في حوارنا اليوم مع رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار، المحامي علي رشيد الحسن، نجوب في جولة حول العديد من القضايا السياسية والمهنية والوطنية، ونتساءل معه حول رؤيته
لما بعد الضربة الأميركية الغربية للنظام السوري. وكيف ينظر إلى انعكاسات ذلك على الأوضاع السياسية السورية ومستقبل العملية السياسية عمومًا، وكذلك ندخل وإياه في دور
تجمع المحامين السوريين الأحرار فيما يقومون به خدمة للمجتمع السوري في بلاد اللجوء، وهل من تشبيكات بينهم وبين بعض الهيئات والمنظمات السورية في المهجر، ومن هي الدول التي تتعامل مع التجمع من منطلق الاعتراف والدعم، ومع كل المعاناة التي يعيشها السوري خارجيًا على المستوى القانوني هل من آليات عمل يمكن أن تفيد التجمع بها السوريين ويساعدهم على تخطي العقبات، ولم ننس من سؤاله عن إمكانية قانونية بنظره يمكن القيام بها من أجل إحالة النظام المجرم إلى الجنائية الدولية.
عن الضربة الأميركية الغربية للنظام السوري قال: ” إن الضربة العسكرية الأمريكية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية بتعاون بريطاني فرنسي _بعد تهديدات سبقت التنفيذ_ كانت كما سبق لها نتيجة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، حيث قيمها وعدّها القائمون عليها آلية لتوقيف النظام السوري عن استخدام تلك الأسلحة فقط. ونحن نرى أنها آلية لحفظ ماء الوجه، ولم تكن بالقوة التي تحدث عنها ترامب في تصريحاته ولم تستهدف وزارة الدفاع أو قصر الرئاسة كما كان يهول بها. ونرى أنها ستمر كما مرَّ ما قبلها وإن هذا الأسلوب تلجأ أمريكا إليه دائمًا إذا وجدت مَن يساندها خاصة بريطانيا وفرنسا.
ونرى أن هذه الضربة مجرد تجربة أسلحة جديدة، ضمن سباق التسلح العالمي. والتي لن تخدم الثورة السورية أبدًا. وبالتالي لا نرى لها أي تأثير على العملية السياسية التي تخدم أهداف ثورة الشعب السوري. فالضربة لم تكن قوية لفرض الحل، بل لا يزال من المبكر الحديث عن إمكانية استئناف الحل السياسي في ضوء التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة، وروسيا وحلفائها من جهة أخرى، خاصة وأن الضربة الأمريكية لم تكن بتلك القوة التي تجبر روسيا للضغط على النظام من أجل القبول بالتسوية السياسية”.
وعن علاقات التجمع وأهم ما يقوم به خدمة للمجتمع السوري في بلاد اللجوء قال: ” إن تجمع المحامين السوريين الأحرار يهدف بالدرجة الأولى للتعريف بالمحاماة واستعادة مكانة هذه المهنة بالمجتمع كما يهدف لتكريس ثقافة حقوق الإنسان وإصلاح القوانين وتعميم ثقافة احترام القانون وكل ذلك عن طريق نشر الوعي القانوني بين السوريين في المهجر حيث أطلق التجمع حملة ((الثقافة القانونية ضرورة مجتمعية ))وذلك عن طريق الندوات والمحاضرات التي يقيمها التجمع في المهجر من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بالوعي القانوني والحقوقي لدى كافة فئات المجتمع. كذلك أصدر التجمع كتيبات ونشرات مطبوعة، كما استمر التجمع بمشاريع توثيق الحقوق والملكيات والوثائق المهددة بالفقدان لحفظ حقوق جميع الناس والبدء بالمشروع الجديد لتوثيق فقدان الملكية العقارية ورد المساكن وتوثيق الأحوال المدنية زواج