أكد مصدر مطلع على سير عمل لجان التفاوض عن أهالي درعا البلد، لـ”العربي الجديد”، “فشل التوصل لاتفاق بين هذه اللجان واللجنة الأمنية التابعة للنظام بخصوص الأحياء المحاصرة في مدينة درعا”، مشيراً إلى أن “النظام يصرّ مجدداً على تسليم السلاح، والقيام بعمليات تفتيش، ووضع نقاط عسكرية داخل الأحياء”. وتدل المعطيات على أن النظام السوري لم يكن جاداً منذ البداية في مسألة التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة في أحياء درعا البلد، فهو يختلق الذرائع لإفشال أي خطوة روسية باتجاه الحل، ويكتفي بشراء الوقت لاستكمال حشد قواته في محافظة درعا للانقضاض على الأحياء والبلدات التي لم تخضع له حتى الآن. ونقلت قوات النظام خلال الأيام القليلة الفائتة الكثير من السلاح الثقيل إلى محافظة درعا، ما يؤكد نيّتها الاستمرار في حملتها في عموم المحافظة، وخاصة في الريفين الشرقي والغربي. ومن المتوقع أن تضع هذه القوات عينها على بلدة بصرى الشام الخاضعة للواء الثامن الذي يقوده القيادي السابق في فصائل المعارضة أحمد العودة، والمرتبط بالجانب الروسي.
من جانبها، قالت وكالة “سانا” التابعة للنظام، أمس، إن المهلة التي مُنحت لمن يرفضون التسوية والبالغ عددهم نحو 100 شخص، للخروج من درعا البلد إلى الشمال السوري وتسليم السلاح “انقضت بعدما انقضت مهلة سابقة”، وأشارت إلى أن الأشخاص الثمانية الذين خرجوا مساء الثلاثاء الماضي من درعا البلد إلى الشمال برعاية روسية “ليسوا من بين المطلوبين”.
وأكدت الوكالة أن قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية “لإنهاء سيطرة الإرهابيين على الحي”، مشيرة إلى أن النظام مصرّ على إخراج من وصفتهم بـ”الإرهابيين” من أحياء درعا البلد، و”نشر نقاط عسكرية داخلها وعودة جميع مؤسسات الدولة إليها”.
من جهتها، نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام عن مصدر في وفد الأخير المفاوض قوله إن “هناك خريطة طريق، إن تم تنفيذها يكون هناك اتفاق، وإن لم يتم تنفيذها لا يكون هناك اتفاق”. ويصرّ النظام خصوصاً على خروج كل من مؤيد حرفوش ومحمد المسالمة من محافظة درعا إلى الشمال السوري، إذ يتهمهما بالارتباط بتنظيم “داعش”، بينما ينفي حرفوش والمسالمة أي صلة لهما بالتنظيم. وأوضح محمد المسالمة، الملقب بـ”الهفو”، في تسجيل صوتي نشره عبر حسابه الشخصي بموقع “فيسبوك” أخيراً، أنه اشترط في اتفاقه مع لجنة التفاوض انسحاب قوات الفرقة الرابعة والمليشيات الأجنبية من المحور الجنوبي لمدينة درعا، قبل خروجه برفقة مؤيد الحرفوش في حافلة التهجير، التي وصلت أول من أمس الأربعاء، إلى الشمال السوري. واعتبر أن الفرقة الرابعة هي المسؤولة عن فشل الاتفاق بسبب عدم انسحابها من محيط درعا البلد.
ويرفض الوفد المفاوض عن الأهالي شروط النظام السوري، وخاصة لجهة انتشار مليشيات إيرانية في أحياء درعا البلد، أو تسليم السلاح الفردي، ويدعو إلى انتشار اللواء الثامن التابع للجانب الروسي من أجل التوقيع على اتفاق ينهي الأزمة في درعا البلد المحاصرة منذ 65 يوماً، ما تسبب بكارثة طاولت آلاف المدنيين.
المصدر: العربي الجديد