علي بردى
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ما يحصل في سوريا منذ عام 2011 بأنه «صراع وحشي»، معتبراً أن الدمار الذي واجهه السوريون «لا مثيل له في التاريخ الحديث»، غداة إعلان الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو أن هناك «ثغرات» و«تناقضات» في المعلومات التي قدمتها السلطات السورية بشأن برنامجها للأسلحة الكيماوية، مشددة على أن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً يشكل «انتهاكاً صارخاً» للقانون الدولي، داعية إلى «القضاء عليها، ليس فقط في سوريا ولكن في كل مكان».
وفي كلمة في الذكرى السنوية الحادية عشرة للحرب في سوريا، وصف الأمين العام ما يحصل بأنه «صراع وحشي»، مشيراً إلى ما «تعرض له السوريون من انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع ومنهجي». وقال إن «الدمار الذي عاناه السوريون واسع النطاق وقاتل لدرجة أنه لا يوجد مثيل له في التاريخ الحديث»، مضيفاً أنه «يجب ألا يكون هناك إفلات من العقاب». ومع ذلك أكد أنه «يجب ألا نفقد الأمل» من أجل «القيام بكل ما هو ضروري للتوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2254»، بما يوجد «الظروف اللازمة للعودة الطوعية للاجئين بأمان وكرامة»، ويكفل «التصدي للإرهاب واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها واستقلالها». وشدد على أهمية «عمليات تسليم المساعدات عبر الخطوط وعبر الحدود للوصول إلى ملايين الأشخاص المحتاجين». وحض على «عدم خذلان الشعب السوري».
– مجلس الأمن
وكان مجلس الأمن عقد اجتماعه الشهري بخصوص الأسلحة الكيماوية السورية، واستمع إلى إفادة من ناكاميتسو التي انتقدت الحكومة السورية لرفضها المتكرر الرد على أسئلة حول برنامجها للأسلحة المحظورة دولياً. وإذ جددت مطالبتها لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، مشيرة إلى أن فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يواصل جهوده لتوضيح القضايا العالقة المتعلقة بإعلانات سوريا المقدمة وفقاً لاتفاقية الأسلحة الكيماوية، قالت إنها تبلغت من الأمانة العامة للمنظمة بأنها لم تتلقَّ الإجابات المطلوبة على «كل أنواع وكميات عوامل الحرب الكيماوية التي جرى إنتاجها أو تهيئتها في شكل أسلحة بمرفق إنتاج أسلحة كيماوية سابق كانت الجمهورية العربية السورية أعلنت أنه لم يستخدم قط لإنتاج أسلحة كيماوية أو تهيئتها في شكل أسلحة»، بالإضافة إلى أن «المنظمة لم تتلقَ بعد المعلومات والوثائق المطلوبة من سوريا في شأن الأضرار الناجمة عن هجوم 8 يونيو (حزيران) على منشأة عسكرية تضم مرفقاً سابقاً لإنتاج الأسلحة الكيماوية»، فضلاً عن أنها «لم تتلقَ أي معلومات من سوريا حول الحركة غير المصرح بها وبقايا أسطوانتين مدمرتين تتعلقان بحادث سلاح كيماوي بدوما في 7 أبريل (نيسان) 2018»، داعية الحكومة السورية إلى الاستجابة لهذه الطلبات «بالسرعة اللازمة».
