صابر غل عنبري
انتقدت روسيا بشكل مبطن موقف إيران من استئناف محادثات فيينا النووية وتأكيداتها حول العودة “قريباً” إلى هذه المفاوضات، وذلك عبر تساؤل طرحته موسكو عن مغزى هذا الإعلان الإيراني.
جاء ذلك على لسان المبعوث الروسي إلى مفاوضات فيينا ميخائيل أوليانوف، حيث طرح هذا التساؤل في تغريدة على “تويتر”، تعليقاً على تصريح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، بأن طهران ستستأنف “قريباً” المفاوضات.
وقال أوليانوف في تغريدة: “(قريباً)، هل أحد ما يعلم ماذا تعني هذه الكلمة من الناحية العملية؟”.
وبحسب بيان أصدرته الخارجية الإيرانية أمس السبت، قال وزير الخارجية الإيراني في لقاء مع الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي “إيكو” خسرو ناظري، إن إيران أجرت أخيراً مباحثات مع الاتحاد الأوروبي، وستستكملها في بروكسل، مؤكداً “سيتم استئناف المفاوضات النووية مع (1+4) قريباً”.
روسيا الشريكة في الاتفاق النووي لطالما اصطفت إلى جانب طهران في موقفها من الاتفاق بعد الانسحاب الأميركي منه عام 2018، منتقدة الموقف الأميركي وإعادة فرض العقوبات على إيران، وداعية الولايات المتحدة إلى العودة للاتفاق النووي وإلغاء العقوبات.
وجاء هذا الموقف السياسي الداعم لإيران، فيما كانت روسيا قد صوّتت إلى جانب القوى الغربية لصالح القرارات الدولية الستة التي أصدرها مجلس الأمن من عام 2005 إلى 2015 ضد البرنامج النووي الإيراني.
غير أن الانتقاد المبطن الذي وجهه المبعوث الروسي للتصريحات الإيرانية منذ فترة حول “العودة القريبة” إلى المفاوضات، ليس التباين الوحيد الذي ظهر أخيراً بين الموقفين الروسي والإيراني من المفاوضات النووية، فموسكو الداعية مع الأطراف الأميركية والأوروبية إلى العودة السريعة للمفاوضات، قد سجلت قبل فترة أيضاً ملاحظة أخرى بشأن دعوات إيرانية إلى استئناف المفاوضات من البداية وليس من النقطة التي توقفت عندها يوم 20 يونيو/ حزيران الماضي بعد انتهاء الجولة السادسة.
وفي السياق، أكد المفاوض الروسي إلى مفاوضات فيينا ميخائيل أوليانوف، يوم 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، في تغريدة عبر “تويتر”، ضرورة استئناف المفاوضات من النقطة التي وصلت إليها بحلول 20 يونيو/ حزيران وليس من الصفر.
كذلك أكّد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيدا برايس، أمس السبت، “ضرورة استئناف المفاوضات في أسرع وقت ومن النقطة التي انتهت عندها الجولة السادسة.”
وتؤكد الحكومة الإيرانية منذ فترة أنها تخوض حالياً نقاشات وعملية مراجعة حول الجولات السابقة من مفاوضات فيينا، فيما أشارت إلى أنها ستعود إلى المفاوضات بعد الانتهاء منها، مع الإشارة إلى أن هذه المشاورات الداخلية قاربت على النهاية.
وكانت مصادر إيرانية قد كشفت لـ”العربي الجديد”، يوم الخامس عشر من الشهر الجاري بعد زيارة المفاوض الأوروبي أنريكي مورا إلى طهران، عن أنّ إيران قدمت إليه جملة ملاحظات حول الجولات السابقة والموقف الأميركي والأوروبي، منها 4 ملاحظات أساسية.
وأشارت المصادر حينها إلى أن طهران تسعى من خلال طرح هذه الملاحظات إلى “وضع أجندة جديدة على طاولة المفاوضات بعد استئنافها، ما يجعل من الصعب استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها، وهو ما يستدعي إعادة النظر في اتفاقات جزئية قد حصلت سابقاً”.
وتظهر التباينات في الموقفين الإيراني والروسي تجاه مفاوضات فيينا في وقت كثف فيه الاحتلال الإسرائيلي اتصالاته مع موسكو في محاولة للحصول على الدعم الروسي للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى وقف البرنامج النووي الإيراني وتحشيد الدول الكبرى ضد هذا البرنامج، وسط تلميحات باستخدام القوة ضده.
وشكّل الملف النووي الإيراني والاتفاق النووي المترنح أحد أبرز عناوين أول زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت إلى روسيا ولقائه فلاديمير بوتين خلال الأيام الماضية، فضلاً عن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد إلى موسكو الشهر الماضي وإجرائه مباحثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال الزيارة وبعدها.
إلى جانب ذلك، تخطط الحكومة الإسرائيلية للقاء ثلاثي يجمع رؤساء مجالس الأمن القومي لكل من روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل لمناقشة أوضاع سورية والملف الإيراني خلال الفترة المقبلة.
ومنذ يونيو/ حزيران الماضي، توقفت مفاوضات فيينا النووية التي انطلقت خلال إبريل/ نيسان الماضي بشكل غير مباشر بين طهران وواشنطن بواسطة أعضاء الاتفاق النووي، بغية إحياء هذا الاتفاق.
وجاء وقف المفاوضات بناء على طلب من إيران بحجة الانتخابات الرئاسية وانتقال السلطة التنفيذية فيها، لكن المفاوضات لم تستأنف رغم مرور نحو 3 أشهر على الانتخابات، لتؤكد طهران أنها ستعود إليها قريباً بعد انتهاء عملية مراجعة الجولات الست السابقة، غير أنها بالتوازي مع هذه المواقف بدأت يوم الخامس عشر من الشهر الجاري إجراء حوارات مع الاتحاد الأوروبي، وذلك خلال زيارة نائب مفوضها للسياسة الخارجية أنريكي مورا.
وحسب الإعلان الإيراني ستستمر المباحثات خلال هذا الأسبوع في بروكسل.
المصدر: العربي الجديد