رامز الحمصي
لفترة من الوقت كانت الدول الغربية تعزل بين الجناح العسكري والسياسي لـ “حزب الله” اللبناني خلال تصنيفه كمنظمة إرهابية، إلا أنه ومؤخراً اتجهت عدة دول لتصنيف “حزب الله” بشقيه السياسي والعسكري كمنظمة إرهابية. فانضمت أستراليا يوم أمس إلى أكثر من 12 دولة حول العالم؛ اتخذت قرار تصنيف الحزب بالمجمل كمنظمة إرهابية.
ينظر الحزب إلى الدول الغربية كميدان لنشاطه الاقتصادي الذي يدر عليه أرباحاً كثيرة، وتعد أستراليا مصدراً مهماً لتمويل الحزب. إذ تعيش جالية لبنانية كبيرة الانتماء إلى حزب الله، كما أن الحزب يموّل نفسه بواسطة الجريمة وتجارة السيارات وتبييض الأموال.
“حزب الله” بدأ انخراطه فعلياً في الحياة السياسية منذ عام 2005، عبر مشاركته في الحكومة، ومع انخراطه في العمل السياسي باتت لـ«حزب الله» الكلمة «الفصل» في القرار اللبناني.
الهدف “حزب الله” والضربة لإيران؟
يصنف الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لـ “حزب الله” فقط كجماعة إرهابية وليس جناحه السياسي، حيث أدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري على قائمة الإرهاب في عام 2013. ولكن بريطانيا صنفت الحزب بكل مفاصله على أنه تنظيم إرهابي في فبراير/ شباط عام 2019.
وتصنف كلا من هولندا والولايات المتحدة الأميركية وكندا حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري كتنظيم إرهابي.
بيد أنّ التصنيف الجديد للحزب، يأتي ضمن التوجه الغربي لتضييق الخناق على الحزب وبالأساس داعميه الإيرانيين، كما يرى المحلل السياسي أحمد سعدو.
ويقول سعدو لـ “الحل نت”، إنّ إيران لا تدعم الحزب عبر القنوات المالية الدولية، بل عبر الخط الاستراتيجي المفتوح الذي أضحى سالكا من طهران إلى بغداد إلى دمشق ومن ثم بيروت.
ويتابع سعدو، أنّ استمرار استراليا وسواها بتصنيف الحزب إرهابيا يؤثر على مجمل الوضع اللبناني.
ويحيل الأوضاع هناك إلى واقع الدولة الفاشلة المقيدة بسياسات إرهابية حزب تشكل خطرا على كل المنطقة.
يعتمد الحزب في تمويله على شبكات وفاعليات وأذرع ممتدة في كل قارات العالم. حتى وصلت تلك الشبكات إلى مرحلة كبرى من الفاعلية. وجعلت من “حزب الله” أحد أكثر المنظمات غير الحكومية استقلالية مالية وقوة في الوطن العربي.
وأسهم التزام الحزب المعلن تجاه “ولاية الفقيه” في ربطه بطهران منذ البداية، وهي رابطة لم يخفها أي من الطرفين.
كيف سيتأثر حزب الله مالياً؟
يؤكد المحلل السياسي للشؤون العربية والدولية اللبنانية، الكاتب اللبناني طوني بولس، أنّ التصنيف الجديد لن يؤثر مباشرة على “حزب الله”، لكنه يؤثر معنويا على الممولين للحزب.
ويوضح بولس، في حديثه لـ”الحل نت”، أنّ هذا التصنيف يكشف الشركات والمؤسسات الوهمية التي يمتلكها الحزب، واخترق فيها معظم دول العالم. وفعليا تصبح تحت الملاحقة القانونية، بالإضافة لرجال الأعمال المنتمين للحزب.
ومن جهته، يشير المحلل أحمد سعدو، إلى أنّ التصنيف سوف يؤثر. وقد أثر سابقا على كل من يتعامل مع “حزب الله”، من شركات وأفراد ومؤسسات. وهذا سيترك الأثر على موارد حزب الله المتعلقة ببعض هذه الرجالات والشركات.
وقدرت ميزانية حزب الله عام 2013 بين 800 مليون إلى مليار دولار، تأتي نسبة 70-90% منها من إيران، قبل أن تُخفّض من جديد عام 2015 بفعل العقوبات الدولية.
وصنعت وحدة الشؤون المالية لـ “حزب الله”، تحالفا غيرُ مسبوق بين جماعات مسلحة أيديولوجية إقليمية وبين الشبكات العالمية لتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، وهذا التحالف أسهم في تدفق مئات الملايين من الدولارات إلى خزائن الحزب، منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول إلى اليوم.
تأثير سياسي داخل لبنان وخارجه
من الناحية السياسية، يبقى تصنيف حزب الله في خانة الإرهاب من الدول الغربية والعربية أمراً سلبياً للعلاقات مع لبنان. فما دام الحزب هو القوة السياسية في البلاد، فإن العقوبات قد يتعقد العلاقات مع لبنان. ما يجعل من تأثير القرار معنوياً على لبنان أكثر منه سياسي.
ويبين بولس، أنّ قرار استراليا يبرز أكثر القضية اللبنانية. ويبرز دور حزب الله في خطف الدولة اللبنانية واستغلالها كمنصة لتصدير الإرهاب للعالم. وهذا يثبت أن «لبنان يرزح تحت احتلال هذه المليشيات مختطفة قراره»، بحسب وصفه.
ويفيد المحلل السياسي، أحمد سعدو، أنّ القرار الأخير سينعكس جزئيا على مجمل أوضاع ما يسمى “محور الممانعة والمقاومة”«من إيران إلى الأسد إلى الحوثيين».
وعليه يرى طوني بولس، أنّه على الدول ألا تكتفي فقط بعملية إدراج الحزب على قائمة المنظمات الإرهابية. وإنما عليها أن تتابع هذا الموضوع مع مجلس الأمن والأمم المتحدة.
وصنفت أستراليا، أمس الأربعاء، حزب الله بأسره “منظمة إرهابية”، في خطوة وسّعت عبرها نطاق العقوبات التي كانت تشمل الجناح العسكري فقط.
ولم توضح أستراليا الأسباب التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار. والذي يأتي في وقت يغرق فيه لبنان في أزمة اقتصادية وسياسية عميقة.
المصدر: الحل نت