محمد عمر كرداس
سورية التي كانت تطعم امبراطورية روما القمح هي اليوم جائعة، جائعة بكل المعاني في ظل نظام يدعي المقاومة والممانعة وهو قد زيف المقاومة والممانعة وزيف إرادة الشعب واستولى على الوطن ويتصرف به كما تتصرف مافيات تهريب المخدرات والسلاح، فهو يجلب المرتزقة ويدفع لهم الرواتب المجزية ليقتلوا شعبه ويستولوا على مقدراته وأملاكه وثرواته ما ظهر منها وما بطن سلطة باغية بكل المقاييس،السلطة بمعناها القانوني هي التي توفر الأمن والأمان لشعبها بما يعني توفير مستلزمات الحياة الآمنة لشعبها بشقيها الإقتصادي الإجتماعي والأمني، وهي تلك التي تخضع لسلطة القانون ولرقابة المؤسسات الشعبية المنتخبة ديمقراطيًا أي هي من اختيارهم، أما تلك الغاشمة التي لا يردعها قانون ولا رقابة، وتترك مواطنيها ينهشهم الجوع والمرض دون أن تكترث لأحوالهم ومصائرهم فهي سلطة لاوطنية تعتبر الدولة مزرعة لها ولأعوانها تتصرف بها تصرف المالك بملكه. وهذا حالنا مع سلطة البعث والعائلة الحاكمة منذ أكثر من نصف قرن.
لاشك بأن دخل المواطن الذي يعيل عائلة متوسطة في سورية اليوم بحاجة لحوالي 600 ألف ليرة شهريًا كحد أدنى لإعالة أسرته، وهو لايتحصل على عشر هذا المبلغ، فقد أدت سياسات النظام وممارساته منذ عام 70 إلى إنهاك الإقتصاد نتيجة النهب المنظم الذي مارسه النظام وشجع الموالين له عليه. فعندما اغتصب حافظ الأسد السلطة من رفاقه كان الدولار الأميركي يساوي أقل من أربع ليرات وغرام الذهب أيضًا بنفس السعر، وجاء عام 1986 ليفرغ البنك المركزي محتوياته من العملة الصعبة في جيوب المجرم رفعت الأسد ومناصريه ليصبح صرف الدولار مباشرة ب60 ليرة سورية ولتنخفض القوة الشرائية لدخل المواطن إلى العشر ولتتفاقم أزمة المواطن المعيشية يومًا بعد يوم بينما رجالات النظام يكدسون الثروات من نهب الدولة ومن التهريب ومن سرقة ثروات الشعب من نفط وغيره، وليبدأ حيتان المال من جماعة السلطة بإظهار ماسرقوه وماجنوه بشراكاتهم مع المافيات الدولية لتصدر قوانين الإستثمار التي فصلت على مقاساتهم ليغسلوا أموالهم القذرة وليستولوا على مابقي باحتكارهم شركات الإتصالات والمناطق الحرة والمشاريع العقارية الكبرى واستثمارات النفط والغاز التي تدر أموالًا خرافية والتي أتاحت لهم الحصول على المليارات مع حرمان الشعب من كل هذه الثروات.
بعد هذا الظلم الطويل خرج الشعب بكل مكوناته في 18 آذار/مارس ليفجر في وجه النظام ثورة الحرية والعدالة والكرامة وكاد أن يتخلص من هذه الطغمة لولا أن المجتمع الدولي والدول الإقليمية التي حرصت على مر العقود على التخلص من سورية كشعب ووطن أرادت غير ذلك، فأوكلت إجهاض الثورة وتدمير مابقي من الوطن إلى شذاذ آفاق متمرسين بتدمير أوطانهم وإعادتها إلى عصور ما قبل الحضارة، لقد أتى الإيرانيون {أفقروا ودمروا اليمن ولبنان والعراق وسورية بتفويض أميركي ودولي لأنهم كما يقول أوباما الأميركي أصحاب حضارة والعرب همج } وميليشياتهم اللبنانية والعراقية والأفغانية وغيرها، هؤلاء المتوحشون عاثوا في الأرض فسادًا وقتلًا وتدميرًا، كما أتى الروس أصحاب التاريخ العريق في القتل والتدمير وكبت الحريات وجلبوا معهم المرتزقة وبحسب رواية وزير دفاعهم أنهم جربوا أكثر من 300 سلاح جديد في سورية ضد شعبنا المبتلى بحكامه ومن ناصرهم،{ستالين الحاكم الروسي الأشهر قتل الملايين من شعبه والشعوب المجاورة لاختلافهم معه بالرأي حتى أقرب الناس من رفاقه ويبدو أن نظام الأسد سار على نهحه في القتل والتدمير}.
كل هذا يجري لتحتفظ هذه السلالة بحكم سورية ظنًا منها أن ذلك سيدوم لها، ولكن شعبنا الثائر له رأي آخر.
منظمة الغذاء العالمية تقول إن أكثر من ثلاثين مليون شخص مهددون بالموت جوعًا في العالم من بينهم 12 مليون سوري وأن الشخص منهم لايعرف متى سيتناول وجبته الثانية. وأمام أعين مجتمع دولي بائس جرى ويجري كل ماحصل ويحصل في سورية وليس هناك أحد يهتم بإرادة هذا الشعب ومصيره وحاجته الملحة لنظام وطني ديمقراطي يعيد بناء بلده ويحقق العدالة والكرامة لهذا الشعب أسوة بالشعوب الحرة من كل قيد.
المصدر: اشراق