– لا يمكن إغلاق الملف
وأسف ناكاميتسو لأنه «حتى الآن لم يتمكن» فريق الأمانة الفنية من إجراء الجولة 25 من المحادثات بدمشق، بسبب «الرفض المستمر» لسوريا لإصدار تأشيرة دخول لأحد الأعضاء. وحثت السلطات السورية على تسهيل الإجراءات لنشر فريق تقييم الإعلان والامتثال للقرار 2118، بما في ذلك من خلال السماح بالوصول الفوري وغير المقيّد للموظفين المعيّنين من الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية «في أقرب وقت ممكن». وأوضحت أنه «فقط من خلال التعاون الكامل (…) يمكن إغلاق كل القضايا العالقة»، لافتة إلى أنه «نتيجة للثغرات التي تم تحديدها والتضارب والتناقضات التي لم يتم حلها، فإن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تواصل تقييم – في هذه المرحلة – الإعلان المقدم من سوريا على أنه لا يمكن اعتباره دقيقاً وكاملاً، وفقاً لاتفاقية الأسلحة الكيماوية». وكشفت أن الأمانة الفنية للمنظمة «تعتزم القيام بالجولات المقبلة للتفتيش في مرفقي البرزة وجمرايا التابعين لمركز الدراسات والبحوث العلمية السورية خلال عام 2022». وأشارت إلى الكشف عن مادة كيماوية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، لكن «يؤسفني أن أبلغ المجلس بأن الجمهورية العربية السورية لم تقدم بعد معلومات فنية كافية أو تفسيرات تمكّن الفريق من إغلاق هذا الملف».
وذكرت المسؤولة الأممية في التقرير الأخير للمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو أرياس حول ما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي و31 منه، أنه (أرياس) أفاد في يونيو (حزيران) الماضي بأن الخبراء حققوا في 77 ادعاء في سوريا وخلصوا إلى أنه في 17 حالة كان من المحتمل أو المؤكد استخدام هذه الأسلحة. وخلص تقريره إلى استخدام خردل الكبريت بمارع في 1 سبتمبر (أيلول) 2015 واستخدام أسطوانة كلور بكفر زيتا في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2016. وإذ كررت أن استخدام الأسلحة الكيماوية يشكل «انتهاكاً صارخاً» للقانون الدولي و«إهانة لإنسانيتنا المشتركة»، دعت إلى «التيقظ لضمان عدم استخدام هذه الأسلحة الفظيعة، والقضاء عليها، ليس فقط في سوريا ولكن في كل مكان»، مؤكدة التزام الأمم المتحدة العمل مع جميع الدول الأعضاء، مع ضمان محاسبة المسؤولين عن استخدامها.
– بين سوريا وأوكرانيا
وأسف نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز لأن سوريا تتلقى مساعدة حليفتها روسيا في مجلس الأمن، علماً بأن موسكو «نشرت معلومات مضللة مراراً وتكراراً في شأن استخدام سوريا المتكرر للأسلحة الكيماوية». وأضاف: «يجب أن توضح شبكة الأكاذيب الأخيرة التي أطلقتها روسيا في محاولة لتبرير الحرب المتعمدة وغير المبررة التي شنتها ضد أوكرانيا، بشكل نهائي، أنه لا يمكن الوثوق أيضاً بروسيا عندما تتحدث عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا».
وكذلك لاحظ نظيره البريطاني جيمس كاريوكي «أوجه التشابه الواضحة» بين عمل روسيا في أوكرانيا، مثل «محاصرة المدن، وقتل المدنيين بشكل عشوائي، وإجبار الملايين على الفرار بحثاً عن الأمان»، وأفعالها في سوريا. وأسف لأن «المقارنة تمتد أيضاً لتشمل الأسلحة الكيماوية، حيث نرى الشبح المألوف للمعلومات المضللة عن الأسلحة الكيماوية الروسية يرفع رأسه في أوكرانيا».
في المقابل، أشار نائب المندوب الروسي دميتري بوليانسكي إلى أنه طلب قبل عشرة أيام تعديل الجدول الزمني لتجنب «الاجتماع من أجل الاجتماع»، علماً بأن المجلس يناقش سوريا مرتين على الأقل في الشهر، بينما يجتمع في شأن مواقف ناشطة أخرى، مثل ليبيا، كل شهرين فقط. وشكك في تقارير المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو أرياس الذي يجب أن يجيب عن الأسئلة المعلقة.
ورأى ممثل الصين أن منظمة الحظر أنه على مديره العام «بذل جهود أكبر لدعم الموضوعية والحياد»، مطالباً بـ«تقليص وتيرة الاجتماعات حول ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا».
المصدر: الشرق الأوسط