د- أسعد عبد الرحمن
بسبب الأيديولوجيات والمقارفات الإسرائيلية يتخذ الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي منحى «صراع الوجود». فلقد أضحى عنف المستعمرين/ «المستوطنين» ضد الفلسطينيين جزءا لا يتجزأ من سياسة الاحتلال في تهويد الضفة الغربية المحتلة، حيث يشتمل هذا العنف على مجموعة كبيرة من الممارسات على رأسها سرقة الأرض الفلسطينية ضمن عملية متواصلة ممنهجة ومخططة لإقامة بؤر”استيطانية» جديدة، أو معسكرات لقوات الاحتلال بذريعة حماية «المستوطنين».
لقد تداخلت السياسة مع الديمغرافيا بشكل جعل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي مفتوحاً على مصراعيه على المدى البعيد.
وبحسب حركة «السلام الآن» الإسرائيلية فإن «عنف المستوطنين في الأشهر الأخيرة حطم الأرقام القياسية وتجاوز الخطوط الحمراء»، داعية وزير الجيش (بيني غانتس) إلى رفع الغطاء عنهم، و”وقف جرائمهم وانتهاكاتهم بحق الفلسطينيين وأراضيهم ومزروعاتهم».
وأضافت: «ليست هناك حاجة لتشغيل نظام متطور لجمع المعلومات الاستخباراتية حول المجموعات الاستيطانية المسلحة التي يقدم لها الجيش الحماية خلال ارتكابها جرائم وانتهاكات بحق الشريحة الضعيفة من الفلسطينيين في القرى والحقول وخلال زراعة أراضيهم أو قطف ثمار الزيتون».
وتشير التقديرات الإسرائيلية التي أجراها الرئيس التنفيذي لمنظمة «أماناه» (زئيف حيفر) وهي الذراع التنفيذية والتجاري لحركة «غوش إيمونيم» التي تقف وراء إنشاء البؤر «الاستيطانية»، أن هناك نحو 200 ألف دونم تم السيطرة عليها بالضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 من قبل هذه البؤر.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» فإن «المستوطنين» تمكنوا «خلال الخمس سنوات الأخيرة من وضع اليد والسيطرة على نحو 29 ألف دونم هي ملكية خاصة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. كما منعوا المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى مساحات واسعة من الأراضي، ونفذوا اعتداءات ممنهجة وواسعة عليهم خلال فلاحة العائلات الفلسطينية الأرض، وذلك بهدف ترويع وترهيب الفلسطينيين ودفعهم على الهجرة القسرية لأراضيهم وعدم زراعتها».
في سياق متمم، ورد في تقرير لمنظمة «بتسيلم» الإسرائيلية الحقوقية: ».. وغالبا ما كانت تتم اعتداءات المستوطنين وعمليات الترهيب للفلسطينيين بدعم وحماية من جنود الاحتلال، الذين ساعدوا المستوطنين بالتوسع والهجوم على العائلات الفلسطينية، والسيطرة على الأراضي الفلسطينية».
وأضافت «بتسليم”: «بعض هذه الأراضي استولت عليه سلطات الاحتلال عبر أوامر عسكرية أو عبر إعلانها «أراضي دولة» أو «مناطق إطلاق نار» أو محميات طبيعية» أو عبر مصادرتها، بينما استولى على بعضها الآخر مستوطنون بالقوة المجردة بواسطة عنف يومي يمارسونه ضد السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم».
كذلك، وثقت «بتسيلم» 451 هجوما «للمستوطنين» ضد الفلسطينيين، منذ مطلع 2020 إلى منتصف 2021، وأن في 66% من هذه الهجمات لم تتوجه قوات الجيش إلى موقع الحادثة.
وفي المجمل، وفق المنظمة، «قدم الجنود إلى الموقع في 183 هجوما، وفي 170 منها لم يفعلوا شيئاً، أو شاركوا في الهجمات إلى جانب المستوطنين».
لقد بات جليا، أن عنف المستعمرين/ «المستوطنين» يمارس بدعم تام من دولة الاحتلال، فهي ليست تتيحه فحسب، بل تشارك قواتها في تنفيذه وذلك ضمن استراتيجية الفصل العنصري «أبارتايد» الساعي إلى قضم المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية لاستكمال عملية الاستيلاء الجارية.
وبحسب الكاتب الإسرائيلي (رون زايدل): «عنف المستوطنين بحق الفلسطينيين ليس «فشة خلق» مستهترة وشاذة عن القاعدة، بل سياسة إسرائيلية رسمية وممنهجة منذ عام 1967 وهذا العنف يستمر بفضل دعم وحماية الجيش الإسرائيلي. هذا العنف هو جزء لا يتجزأ من المنظومة الاحتلالية، وعلاقته بالعنف الذي تمارسه الدولة نفسها وثيقة جداً. وعليه، لا يُعدّ هؤلاء المستوطنون «أعشاباً ضارة» يجب اقتلاعها، بل أثلام زنابق اعتنت بها كل الحكومات الإسرائيلية».
المصدر: مدونة أسعد عبد الرحمن