ومخالعة. ” وأضاف ” إن روح التعاون والمساعدة وجدت منذ وجود البشرية، فالإنسان اجتماعي بالفطرة، والعمل الاجتماعي كان يتم عبر التاريخ في أشكال مختلفة، فردية أو جماعية، إلا أن دور المنظمات غير الحكومية أخذ يتبلور مع بروز دور الحكومات وتحديد مهامها، كما أن اندلاع الحروب وما ولدته من ويلات ومآس، كل ذلك شجع على تأسيس الجمعيات الطوعية وتأدية دور لا تمارسه الحكومات، كتنفيذ أعمال إنسانية بخاصةٍ في فترات الحروب، تهدف بشكل مباشر إلى تخفيف المآسي عن بني البشر. لقد حكم هذا النوع من العمل في سياقه الزمني ثقافتان مختلفتان، الأولى تعتمد على الإغاثة والاحسان والثانية على التضامن والتعاون، وفي ظل التطورات السياسية المتلاحقة في العالم، أخذت روحية التضامن والإنماء تحل مكان العمل الاحساني. إن تعاظم دور المنظمات غير الحكومية وازدياد نشاطها وحضورها على الصعيد العالمي جعلها تنال اعتراف منظمة الأمم المتحدة كشريك أساسي وفعّال في تقرير مصير البشرية ومستقبلها وفي الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته، حيث باتت هذه المنظمات تعتبر السلطة الثالثة في العالم بعد الحكومات والأحزاب. من هنا كان لا بد لنا من السير على هذا المنوال وهذه المبادئ، هكذا تتحصل الغاية من محاولة للوقوف على أبعاد وحدود التأثير الذي تباشره المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان بما لها من دور إيجابي في حماية المجتمع وحماية أمنه”. ثم قال: ” نحن حظينا باتصال مع مختلف المنظمات الاوروبية العاملة ضمن حقوق الانسان ولم تبد أي دولة ملاحظة أو اعتراض على تجمعنا بالعكس قمنا بالتشبيك مع منظمات عدة في أوروبا ومع ناشطين ذوي خبرة لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف وفي الأمم المتحدة من خلال الهيئة التنفيذية ومن خلال مكتبنا في دول الاتحاد الأوروبي وحظينا أيضًا بممارسة الاتصال في حياة الدول والمنظمات والجماعات بمكانة كبيرة ، حيث تمكنا من عملية نقل و تبادل معلومات بيننا وضم العديد من الناشطين والعاملين ضمن هيئات حقوق الإنسان العالمية والأوروبية. وحيث إن في كل منظمة عملية اتخاذ القرار تعتمد على عملية الاتصال حيث إن عملية الاتصال تقوم على مرتكزات :المُرسل و الرسالة و القناة التي يتم من خلالها نقل الرسالة و المستقبل و التغذية العكسية ، أي يمكن فهم المنظمات غير الحكومية من خلال دراسة رسائلها الاتصالية أي من خلال دراسة عملية انتقال المعلومات ولذلك نركز على القنوات التي تتدفق منها المعلومات و على أنواع المعلومات و كذلك على القواعد و الإجراءات التي تحكم الاتصالات داخل المنظمات و النظام السياسي و هذا انعكس من مختلف أنواع الاستجابات التي تلقيناها من نشر أهدافنا في مساعدة أهلنا في المهجر ودول اللجوء ومن نقل رسالة الشعب السوري المضطهد”. ثم تحدث دراساتهم بقوله ” إن مكتب الدراسات في تجمع المحامين السوريين الأحرار يعد دراسة قانونية حول المرسوم التشريعي رقم 10 لعام 2018 والمراسيم المتعلقة بهذا المرسوم وأطلق حملة جديده في 2018/4/14 تشمل معظم المدن التركية عنوانها (أملاك السوريين حق مقدس) تهدف إلى تفنيد المرسوم وتوعية السوريين في المهجر إلى مخاطره”.
