سونيا العلي
تتكرر معاناة النازحين في مخيمات شمال غربي سورية كل شتاء، في ظل عجز الخيام المصنوعة من القماش أو النايلون عن مواجهة العواصف المطرية والرياح الشديدة، ما يضاعف معاناة النازحين، تزامناً مع تردّي الأوضاع المعيشية وسوء الأحوال المادية وارتفاع نسبة البطالة، وعجز المنظمات الإنسانية عن وضع حد لمعاناتهم وتأمين احتياجاتهم.
“نقضي الأيام الماطرة في ترحيل مياه الأمطار ونقل الأطفال إلى خيام أقرباء لنا لحمايتهم من البرد” بهذه الكلمات عبرت فاطمة الديوب (29 عاماً) النازحة من مدينة معرة النعمان إلى مخيم قرية كفرعروق بريف إدلب الشمالي عن معاناتها خلال فترة هطول الأمطار، ووصول المياه إلى محتويات الخيمة التي أصبحت ملاذها الأخير بعد نزوحها مع زوجها وأطفالها الثلاثة.
تضيف فاطمة في حديثها لإشراق عن معاناة الشتاء بالقول: “خيامنا مهترئة لا تصمد في وجه الأمطار والرياح، وحين يتوفر بين أيدينا ثمن كيس من الحطب نعمد إلى شرائه، ولكننا في أغلب الأوقات نظل دون تدفئة، ونستعين بالبطانيات والأغطية في تدفئة الأطفال الذين لا تقوى أجسادهم على تحمل البرد .”
من جانبه أيمن حاكورة (45 عاماً) نازح في مخيم قرية كفريحمول بريف إدلب الشمالي يتحدث لإشراق عن التدابير التي اتخذها لمنع تسرب مياه الأمطار إلى خيمته قائلاً: ” كل شتاء نقاسي في المخيمات البرد القارس، ونضطر للتعايش مع الطين والطرقات الموحلة .”
ويؤكد أنه يواجه مع غيره من النازحين ضعفاً كبيراً في الخدمات والامكانيات المتاحة، وعدم توفر مراكز إيواء لاستيعاب آلاف المتضررين، ما دفعه لتحصين الخيمة وفق الإمكانيات المتاحة، يقول: “قمت بحفر قنوات لتصريف مياه الأمطار، وتثبيت أطراف الخيمة بالحصى والحجارة، إلى جانب حياكة الشقوق الموجودة في سقف الخيمة وأطرافها .”
احتياجات إنسانية
تكشف الأحوال الجوية والهطولات المطرية رداءة المخيمات في مناطق شمال غربي سورية، حيث تغرق الكثير من الخيام، وتقتلع أخرى بفعل الرياح والعواصف.
سمر البكور(40 عاماً) أم لستة أبناء، نزحت من بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي، وتقيم في مخيم عشوائي على أطراف بلدة أطمة الحدودية مع تركيا شمال إدلب، تتحدث عن معاناة أسرتها بالقول: “نعاني من البرد الذي يفتك بأجساد الأطفال وكبار السن، أمام عجزنا عن تأمين مواد التدفئة، حيث يقع المخيم الذي نقطن به في منطقة زراعية، وقد بدأت معاناتنا مع بداية الهطولات المطرية، واشتداد موجة البرد والصقيع .”
وتشير البكور أن أولادها يعانون من الزكام والأمراض الصدرية، أما خيمتها فقد غرقت بمياه الأمطار عدة مرات، كما تعاني من صعوبة المشي في طرقات المخيم بسبب تشكل الطين، وحتى صهاريج المياه والسيارات يصعب وصولها إلى المخيم.
تضيف بحزن: “إلى متى سنظل هنا، دون أمل بالعودة إلى منازلنا، فصيحات الاستغاثة والمناشدات التي نطلقها لم تعد تلقى آذاناً صاغية، رغم المأساة التي نعيشها بشكل يومي، في رحلة النزوح التي استطالت، دون أي حل يخلصنا من حياة النزوح والتشريد.”
من جانبه وائل المحمود (55 عاماً) مدير مخيم عشوائي في بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي يتحدث لإشراق عن احتياجات النازحين بالقول:” تعيش في هذا المخيم حوالي 420 عائلة نازحة من مناطق ريف إدلب الجنوبي، وسط ظروف إنسانية مزرية، وتتفاقم معاناتهم مع دخول موسم الشتاء واشتداد البرد فيه، جراء افتقادهم الوسائل التي تساعدهم وتقيهم من الصقيع، وسط خيام متهالكة.
ويؤكد أن المخيم تعرض للضرر الشديد وتشريد بعض قاطنيه واقتلاع عدد من خيامه بفعل الأمطار الغزيرة، مؤكداً أن أبرز الاحتياجات هي البطانيات ووسائل التدفئة والعوازل المطرية، إلى جانب الغذاء والدواء، وتبديل الخيام المهترئة .
خيام متضررة
وكان فريق “منسقو استجابة سورية” قد أشار في آخر إحصائياته، إلى ارتفاع أعداد المخيمات المتضررة نتيجة الهطولات المطرية إلى 104 مخيماً، وانقطاع العديد من الطرقات المؤدية ضمن العديد من المخيمات، مبيناً أن عدد الخيم المتضررة بشكل كلي 194 خيمة، فيما وصل عدد المتضررة جزئياً إلى 316 خيمة، إلى جانب أضرار واسعة في الطرقات تجاوزت الـ9 كيلومترات ضمن المخيمات ومحيطها، ودخول مياه الأمطار إلى داخل 2,145 خيمة مسببة أضراراً مختلفة. وقال الفريق أن الأضرار توزعت ابتداءً من مخيمات خربة الجوز غربي إدلب وصولاً إلى المخيمات الحدودية باتجاه ريف حلب الشمالي، إضافةً إلى محيط مدينة إدلب ومعرة مصرين وكللي وحربنوش وكفريحمول وحزانو وزردنا. وأشار أن عدد العائلات المتضررة بشكل مباشر 1,842 عائلة، في حين بلغت عدد العائلات المتضررة من الهطولات المطرية بشكل كامل 3,742 عائلة. وحث الفريق المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، العمل على مساعدة النازحين القاطنين في تلك المخيمات بشكل عاجل، وحذر من انهيار منظومة المأوى الخاصة بالنازحين في المخيمات من خلال زيادة الأضرار، وصعوبة تعويض الخسائر.
تجدر الإشارة أن أعداد المخيمات في مناطق شمال غرب سورية خلال الفترة السابقة وصل إلى 1489 مخيماً، بينها 452 مخيماً عشوائياً، يقطن فيه 233.671 نازحاً من مختلف المناطق السورية.
المصدر: اشراق