ورد في موقع “ستراتفور” (Stratfor) الأميركي أنه مع ازدياد عدد الدول العربية التي تحيي العلاقات مع الحكومة السورية بعد عقد من الحرب الأهلية والمحاولات الفاشلة للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد وخروج سوريا ببطء من العزلة، فإن نجاح الأسد في التعامل مع الانتفاضة الشعبية ببلاده ربما يتحوّل إلى دليل على أن القوة خيار صالح للغاية لقمع التهديدات الشعبية لسيطرة الأنظمة في الشرق الأوسط.
وأوضح محلل الموقع للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ريان بول في مقال له أنها مسألة وقت فقط قبل أن تستخدم أي دولة أخرى في المنطقة نموذج سوريا عند مواجهة التمرد العام الحتمي القادم في هذه المنطقة، التي تعاني من عدم المساواة الاقتصادية منذ مدة طويلة، والصراع الطائفي والاستبداد والفساد العميق والحكم غير الفعّال.
الدور الأميركي
وأشار الكاتب إلى أن كل الدول المطبّعة مع النظام السوري حليفة مقربة للولايات المتحدة، وعادة ما تكون حذرة من إثارة غضب واشنطن وإثارة العقوبات، لكن يبدو أنها قد حسبت أن واشنطن لا تريد إحداث خلاف مع شركائها الإقليميين بشأن سوريا، وهي دولة لا تهتم واشنطن فيها بتحسين الحوكمة الكلية، وتركز بدلا من ذلك في المقام الأول على التهديدات الأمنية في الشمال الشرقي لها.
وقد صمدت حسابات الدول المطبّعة حتى الآن، يقول بول، إذ لم تشر الولايات المتحدة بعد إلى أي نية لفرض عقوبات ردا على هذا التطبيع. وفي الواقع، يبدو أنه حتى واشنطن تجد استثناءات في إستراتيجيتها للعزل في سوريا، إذ تسعى الآن إلى إعادة تشغيل خط الغاز العربي الذي تم إغلاقه منذ فترة طويلة والذي يمتد من مدينة العريش المصرية إلى مدينة حمص السورية.
سيصبح نموذجا
وأضاف أن إذابة عزلة سوريا ليست المرة الأولى التي تكافأ فيها القوة في المنطقة، بل تضيف إلى الاتجاه الذي سيظل فيه الحكم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحد السيف.
وقال إنه بالنسبة للقادة في المنطقة، فإن نجاح الأسد في الاحتفاظ بالسلطة خلال العقد الماضي يضع أيضا نموذجا لكيفية النجاة حتى في أسوأ سيناريو لانتفاضة شعبية شاملة.
ومن المرجح أن ترى كل من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية شيئا في المثال السوري قد يكون مفيدا لهم في المستقبل. ففي لبنان، على سبيل المثال، امتنع حزب الله عن استخدام قوته الكبيرة لإعادة تشكيل السياسة لصالحه، حذرا من العودة إلى الحرب الأهلية. ولكن مع ظهور الصراع السوري بوصفه نموذجا يُحتذى، قد يعتبر حزب الله استخدام القوة أكثر جدارة بالاهتمام لتأمين قوته المحلية وشرعيته وسط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة في لبنان.
وفي العراق، ستتشجع المليشيات المدعومة من إيران على الحفاظ على التكتيكات العنيفة التي استخدمتها بالفعل لفض الاحتجاجات الموجهة ضدها، وربما العودة إلى التطهير العرقي الذي شوهد آخر مرة في العراق خلال ذروة الصراع الطائفي في 2006-2007، بعد رؤية النجاح الذي حققه الأسد في استخدام مثل هذه التكتيكات للحفاظ على سيطرته.
وفي إيران ستكون السلطات على استعداد للجوء إلى المزيد من تكتيكات الأرض المحروقة، خاصة ضد سكانها العرب، لقمع التحديات التي تواجه حكمها بحزم. بالإضافة إلى ذلك، ستثبت الحرب الأهلية في سوريا صحة السياسة الخارجية الإيرانية المتشددة، وتنذر بمزيد من التدخلات العسكرية في الخارج لصالح حلفاء طهران الأيديولوجيين.
المصدر: الجزيرة. نت