لم تكن رواية ” الياطر ” ل (حنا مينه) سوى عملا أدبيا يستغرق جل وقته في يم لا قرار له، لكنها الرواية الأدبية الأولى التي أقرأها للكاتب والروائي السوري المشهور ” حنا مينه ” حيث لم أشأ أن أكتفي بالكتابة عنه قبل القراءة له، ودون أن ألامس عملا أدبيًا روائيا معروفا لهذا الكاتب وهو الرجل الذي يعرفه الاعلام أكثر مما يعرفه عامة الناس أو ملاقحي الثقافة في سورية.
والحقيقة فان سبب ابتعادي عن قراءته، كان قد ارتبط بحجم الشهرة التعويمية المصطنعة التي اشتغل عليها الاعلام عبر سنين طويلة ، وذلك على حساب الكثير من الروائيين والأدباء السوريين أمثال ” فواز حداد ” أو “عبد الرحيم الملوحي” رحمه الله ، وغيرهم الكثير من أدباء وقاصين نجلهم ونحترمهم ونفتخر بأعمالهم الأدبية والقصصية : ك ” ابراهيم صموئيل ” و” أسامة الحويج العمر ” وآخرين كثر …والآن أما وأنني قد قرأت مؤخرًا ” الياطر ” فأود أن أقول : لا شك أنها تعتبر من الأعمال الأدبية الجيدة ، لكنها ليست الأفضل ، وليست بمستوى الشهرة التي واكبت صعود ” حنا مينه “.
إنها رواية شعبية لا ترتقي أبدًا الى مصاف و أعمال “عبد الرحمن منيف” ، ولا الى أعمال “نجيب محفوظ” …هي عمل أقرب الى العمل الدرامي المسلسلاتي ، لكنه يعج بالبذاءة والمجون ، بسبب أو بغير سبب ، فهو عمل مليء بالألفاظ النابية ، وهو مستغرق بإسهاب في العلاقة الجنسية والغرامية الماجنة في بعض الأحيان بين بطل الرواية ” زكريا المرسنلي ” وعشيقته ” شكيبة ” وكان بالإمكان جر الحكاية الى ما تريده دون هذا الاستغراق التفصيلي في الجنس، وبالعملية الجنسية بين البطلين ، أو لعل ذلك كان بسبب الهدف الترويجي، ليبيع في السوق أكثر على اعتبار أن الناس عادة تميل الى مثل ذلك .
وكان من الضرورة بمكان أن يجري السرد الحكائي عن أمور كثيرة في المجتمع هي أهم مما طرح، ولعله – أي الكاتب _ قد تجنب ذلك وهو الذي أكده على لسان بطله في الرواية حيث قال: ” لا لن أتحدث عن عريي، سأدعه سرًا، لن أقول إنني دببت كجرذ على أربع، وأن الخوف جعلني أتخلى عن ثيابي وأظل معلقا مثل (الشمندورة) بين السطح والقاع، ثم أخرج من البحر عاريا أستر عورتي بكفي “.
لعله كذلك: الخوف والسر والدبيب كجرذ جعله كذلك، والله أعلم.
ناهيك عن الكثير من العبارات الواردة في الرواية والتي لا تحترم المسائل “الايمانية اللاهوتية” لدى مجمل الأديان، علاوة على أن القاتل (المرسنلي) جعله في آخر الرواية إنسانا ودودًا محبًا صاحب قيم وأخلاق، بل وشهامة، ليعود ويثبت الرجولة، حيث لا رجولة كما قال.
” الياطر ” عمل أدبي روائي فيه الكثير من الشغل الأدبي، وفيه الكثير من الحكاية الروائية السلسة والمشوقة، لكن فيه أيضا الكثير من المنزلقات والأخطاء، وهو عمل روائي أقل ما يقال فيه أنه لا يرتقي الى ذؤابات الشهرة التي وصل إليها ” حنا مينه ” في زمنه الآني.