عادل الحامدي
على الرغم من نجاح المجتمع الدولي في إلزام الأطراف السياسية في ليبيا بالتهدئة ووقف الصراعات المسلحة، بل والقبول بالاحتكام إلى صندوق الاقتراع وتحديد موعد لذلك، إلا أن المؤسسات الليبية ذات الصلة لم تتمكن من إنجاز الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي توحد المؤسسات الليبية وتعيد التأسيس للدولة الليبية الديمقراطية التي ثار من أجلها الليبيون قبل عقد من الزمن.
لماذا تم تأجيل الانتخابات؟ ومن يتحمل المسؤولية المباشرة عن تعطيل الاحتكام لصندوق الاقتراع؟ وماذا عن دور المجتمع الدولي في دفع الليبيين إلى الانتخابات وإنهاء الخلاف القائم بينهم؟
هذه بعض من الأسئلة التي طرحتها “عربي21″، على السياسي الليبي الدكتور جمعة القماطي، أبرز مؤسسي حزب التغيير في ليبيا ورئيسه، فكانت هذه إجاباته..
س ـ وأخيرا تم تأجيل الانتخابات.. هل ترى أن ما تم الحديث عنه من أسباب مبررات مقنعة لخطوة التأجيل؟
ـ المبررات التي أعطيت من كل طرف غير مقنعة، وهناك إخفاق عام وتحميل المسؤولية لكل الأطراف، ولعل المسؤول الأكبر هو مجلس النواب وبالتحديد مجموعة عقيلة صالح الذي اختطف المسار السياسي وفرض قوانين انتخاب ضعيفة ومخلخلة ومن طرف واحد بدون أي تشاور مع الأطراف الرئيسية الأخرى وعلى رأسها المجلس الأعلى للدولة.
ومجلس النواب فصل قانون انتخاب الرئيس على مقاس حفتر ولم يكن في حسبانه أن سيف الإسلام القذافي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة سيكونان في قائمة المترشحين، ما يعني تبخر فرصة حفتر في الفوز.. ولذلك تراجع مجلس النواب وعرقل الانتخابات ومنع مفوضية الانتخابات من المضي قدما وإعلان القائمة النهائية الرسمية للمترشحين.
س ـ ما هو المناخ الواجب توفره لإجراء الانتخابات في ليبيا؟
ـ أهم مناخ هو التشاور والتوافق بين كل الأطراف الرئيسية في الصراع الليبي، خاصة حول خارطة الطريق وقوانين الانتخاب، وكذلك المناخ الأمني الملائم والمناخ الذي يحد من عمليات التزوير والتلاعب بالعملية الانتخابية ونتائجها.. والمناخ الذي يقبل فيه كل طرف مشارك بنتائج الانتخابات النزيهة والشفافة.
س ـ هناك خلاف حقيقي حول القوانين الناظمة للانتخابات، ما هو رأي حزب التغيير؟
ـ حزب التغيير له موقف ثابت وموثق في بياناته بأنه يرى أن ليبيا غير جاهزة لانتخابات رئاسية في غياب دستور دائم يحسم شروط الترشح للرئاسة. ولذلك فإن الشيء المنطقي هو الذهاب إلى انتخابات برلمانية أولا ومن ثم يقوم البرلمان الجديد بحسم قضية مسودة الدستور التي تنتظر الاستفتاء عليها من الشعب، ثم بعد ذلك يصبح لدينا دستور دائم نقوم بعدها بانتخابات رئاسية وبرلمانية وفق هذا الدستور.
س ـ الليبيون يتحدثون عن انتخابات تشريعية ورئاسية، هل ترى الربط بينهما ممكنا؟
ـ نعم ممكن ولكنه ليس الأفضل، لذلك فإننا نرى في حزب التغيير أن نذهب إلى انتخابات برلمانية أولا ثم إنجاز الدستور ثم بعد ذلك انتخابات رئاسية وبرلمانية.
س ـ كثير من الليبيين يعتقدون أن الحديث عن انتخابات غير ذي جدوى.. بالنظر إلى التأثير الكبير للقوى الدولية على الفرقاء السياسيين، هل تعتقد أن هذا التحفظ له معنى؟
ـ نعم. التدخل الإقليمي والدولي سلبي في أغلبه وبالتالي فإن بعض الدول لا تريد انتخابات تقود إلى حالة استقرار دائم في ليبيا قبل أن تضمن مصالحها وفرض رؤيتها للحل. وتعمل هذه الدول من خلال حلفائها داخل ليبيا على عرقلة الانتخابات بخلق إشكالات وأعذار واهية.
