رامز الحمصي
تتشابه الأحداث التي تجري في كازاخستان منذ الأحد الماضي، مع ما حصل في سوريا عام 2011. ولا يقف التشبيه هنا فحسب بل إن كازاخستان طُبعت في ذاكرة الشعب السوري. بعد احتضانها لـ17 جولة من مسار أستانا الذي لم يفض إلى نتيجة فعلية حتى في آخر جولاته التي عقدت الشهر الفائت.
من سيحتضن مسار أستانا القادم؟
في تصريح مثير للجدل، قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، اليوم الخميس، أن سوريا تدعو إلى اعتماد لغة الحوار في معالجة الوضع الراهن في كازاخستان. وتعرب سوريا عن بالغ الأسف للأحداث الجارية والتي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار. ولا تخدم بأي حالة معالجة المطالب المشروعة للمتظاهرين.
أعاد هذا التصريح للأذهان مستقبل مسار “أستانا” الذي تحتضنه العاصمة نور السلطان منذ 2017، وكانت آخر جولة فيها في ديسمبر/كانون الأول الفائت. والتي انتهت مثل سابقاتها من الجولات، دون إحراز أي تقدم أو تفاهمات جديدة. ومن المقرر عقد جولة الـ18 القادمة في منتصف العام الجاري.
يقول المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، لـ”الحل نت”، إنه في حال لم تنجح مساعي القوات الكازاخستانية في قمع الاحتجاجات. فإن مسار أستانا سينتقل إلى مدينة سوتشي الروسية. ولا يوجد إشكال في ذلك كون المعارضة التي تشارك في أستانا تحت الوصاية التركية وزارت من قبل سوتشي.
وتوقع عبد الواحد، أن الانتقال إلى إسطنبول أو أنقرة مستبعد، كون الأخيرة لم تكن مستعدة لاستقبال وفد الحكومة السورية. في حين أن وفد الأخيرة سيشعر بسعادة أن يذهب لأنقرة تحت غطاء أنه أصبحت هناك الآن مفاوضات. وسيعتبر هذا نوعا من التطبيع. وفق تعبيره.
وحول احتمال احتضان إيران للمسار، أوضح عبد الواحد، أنه لا يعتقد أن تطرح إيران كخيار لاستئناف جولات المسار، كونها دولة غير مقبولة بالنسبة للغرب وستقوض تلك الصورة التي تحاول روسيا صنعها لهذا المسار على أنه مسار محايد، بالتالي يبقى الاحتمال الأكبر في حال لم تستقر الأوضاع في كازاخستان، بأنه سيجري بحث موضوع نقل المسار لمتابعته في سوتشي أو في موسكو.
ومن جهته أشار المحلل السياسي، أحمد مظهر سعدو، إلى عدم احتمالية وقف مسار أستانا. كون روسيا تسعى من خلاله لتعطيل مفاوضات جنيف. مرجحا حصوله في سوتشي أو بيلاروسيا.
وأوضح سعدو، أن أستانا الذي ساعد روسيا والحكومة السورية في قضم الكثير من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة. من المستبعد أن يختفي بسبب الأحداث التي تحصل في كازاخستان. إذ إن الأخيرة لم تكن سوى أرض مختارة لتمرير تلك القرارات.
لماذا ترمي روسيا بثقلها في نور سلطان؟
أعلنت موسكو، اليوم الخميس، إرسال طلائع قواتها لحفظ السلام في كازاخستان. واللافت في التصريح بأن المدة المحددة لهذا التدخل هو شهرا واحدا فقط.
ولا يستبعد عبد الواحد، أن تنجح السلطات الكازاخية في الحد من تزايد الاحتجاجات. بعد أن تبنت ذات الخطاب الذي سمع من أنظمة شبيهة إن كان في سوريا أو في بيلاروسيا وسرعت إلى القول أن هؤلاء إرهابيين ومؤامرة خارجية. ومن ثم طلبت الدعم من الحلفاء في روسيا وأرمينيا.
وتفسيرا للهلع الروسي، فإن كازاخستان استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991، واستلم الحكم آنذاك نزار باييف لمدة 30 عاما. ثم تبعه الحكم قاسم توكاييف والذي تولى مقاليد الحكم عام 2019، لأكبر دولة غير ساحلية في العالم. وتاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة.
وكانت روسيا وما زالت تواجه رعبا من الأحداث التي تجري في الدول الحليفة لها كما حدث في سوريا، وأوكرانيا وبيلاروسيا، والآن في كازاخستان.
ويرى المحللون في الشأن الروسي، أن روسيا وضعت ثقلها في نور سلطان، كونها البلد المصغر الذي يوازي الحكم في موسكو. في حين يرى الكرملين أن أي تفاوض مع المعارضين، سيؤدي إلى التنازل ويقود الدول الحليفة له إلى استنساخ التجربة.
ما الذي يحدث في كازاخستان؟
بدأت أحداث في كازاخستان، الأحد الفائت، إثر احتجاجات على رفع أسعار الوقود، إذ تعتبر كازاخستان مخزن للغاز بكلفة تقدر نحو 34 مليار دولار.
وأعلنت السلطات الكازاخية أمس الأربعاء، حالة الطوارئ على كامل أراضيها، بعد استقالة الحكومة. كما حظرت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة، بما في ذلك فيسبوك، وواتس آب، وتلجرام، ولأول مرة التطبيق الصيني “وي تشات”.
وعقب سقوط عدة قتلى، تطورت الحركة الاحتجاجية لإغلاق المتظاهرين لأحد المطارات في أكبر مدينة في البلاد ألما آتا. إلا أن المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، يرى أن روسيا ستسعى إلى التسويق لصورة أن الوضع في كازاخستان سيستقر مجددا.
المصدر: الحل نت