أحمد صقر
أكد مختصان فلسطينيان، أن رعب حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تقف على شفا الانهيار، دفعها إلى الإعلان عن نيتها منع “جماعات الهيكل” المزعوم، من محاولة إدخال قرابين “عيد الفصح” اليهودي إلى المسجد الأقصى المبارك، لما لهذه الجريمة من تداعيات خطيرة قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع في الأرضي الفلسطينية المحتلة.
وتعم حالة من التوتر المتصاعد والترقب في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، مع عزم الجماعات المتطرفة اقتحام المسجد الأقصى الجمعة، الذي يتزامن مع أول أيام “عيد الفصح” لتقديم القرابين.
واندلعت مواجهات عنيفة في باحات المسجد الأقصى إثر اعتداء قوات الاحتلال على المصلين فيه، الذين احتشدوا لصد اقتحامات المستوطنين منذ فجر الجمعة، بحجة “عيد الفصح اليهودي”.
دائرة الصراع
وخوفا من انفجار الأوضاع نتيجة تواصل انتهاكات وجرام الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، دخلت قوات الاحتلال في القدس والضفة الغربية بحالة تأهب أمني قصوى.
وفي قراءته لما يجري حاليا في القدس وعزم المتطرفين اقتحام المسجد الأقصى وتقديم قرابين “عيد الفصح” اليهودي، وخشية حكومة الاحتلال الإسرائيلي من تفجر الأوضاع الأمنية هنا، أوضح الباحث والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي وشؤون القدس، صالح لطفي، أن “هناك قاعدتين تشكلان قاعدة مشتركة في فهم الحالة التي تجري الآن في المسجد الأقصى”.
وأوضح في حديث خاص لـ”عربي21“: “الأولى؛ أن المسلمين وعلاقتهم بالمسجد الأقصى في الداخل الفلسطيني وفي القدس والضفة وقطاع غزة، تتنامى بشكل غير مسبوق؛ من الناحية الروحية والعقدية، وأيضا من ناحية الفهم السياسي لأهمية المسجد الأقصى المبارك في دائرة الصراع القائم الآن، التي حاولت القوى العلمانية والسياسية المتعلمنة، التي تحكمت في القرار السياسي الفلسطيني والعربي عموما، أن تبعده عن الخارطة أو عن معادلات الصراع”.
والثانية بحسب لطفي، أن “المجتمع الإسرائيلي متنبه إلى أهمية القدس والمسجد الأقصى؛ ومن ثم فهذه المعادلة؛ هي الحاكمة للظرفية القائمة سياسيا في منطقتنا، ما أسميها فلسطين التاريخية؛ القدس، الضفة الغربية، قطاع غزة والداخل الفلسطيني”.
وأضاف: “بناء على ما سبق، فمسألة المسجد الأقصى ذات حساسية عالية”.
وتابع: “هناك صراع داخل المؤسسة الإسرائيلية، ما بين الفكر الديني الصهيوني والفكر الديني الحريدي، علما بأن الفكر الديني الحريدي هو الحاسم في القرار الحكومي (الرسمي)، على الرغم من أن المؤسسة الإسرائيلية الآن تتجه نحو التدين الصهيوني، وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعل “إسرائيل” كدولة تتخوف من المس بالمسجد الأقصى المبارك”.
رعب الانفجار
ونبّه الباحث، إلى أن “كل المناطق؛ القدس، الضفة الغربية، قطاع غزة، الداخل الفلسطيني، عند المس بالأقصى ستلتهب، وستكون هناك انتفاضة لن تستطيع المؤسسة الإسرائيلية، لا بقوتها العسكرية ولا بقوتها الأمنية أن تسيطر حينها على الأوضاع”.
وعن مدى صدق حكومة الاحتلال في عزمها وقف نشاط المتطرفين وإبعاد طقوسهم التلمودية عن المسجد الأقصى المبارك، رأى لطفي، أن ” المؤسسة الإسرائيلية حاليا صادقة لسببين؛ أولا؛ نحن أمام جدل علاقة جديد ونامٍ بين المؤسسة الإسرائيلية في ظرفيتها الراهنة ومحيطها الإقليمي؛ العربي والإسلامي، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ تجديد علاقاتها مع تركيا ليس مجانا، وهناك ثمن”.