س ـ ترشح بعض الأسماء للانتخابات الرئاسية مثل حفتر وسيف الإسلام، هل تراه يخدم الاستقرار في ليبيا؟
ـ بالتأكيد لا يخدم الاستقرار في ليبيا.. لأن حفتر وسيف شخصيتان جدليتان بامتياز ولهما سوابق إجرامية، وبالتالي فإن مجرد إعلان ترشحهما أثار حفيظة الناس.. فكيف إذا ما ترشحوا. لذلك فأنا أتوقع فيتو دوليا على ترشح سيف الإسلام القدافي على الأقل. وللأسف، يبدو أن حفتر سيتم السماح له بالترشح رغم جرائمه البشعة في ليبيا خلال السبع سنوات الأخيرة، وعلى رأسها جرائم حرب ومقابر جماعية في مدينة ترهونة يتم اكتشافها كل يوم حاليا.
س ـ أيهم أولى بالإشراف على الانتخابات، المجلس الأعلى للقضاء أم مفوضية الانتخابات أم الحكومة أم البعثة الأممية؟
ـ تنظيم الانتخابات من مسؤولية المفوضية العليا للانتخابات وحدها وهي مفوضية سيادية وطنية وتعتبر إنجازا مهما لنا نحن الليبيين بعد ثورة فبراير، في حين أن وزارة الداخلية في بعض الدول هي التي تنظم الانتخابات وربما تحدد نتائجها مسبقا.. في حين أن دور مجلس النواب هو إصدار القوانين الخاصة بالانتخابات بعد التشاور مع المجلس الأعلى للدولة، كما نص عليه اتفاق الصخيرات. والبعثة الأممية دورها في ليبيا الدعم فقط.
س ـ بعض الليبيين يعتقدون أن الحديث عن انتخابات قبل إجراء مصالحة وطنية تطوي صفحة الخلافات ليس إلا محطة جديدة لإذكاء الصراع الأهلي، هل تعتقد أن هذا الطرح له معنى؟
ـ أعتقد أنه يجب أن نسير في خطوط متوازية وهي الانتخابات والمصالحة الوطنية وكذلك توحيد المؤسسة العسكرية وكذلك إخراج جميع المرتزقة والقوات الأجنبية التي وجودها غير شرعي في ليبيا.
س ـ بالمناسبة، هل ما زالت هناك مخاوف من تيار الإسلام السياسي في ليبيا؟
ـ هذه شماعة وبعبع وفزاعة يروج لها الإعلام الداعم لحفتر والممول خليجيا، خاصة من دولة الإمارات. والتيار الإسلامي أصبح محدودا وضعيفا اليوم في ليبيا ولا يشكل خطرا على أحد وليس هو العدو لبناء الدولة الديمقراطية.
الخطر الحقيقي هو عودة الدكتاتورية والشمولية، خاصة في شكل شخص عسكري ينصب نفسه حاكما أوحد مستبدا لا يعترف بأي رأي يخالفه، بل يقوم بسحقه.
س ـ قدم لنا فكرة عن حزب التغيير في ليبيا.. أطروحاته وخياراته؟
ـ حزب التغيير هو حزب سياسي ليبي، له توجه وطني وسطي وغير مصنف على أي تيار أيديولوجي في الساحة الليبية. وقد تم إشهاره في العام 2012.. وبعد مسيرة غنية لمدة تسع سنوات كان فيها حاضرا وفاعلا في المشهد السياسي الليبي، يستعد الحزب الآن لعقد مؤتمره العام الأول في الأسبوعين القادمين لانتخاب قياداته وإقرار سياساته الجديدة، وكذلك الاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية من خلال دعم العشرات من المترشحين في جميع مناطق ليبيا. ويطمح حزب التغيير لأن يكون أحد الأحزاب الرئيسية في ليبيا التي تؤسس لنظام مدني ديمقراطي أساسه الدستور وسيادة القانون والمواطنة والتداول السلمي والتعددية في الفكر والرؤى والسياسات.
ويؤمن حزب التغيير بأن ليبيا تملك ثروات بشرية وطبيعية هائلة تؤهلها لان تكون دولة متطورة مزدهرة وتلعب دورا ايجابيا داعما في فضاءها المغاربي وفي منطقة الشرق الاوسط والعمق الافريقي.
المصدر: عربي21