وعن امكانية قانونية يمكن القيام بها من أجل إحالة النظام المجرم إلى الجنائية الدولية قال الحسن ” لقد ارتكبت في سوريا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني على مدار واسع النطاق راح ضحيتها المدنيين الأبرياء، ومازالت هذه الجرائم ترتكب لحد الساعة حيث يستمر النظام في شن غارات جوية وعمليات قصف عشوائية على الأماكن التي يتواجد فيها السكان، وقتل مئات المدنيين وعمليات التعذيب والاحتجاز التعسفي، وهذا ما يؤكد أن القوات النظامية التابعة للنظام مسؤولة عن تلك الجرائم الشنيعة وبات أمر محاكمة مرتكبي هذه الجرائم لابد منه، باعتبار أن مساءلة مرتكبي الجرائم الدولية جنائيا يعد بمثابة مبدأ من مبادئ القانون الجنائي الدولي و يشكل قاعدة آمرة لا يمكن مخالفتها، وهذا مبدأ كرسه نظام المحكمة الجنائية الدولية حتى لا يفلت من العقاب المجرمين الذين اقترفوا جرائم التي توصف على أنها أشد خطورة على السلم و الأمن في المجتمع الدولي.
وعلى هذا الأساس فإن الجرائم التي ارتكبت حق الشعب السوري تشكل جرائم دولية نصت عليها المادة الخامسة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تستوجب محاكمة كل من ارتكبها أو ساهم أو حرض على ارتكبها ومن هنا تطرح الإشكالية الرئيسة التالية: إن الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري تشكل جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وتستلزم معاقبة مرتكبيهـا تحقيقـا للعدالــة ومنع الإفلات من العقاب و باعتبار أن سوريــا لم تصـادق علـى نظــام رومــا الأسـاسـي و لم تقـم بإيـــداع اعـلان قبـول اختصـــاص المحكمــة فإنـه لا ينطبق عليهــا اختصاصهــا رغم أن الجرائــم المرتكبة بحـق الشعـب السـوري تدخـل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، و يبقى السبيل الوحيد حتى تتمكن المحكمة من مساءلة مرتكبي الجرائم في سوريا هو قيام مجلس الأمن بإحالة القضية إليها استنادا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأنه يملك صلاحية تكييف أي حالة على أنها تشكل تهديـد للسلـم و الأمن الدولييـن، و باعتبار مجلـس الأمــن يتكـون من الدول الخمسـة الدائمـة العضويــة التـي تملك حق الفيتـو فقـد تـم نقض مشـروع قرار إحالــة الوضـع فــي سوريـا علـى المحكمـة الجنائيــة الدوليــة مـن قبـل روسيــــا و الصيـــن عـدة مرات لأسبـــاب سيـاسيــــة تخــدم مصالحهم، و بالتالي يبقى حق الفيتو الذي تملكه الدول الدائمة في مجلس الأمن لعبة في يدها تحركه وقت ما تشاء حسبما يخدم مصالحها مما يعيق عمل مجلس الأمن خصوصا أمــام الحالات التي تنتهك فيها حقوق الإنسان في مختلف دول العالم لاسيما المناطق العربية.
لذلك فإننا في تجمع المحامين السوريين الأحرار باشرنا بتقديم نشرات ووثائق ومقالات وتقارير إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي من صلاحيته تلقي الشكاوي في المحكمة الجنائية الدولية التي تبدي تعاطفها مع الشعب السوري، و بدأ في التحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا إلا أنه يصطدم بحق الإرجاء النظر في القضية من قبل مجلس الامن الذي يملك صلاحية توقيف التحقيق لمدة 12 شهرا قابلة للتجديد دون تحديد عدد التجديدات مما يعيق استمرار المحكمة الجنائية الدولية في ممارسة اختصاصها في النظر في الدعوى المرفوعة أمامها، ولكن تبقى الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري قائمة ولا تسقط بالتقادم وبالتالي فإن المسؤولية الجنائية لمرتكبي هذه الجرائم تبقى مستمرة مهما طال الزمن ، وهناك طريق آخر من خلال صلاحيات بعض الدول من النظر ووفقا لقوانينها الداخلية ببعض الجرائم التي ارتكبت في سوريا خاصة إذا وصل المدعي أو المتهم إلى أراضيها وكانت لنا متابعات ومشاركات في مثل هذه الدعاوي التي لقيت ترحابًا ونظرًا.”