وقال: “المتنبه لإشارات الخارجية التركية، تؤكد أن هذه العلاقة مؤسسة على منطق المصالح، وشرط هذه المصالح وتنميتها وتطويرها، هو باختصار شديد؛ عدم المس بالمسجد الأقصى المبارك من جهة، ومكانة الفلسطينيين من جهة أخرى، لذلك المؤسسة الإسرائيلية لن تسمح للتيار الديني الصهيوني أن يقوم بأعماله التي أعلن عنها برش الدم في المسجد الأقصى المبارك”.
ولفت المختص إلى أن حكومة الاحتلال أجبرت على منع المتطرفين من أداء طقوسهم التلمودية في “عيد الفصح” داخل المسجد الأقصى المبارك، من أجل الحفاظ على مصالحها الدولية والإقليمية، خشية الانفجار”.
من جانبه، أوضح المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر، أن “معركة القدس، جاءت نتيجة تداعيات المواجهة الشعبية بين الشعب الفلسطيني في القدس وخاصة بالأقصى”، لافتا إلى أن “شهر رمضان كانت جرت العادة في الأعوام السابقة، هو مناسبة للتحشيد الشعبي ضد انتهاكات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى، ما يتسبب بمواجهات وتصادم مع جيش الاحتلال”.
حكومة مفككة
ونبّه في حديثه لـ”عربي21“، أن “رمضان هذا العام، جاء وسط حالة من التصعيد غير المسبوق، وما زاد التوتر حدة، تزامن رمضان مع أعياد الفصح اليهودية، التي تشكل مناسبة للمتطرفين لاقتحام المسجد الأقصى، ومحاولات أداء طقوسهم الدينية في ساحات الأقصى، وتوج هذا بإعلان “جماعة أمناء” عن نيتهم القيام بذبح القرابين داخل الأقصى”.
ولفت أبو عامر، إلى أن “حكومة الاحتلال المفككة، خضعت لضغوط عناصر اليمين المتطرف، الذي يبتز رئيس الوزراء نفتالي بينيت، حيث سمح مؤخرا للنائب المتطرف إيتمار بن غفير باقتحام الأقصى، ما ساهم في زيادة حدة التوتر في المنطقة”.
وما ساهم في تصاعد حالة التوتر، “العمليات الفدائية الأربع، التي ضربت مدن الاحتلال بالداخل المحتل (الخضيرة وبئر السبع وتل أبيب)، وأدت لمقتل 12 مستوطنا إسرائيليا وإصابة آخرين، وتزايد عدد الشهداء برصاص جيش الاحتلال في الضفة العربية وتواصل وحملات الاعتقالات، إضافة لتأكيد فصائل المقاومة في غزة، أنها لن تصمت على أي محاولة لتدنيس المسجد الأقصى”، وفق تقديره.
وذكر المختص، أن “توتر الأوضاع إلى هذا الحد، دفع الأطراف الدولية والإقليمية للتدخل، من أجل تجنب تدهور الموقف في المنطقة، ونتيجة لهذا الموقف المتأزم، أدرك بينيت أن الدعوات لإدخال القربان إلى الأقصى، إنما تأتي في سياق الضغط من الأحزاب الدينية اليمينية المعارضة والموالية لخصمه بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لإسقاط حكومته”.
وأكد أن “هذا ما يفسر إعلان بينيت، أن جماعات الهيكل لا نية لديها بذبح القربان داخل الأقصى، وكذلك تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة أوفر جنتلمان، الذي نفى مثل هذه الأخبار، وفي ذات الوقت، إبعاد شرطة الاحتلال 4 من المشاركين بالدعوة لإدخال القربان إلى المسجد الأقصى”.
ورجح أن “تعمل حكومة الاحتلال على منع انهيار الأوضاع المتدهورة أصلا، وتمنع المتطرفين من محاولتهم إدخال القربان لساحات الأقصى؛ وهذا ليس لقناعة منهم بل لخوفهم من تدهور الموقف من جهة والسعي للمحافظة على حكومتهم المتصدعة، لاسيما أن هناك مخاوف من خروج اعضاء من القائمة العربية من الحكومة إذا جرت مواجهة مع غزة، وفي الوقت نفسه يسعى بينيت إلى مغازلة القائمة العربية المشتركة”.
المصدر: عربي21